د.خالد ممدوح العزي
هل انتهت الاطربات الامنية التي تسيطر على الشارع اللبناني بعد استقالة حكومة الرئيس نجيب مقاتي التي تخلالتها طوال فترة السنتين ،والتي كانت مدينة صيدا الجنوبية احدى ساحات هذا الاطراب الامني والمذهبي .
صيدا مدينة للجميع :
هل كنت كلمة الشيخ احمد الاسير كافية :”بانه طوال فترة شهر الصوم لدى جيراننا المسيحيين سوف يجمد الاعتصامات “، لتكون نهاية الاطربات التي ابتدأت في المدينة منذ اندلاع الثورة السورية ، ولتصبح صراع حقيقي بين قوى امنية واطراف مذهبية تدفع بالمدينة واهلها للدخول في معاناة ومآساة جديدة .
لكن كما يبدو بعد الاجتماع الاخير مع الشيخ الاسير من قبل مسؤول حركة امل في جامع بلال ، وشخصيات اخرى ، سوف يأخذ الصراع لونه الحقيقي والقاضي بتغير اتجاه الضغط والتوجه نحو تيار المستقبل . ولكن المخرج المشرف سينفذ مطلبا سياسيا للاسير والقاضي باقفال مكاتب سرايا المقاومة في صيدا ، كما طلب السيد اسامة سعد من الرئيس بري ،لكن خطاب الشيخ الاسير الاخير ب5 اذار 2013 كان محل تسأل وتفكير من قبل جميع المراقبين وخاصة بعد ان فتح النار على تيار المستقبل ، فهل المدينة امام مواجهة جديدة بين الاسير و تيار المستقبل وخاصة بعد ان تم تكليف النائب تمام سلام بتشكيل حكومة واعفاء السيد نجيب مقاتي.
من جمعة الثورة السورية الى جمعة فك الحصار عن المسجد:
لقد ظهرت اعتصامات صيدا المؤيدة للحراك الثوري السوري والوقوف بوجه النظام ، اشتهر اسم الشيخ الاسير في دعمه العلني للحراك السوري في البداية ، لكن حدث الاسير الابرز تمثل بوقفه في ساحة الشهداء ، في الاعتصام الكبير في بيروت العام الماضي الداعم لثوار سوريا مع المطرب فضل شاكر ، ويتحول فيما بعد الى مجابهة بوجه حزب الله اللبناني ويدخل الاسير في اعتصامه المفتوح الذي يطالب فيه بنزع سلاح الحزب ، لكن المواجهة والسجال بين الحزب لجهة مناصريه، وجماعة الاسير تدخل حلقة جديدة في اوائل تشرين الثاني الماضي عندما دخل الشيخ في مواجهة مباشرة مع الحزب والذي استخدم سلاحه ضد جماعة الاسير وقتل اثنين من انصاره، وخاصة بعدما تم اتفاق رعته القوى الامنية وتقاعست عن تنفيذه ،والقاضي بنزع كل الشعارات واللافتات التي تخص حزب الله المنشورة في المدينة.
حقق الاسير وقتها انتصارا مهما ، لكن القوى الامنية لم تنفذ الاتفاق ، مما سبب بجر الاسير الى كمين نصب له في منطقة صيداوية يمارس الحزب فيها نشاطا مسلحا وامنيا ،برعاية قوى محلية مناصرة له تحت شعار بان المنطقة ذات اغلبية شعية.
غياب القراءة الجيدة يحجب الرؤية:
تمتد المواجهة وتطور الخلافات ، وتدخل القوى الامنية طرفا في حلبة الصراع ، يصر الاسير على المواجهة ، تسيطر على المدينة واهلها حالة من الذعر ، تفرضها هذه الحركات البهلوانية.
الدولة شريك في موت المدينة ، والحزب مخطط ، والاسير منفذ للمخطط الذي رسم للمدينة من اجل استباحتها ، ووضع اليد عليها من قبل الحزب ، بسبب عدم قراءة صحيحة للاسير للاحداث السياسية والتطورات الاقليمية ، فالاسير يؤمن بذلك مخرجا سياسيا وامنيا للخروج العلني والسطو على المدينة من قبل الحزب كما يحاول في كافة المناطق للبنانية .
عنوان جديد للتحرك :
الاسير لم يرد على الدم الذي سال في المدينة ،والذي طلبه اثناء المواجهة ولكنه تراجع نحو المطالبة باخلاء شقق لحزب الله في منطقة عبرا بجوار جامع بلال بن رباح الذي يتمركز فيه مع جماعته. ليصبح موضوع الشقق المجاورة، موضوع مواجهة جديد في صيدا بين القوى الامنية وجماعته.
الاسير لم يكتشف الجديد بوجود الشقق ، لان حزب الله قبل وبعد حرب تموز اتخد من صيدا مركز امداد . لكن السؤال ذي لا نجد له جواب.
– لماذا الشيخ الاسير يحاول التحرك في صيدا دون استشارت فعليتها التي هي بدورها ترفض وجود الشقق الامنية .
-لماذالا يطرح الموضوع على اهلي صيدا الذين وحدهم يمكن ان يقرروا بان يقبلوا اولا يقبلوا بوجود هذه الشقق الامنية داخل مدينتهم .
فاذا كان الاسير قد كشف عن هذه الاماكن الامنية السرية ،- لماذا لم يضعها في عهدة سكان صيدا لكي تتحرك بدورها او الاضاءة على موضوع التواجد الامني بالاعلام .
– لماذا لم تضع هذه المشكلة بيد فعليات صيدا والقوى الامنية لكي تقوم بدورها بسحب فتيل الازمة ، لا سيما برفع الصوت عاليا في مآذن المدينة لتشكل قوة ضغط على الحزب وحلفاءه.
اسئلة كثيرة ، والتصرف فردي وشخصي و الاماكن كثيرة ومكشوفة ولا ينقص سكان سوى الرد و التحرك .
المفهيم القديمة تغلق ابواب الحوار :
فالسؤال يبقى مطروحا على حزب الله نفسه وعلى قيادته الامنية ،اذا كان السيد حسن نصرالله يخاطب اسرائيل بشن حرب عبر الحدود من خلال صواريخه التي تصل الى حدود مصر والنقب ، فما داعي لانتشار هذه الشقق الامنية وتسليحها بالبنادق في منطقة لا تحسب على الحزب لا سياسيا ولا مذهبيا .
لكن الجواب ، واضح والحزب يعرف هذا الطرح جيد، وللسلاح وانتشاره دورا خاص واهمية للسطو على المدينة ساعة يشاء من خلال تفكيره الامني الخاص والقائم على انه هو الحاكم ويريد الحكم من خلال قوة السلاح الذي ينتشر في كافة المناطق اللبنانية تحت شعار مقاومة اسرائيل ، وكل من يقاوم هذا السلاح هو عميل ويثير الفتنة . وبظل كل تحركات الاسير ومطلبته بضبط السلاح يبقى الجواب ، بان مرجعية هذا السلاح هي محصورة بيد الحرس الثوري الايراني لاعتبار ان هذا السلاح ليس لبنانيا و مهمته اقليمية.
المربعات الامنية تضعف الدولة :
لبنان كله قواعد امنية خاضعة لتواجد حزب الله وفقا لخطة عسكرية مدروسة تدار من خلال غرفة عمليات مركزية ،فكل مواطن لبناني في منطقته يعلم جيدا كيف تنتشر مجموعات الحزب في المدن والقرى بشكل علني . وليس منطقة صيدا فالمهم بان اغنية الاسير لن تكتمل ولن يستطع الوقوف بوجه الحزب ،وانما هو ينفذ استراتيجيته.
لكن الدولة هي القادرة على ضبط هذا الموضوع واخلاء الشقق وواقفالها وسحب فتيل الفتنة من يد الجميع . وخاصة بعد خطاب الشيخ الاسير بتاريخ 5 اذار 2013 في جامع بلال بن ربح والذي فتح النار فيه على تيار المستقبل ورئيسه سعد الحريري .
كاتب وباحث مختص بالاعلام السياسي والدعاية