زاحم جهاد مطر
حدثنا عبد الله بن بهلول:
يقول أحمد بن اليعربي ، في كتابه من نوادر العرب ، في بلاد المشرق والمغرب ، وفي باب أهل الفضل والأدب ، في رحاب الأنس والطرب ، كان صاحبنا معلم الأدب ، فصيحاً بليغاً أكثر من المُخَطْرَبِ ، وفي علم الحروف كالأثب ، يكتب كل فنون الأدب ، ويسير في كل طريق مثقب ، وقلمه يفعل فعل الثنطبِ في الجريد والقصب ، وعندما يقول يا حروف إنثعبي ، تأتيه كالسيل العرم لا كالثغبِ ، وقف يوماً يحاور تلميذه الأدبي ، قال له: بأمي أنت وأبي ، سوف أقول مطلبي ، فرّق فقط بين الحرير والقنّب ، وبين التفاح والحبحبِ ، ولا تساوي بين الفيل والجندبِ ، واعلم ان البعير غير الأحقبِ ، والحصرم غير الأنبِ ، فرد التلميذ بتواضع ليس بغضب ، يا معلمي ومؤدبي ، أنت الأعلم بطريقي ومذهبي ، وحبي للتراث الأصيل الذهبي ، لكني يا سيدي اعيشُ في الزمان الأخيبِ ، حيث سُرقَت مِنّا السلة بالعنبِ ، وأخذَ الغزالُ قبل الأرنبِ ، وقُطعَ اللسانُ فينا قبل الذَنَبِ ، وظُلِمنا بلا خطيئةَ أو سبب ، وذقنا طعم الزّقوم في المأكلِ والمشربِ ، وصرنا نلوذُ بالجدبِ ، ونستلّذُ بالجشبِ ، ونخاف من الأبعدِ والأقربِ ، وجلْدنا ذاب في الجُذام والجربِ ، وخلا نخلنا من الرطبِ ، وكرْمنا من العنبِ ،ونهرنا من العذبِ ، وشُح المطر من المُخَصِّبِ ، وقائل الحق خارج السرب ، يخشى مصير الحلاج وابن العربي ، وصار شربنا من الماء الحُثرب ، وأمرنا بالأحدب ، عند مجنون حردبِ ، يزيد النار بالحصب ، واصابنا الثول وصرنا كالفرس الأحنبِ ، في السير والخبب ، ومزبرنا الذي كان كالمِرسبِ ، صار كالدعببِ ، بيد الجاهل الأدعب ، وتصالح الفأرُ والسنور خلف الحُجب ، فصار دكان العطار اكثر من خرِبِ ، وتوالت علينا الحُقبُ بعد الحِقب ، وجرحنا في ثعبِ ، وجسمنا في سغبِ ، ومالنا في سلبِ ، وروحنا في شجب ، وقلبنا في وهن وشَّجبَ ، واهلنا في شغبِ ، وعامنا في جُدبِ ، ويومنا في اشهبِ ، ووالينا في لهو ولعبِ ، وحامينا حرامينا أطمع من أشعبِ ، وصار من كان يُحأحأ بالحمار المتعبِ ، يكيل الأن من الذهب بالصاع والأردبِ ، وبالتزوير والكذب صار بائع الباقلاء واللبلبي في رفيع المنصب ،وبائع الطرشي والمحلبي ، صار كالسيد المعصّبِ ، وذاك الذي كالطهبِ أرانا الكثيرمن العتبِ ، وصبَّ علينا من شديد السّكبِ ، وصيرنا لنيرانهِ كالحطبِ ، والخدّاع الذي بلا حسبٍ او نسبٍ ، صار اعلى منزلة من المحتسبِ، واصبحنا نخافُ من راعينا السارق الأربِ ، ونخشى من كلبنا قبل الذئب والثعلبِ ، وصار صاحب العقل كالجَلَبِ ، بعد الأبل صار يبيع بالكتبِ ، ولا مفر له من قوم ألِبِ ، ساروا اليه كالدببِ ، وتعلم ياسيدي ما فعله فأر بسد مأرب ، فأين المفر من مليونِ فأرِ مخرِّبِ ، وصياحنا نَفْخُ في مثقوب القربِ ، ها وقد عشنا رجباً بعد رجبِ ، ورأينا ما يُذهل من العجبِ ، وحوضنا ما يزال يشكو من القذى والطحلبِ ، وعطّارنا ما يزال يجهل مكان العطبِ ، وقد يكون هو المعطوب على الأغلبِ ، فكيف لا ننسى أو نسهو في هذا الجو المضطرب ، والنسيان لا يجازي بالحوبِ ، من طيب أبن الأطيب ، مثل عبد الفتاح المطلبي ، فصحح ما تراه غلطاً في الكُتبِ ، ثم صلِ معي على النبي ، ودق برقة على الخشبِ ، وردد كمطرب مُدرب:
جواد جواد مُسيبي
انت السبيت اهل البلد
عجب انت ما تنسبي