تناهت إلى سمعنا، ومن مصادر موثوقة، إن مجموعات مسلحة مجهولة الهوية، وبسيارات بيك آب بدون نمر وتشخيص، يقومون بقصف الأراضي التركية، من أطراف القرى الكوردية تحديداً، بشكل عشوائي، وبأسلحة متوسطة الحجم لا تأثير عسكري لها خلف الحدود، ويتم الرد من الجانب التركي بعد وقت كاف لاختفاء السيارات من أماكن القصف، وتتبعها بيوم أو أقل قصف من الدرونات، والسؤال هنا:
1- هل هؤلاء أشخاص-مجموعات تم تجنيدهم من قبل تركيا أو أدواتها؟ لتملك الحجة:
أولاً- بالرد وقصف المنطقة.
ثانيا- تقدمها كوثائق عسكرية لروسيا وأمريكا على أن قصفها للمنطقة ليس سوى رد على ما يتم من جانب الإدارة الذاتية.
ثالثا- لتبين على أن المنطقة غير آمنة وفيها عناصر تهدد الأمن التركي، وبالتالي يجب أن يسمح لها بالاجتياح، لتنقية المنطقة من العناصر التخريبية، أي حماية أمن حدودها.
رابعا- وهنا ربما الأهم، استنزاف المنطقة سياسيا وعسكريا وديمغرافية، بحيث تغلق أمام الإدارة الذاتية كل الأبواب إلا باب قبول شروط النظام والتي تفرضها روسيا، أي عمليا تركيا تفضل سلطة الأسد على أي كيان كوردي في المنطقة.
2- أم أن قوات قسد، أو قوات الـ ي ب ك أو توابعهما هي التي تقوم بالقصف؟ وإن كانت هذه حقيقة، فما هي الغاية؟
أولا- هل مثل هذا الرد كاف لردع تركيا، وهي تدرك أكثر من غيرها أنها عمليات شبه انتحارية، وإدراجها كمواجهة ونضال جهالة عسكرية-سياسية، خاصة وأنها بذلك تعرض البقية الباقية من الشعب إلى الهجرة، وتعطي الحجة لتركيا بالحصول على ما تبتغيه.
ثانيا- هل تقوم بذلك لتصبح لها الحجة بفتح قنوات التواصل والحوار مع روسيا لإعادة نظام الأسد إلى المنطقة.
ثالثاً- خلق فوضى في المنطقة لتقنع أمريكا على أن تركيا تقوم بعمليات القصف لتمهد لعودة أدواتها ومن ضمنهم مجموعات داعش، بعد أن يتم إخلاء المنطقة من قبل قسد.
3- الغريب، بل والأغرب في العمليات الإجرامية هذه، لماذا يتم القصف من الجانبين: من غربي كوردستان أي من منطقة الإدارة الذاتية، ومن الجانب التركي، على القرى الكوردية وأطرافها حصراً. فمنذ بدء الحوادث وتصعيدها وحتى اللحظة، لم يتم تسجيل أية حادثة قصف ومن الجانبين حول أو على قرى الغمر حتى تلك القريبة من القرى الكوردية، ولا مناطق تواجد المكون العربي؟ فهل مجموعات الغمر المتواجدين ضمن قسد تم تجنيدهم من قبل تركيا للقيام بالعمليات؟ أم أنهم يقومون بالعمليات بأوامر قادة من قوات قسد؟ أم للسلطة أيادي بينهم؟ التخمينات الأخيرة كسابقاتها، لا بد من البحث فيها وعنها لتبيان الحقيقة.
الشعب الكوردي حصراً دون المكون العربي في المنطقة، أمام كارثة إنسانية تضاف إلى ما يعانوه، وهذه أخطر من سابقاتها، ستؤدي إلى ظهور موجات جديدة من الهجرة الداخلية والخارجية، في الوقت الذي يظل فيه المكون العربي آمناً، نقولها ليس كناية بل لتبيان الحقيقة، وعليه تتطلب من قوى الإدارة الذاتية وقوات قسد ومن القوات الروسية الراعية للاتفاقية الأمنية تبيان ما يتم تروجيه، نفيه أو تبيان الجهات التي تقوم بهذا العبث.
هل تركيا ورائها من خلال أدواته؟
هل قوات قسد لها غاية وجندت للعمليات مجموعات غير منضبطة؟
هل سلطة بشار الأسد وأدوات إيران ورائها ليتمكنوا من فرض شروطهم على الإدارة الذاتية، والعودة إلى المنطقة؟ وهل تدعمها روسيا، بالتغطية عليها، وهي الأكثر معنية وقادرة على تبيان الحقيقة، مع ذلك تظل صامتة؟
لماذا الصمت الأمريكي؟ هل تشك بنوايا قسد؟ أم أنها لا تريد خلق إشكاليات مع تركيا وهي على أبواب ظهور صراع مع المارد الصيني، وستحتاج حينها إلى الجانب التركي وعلاقاتها مع شرق أسيا، والدول الإسلامية في تلك المنطقة؟ رغم أنها وحتى اللحظة ليست هناك أية بوادر تخليها عن شرقي الفرات، ولا عن قوات قسد، وهي الأداة الوحيدة بيدها في محاربة الإرهاب ” داعش”.
نعود ونكرر، على الإدارة الذاتية قبل أي من الأطراف المذكورة توضيح ما يتم؟ فمصيرها مرهونة بالمسيرة الجارية، وقد تؤثر على قادمها قبل قادم الشعب الكوردي في المنطقة.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية