مكانة المرأة في الأديان الكوردية (9)
بعد إنشاء مملكة ميديا، تمّ إفساح المجال تدريجياً لتحوّل النظام الأمومي إلى النظام الأبوي، الا أنه على الرغم من هذا التغيير، كانت المرأة لا تزال تحظى بتقدير واحترام كبيرَين، وكانت مسؤولة عن الزراعة وتتبوأ مناصب سياسية وقضائية قيادية، حيث أنّه بِسقوط الامبراطورية الميدية إنتهى نظام الأُم. في ظل الامبراطورية الميدية، كان يمكن لإبنة الملِك أن ترث حُكمه. رغم بدء حلول النظام الأبوي محل النظام الأمومي، إلا أنّه بقيت النساء الميديات يحتفظن بِواجباتهن الاجتماعية والقانونية، بالإضافة إلى مسؤوليات الأُسرة، مع تقليص حقوقهنّ بشكل طفيف فقط، حيث أنّ علماء الآثار يذكرون أنّ مكانة المرأة الميدية لم تختلف إلا قليلاً عن الرجل الميدي. كما أنّ المرأة الميدية كانت لا تُغطّي نفسها بالحجاب.
كان الميديون يعبدون إلهة الماء (أناهيتا “ناهيد”)، التي كانت رمزاً للمرأة التي بُنيت له معبد في مدينة (كەنگاوەر Kengawer) الواقعة في شرق كوردستان [1]، حيث كانوا يشربون الشراب المقدس لأعشاب (هوما) [2] والتضرع الى النار وتقديم القرابين. كما أنهم إعتقدوا بالإلهة (أرتا)، التي كانت المنبع الواقعي للأخلاق [3].
يذكر (سترابون) أنه في سنة 612 قبل الميلاد عندما أسقط الميديون والبابليون الإمبراطورية الآشورية وحرّر الميديون مدينة الموصل، قام الملِك الميدي (كَيْخَسْرَو) بِتعيين إمرأة ميدية حاكِمة لتلك المدينة [1] [4]. كانت (يوتاب) إحدى النساء الميديات التي إشتهرت بالبطولة في الحرب ضد الأسكندر المكدوني التي حدثت في جبال بَخْتياري. هذه البطلة الميدية أصبحت فيما بعد حاكِمة لِآذربايجان [5].
سيدة الجنائن المعلقة
(أميديا) أو (أوميد) كانت إبنة الملِك الميدي (أستياگ) وحفيدة الملِك (كَيخَسْرَو) التي تزوجت الملِك البابلي (نبوخذنصر الثاني) (حكم سنة 605 – 562 قبل الميلاد). (أوميد) هي التي أتت بِفكرة الجنائن المعلقة، لأنها كانت من ميديا وتشتاق لبلادها ذات الجبال الشاهقة. لقد تمّ زرع الأشجار والأزهار فوق أقواس حجرية إرتفاعها 23 متراً على سطوح الأراضي المجاورة للقصر وكانت تُسقى من مياه الفرات بواسطة نظام ميكانيكي معقد. عالِم الآثار البريطاني السير ليونارد وولي (Sir Leonard Woolley) يشير إلى أنّ الحدائق بُنيت داخل أسوار القصر الملِكي في مدينة بابل القديمة في بلاد ما بين النهرَين، وهي عبارة عن حدائق على السطح، وضِعت على سلسلة من المدرجات التي تروى بواسطة مضخات من نهر الفرات، حيث إنّها لم تكن في الواقع معلّقة، بل كانت عالية في الهواء.