يخوض الشعب الكردي بأبنائه وبناته من قوات الدفاع الشعبي ووحدات المرأة الحرة-ستار أي قوات الكريلا حرب ومقاومة الوجود والكرامة وبروح وإرادة صلبة لامثيل لها في منطقة زاب الاستراتيجية التي تتوزع بين باكور وباشور كردستان أي بين شمالي العراق وجنوب شرق تركيا، وهي من المناطق الاستراتيجية في الجغرافية الجبلية الكردية أمام هجمات الفاشية الطورانية العثمانية المتلبسة بألف لون وشكل لإخفاء أهدافها الحقيقة في احتلال المنطقة ونهب خيراتها وثرواتها واستعباد شعوبها المختلفة. فتارة تتلون باللون الإسلامي السني بين الاعتلال المرن والتطرف الشاذ وتارة بالقوموية التركية وأخرى بأنها متعهدة مشروع الشرق الأوسط الكبير-الجديد وأحياناً بأنها تريد صفر مشاكل مع الجيران وتارة ترسل سفن الحرية وأخرى تدرب الطيارين الإسرائيليين لقصف الفلسطينيين وترسل الحديد ومواد البناء لبناء المستوطنات سواءً في فلسطين أو عفرين ومرة تفتح أبوابها لكل قذارات التاريخ دواعش العصر الكفرة والإخوان الإرهابيين وأخرى تركض وتستجدي راكعة بضع دراهم من أمراء الزمان والمكان وكما يقول المثل إن كان للشيطان وجه فللتركي أوجه وإذا لم يجد التركي من يقتله فيقتل أبوه وأخوه وإن لم يجد من يزني بها فيزني بأمه وأخته ومن يدرس تاريخ وحاضر الدولة التركية وأسلاف الترك يدرك ذلك وغيرها من السلوكيات الكثير .
في زاب التي منها مر إسكندر المقدوني كان للزابيين الكرد أهل زاغروس وطوروس قولهم وفعلتهم حتى ذكرها هيرودوت في 440 ق.م تلكم عنهم وعن بأسهم وشجاعتهم. وعلى نهر زاب حدث المعركة بين العباسيين بقيادة القائد الكردي أبو مسلم الخرساني ومروان بن محمد، الخليفة الأموي القوي في الدولة الضعيفة الذي أراد نقل مركز الخلافة إلى نصيبين أو إلى ميارفارقين حيث ديار أخواله الكرد وكانت واقعة الزاب والمعركة التاريخية التي دامت 9 أيام وعليها تغيرت أحوال كل البلاد من اليمن والحجاز وصولاً لكردستان و مركزها ميارفارقين القريبة من آمد(ديابكر) إلى مصر والمغرب و الأندلس وانتهت بها الخلافة الأموية وبدأت العباسية وتوسع الإسلام ديناً وسلطنةً وخلافةً.
ومن ماء زاب النقية التي ترسم صفائها لوحة السماء وزرقتها جمالاً وإبداعاً و التي تزيد دجلة تدفقاً وقوة، شرب الفرس راقش(رخش) الوحيد الذي كان قادراً لحمل رستم زال البطل الذي كان له النصر دائماً حتى مع الأبالسة بسلاحه الكرز(الرمح الطويل والغليظ ذو الرأس المدبب والكبير) الذي يحتاج لرفعه عدة فرسان. ومن سماء زاب وكردستان وصل سيدنا نوح بسفينته أمناً إلى جبل جودي واستوت عليها وكان لله بعدها أيات خلق وإبداع ووجود. ومن جبال زاغروس نادى زردشت الفيلسوف والنبي على الخالق ومجسداً وموجداً للإنسانية والأخلاق والمساواة والحرية كأولى الأخلاقيات في فلسفة الأديان والأيدولوجيات .
ولعل مياه زاب التي تدفقت لتجلب الخير والعطاء مع تلاقي الأريين والساميين في ميزوبوتاميا السفلي وهي تنبع من أرض الهوريين والميتانيين والكاستيين(بعض من أسلاف الكرد) لترسم وتعطي وبخيرات وإنجازات الثورة النيولوتية قبل 1200 سنة حضارة ومدنية للبشرية كالسومرية ، أصبحت البداية في الحياة ودوام تنظيمها وإدارتها وترتيب روحانيتها ودولها في الزقورات أولاً.
وعلى ضفاف زاب وفي القرى والمدن القريبة منها تم إيجاد بعض من تماثيل عنخ أمون وهي هدية من ملوك مصر إلى ملوك الهوريين أيام الميتانيين والحثيين الكرد وهم في علاقات وزيجات وتحالفات كمسار تاريخي منذ الأزل وحتى اليوم بين كردستان وحوض النيل والجزيرة العربية عبر سيدنا إبراهيم لموسى و لعيسى لحبيبنا محمد عليه الصلاة والسلام والله يقول له” أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ” وكأن الله يردد ذلك القول للكرد اليوم أمام العثمانية الجديدة التي هجرت الكرد من ديارهم وبيوتهم من خير حق إلا لأن الكرد رفضوا التتريك والاستعباد ولقد ولدتهم أماتهم أحرارً.
جيش تركيا وهو الجيش الثاني في الناتو بعض أمريكا ومعها المعدات والقوة والتدريبات والإمكانات والتقنيات العسكرية والأمنية وبالمسيرات وكل الدعم الغربي لها وخاصة من حلف الناتو الموجودة فيها، لم تستطع تركيع الكرد وتصفية وجودهم وإنهائهم وإلحاقهم بالقومية التركية رغم أن النظام العالمي المهيمن أو ما يعرف نفاقاً وزوراً بالمجتمع الدولي قال وبكل وضوح الموت الكرد وأعطى ذلك القرار في إتفاقيات سايكس بيكو1916 ولوزان 1923 بعد أن نفذ هذا المجتمع المنافق أو النظام الدولي وعبر التركياتية البيضاء(البرجوازية الماسونية التركية واليهودية في تركيا) الإبادة الجماعية بحق الأرمن والروم واليونان وأعدم المثقفين والسياسين العرب في 6 أيار عام 1916 في بيروت ودمشق وغيرهم.
منذ 1908 وحتى اليوم في تركيا ، شعار الدولة وحكوماتها وتوجيها الأساسي أقتل غير التركي تتعزز الدولة وتبقى وبمقدار تصفية والقضاء على الشعوب الأخرى، تقوى الدولة وتصمد لفترة أكثر فالمسألة هي مسألة بقاء وموت أي بقائهم بموت الشعوب الأخرى. وهذه فكرة وسلوك من يريد خلق الفتن والتفرقة وإضعاف المنطقة بمجتمعاتها وشعوبها وثم السيطرة عليهم واحتلالهم ونهبهم.
تقول العقلية العثمانية الجديدة أن الشعوب التي كانت تحت الحكم العثماني خانت العثمانيين وتحالفت مع الأعداء وعليه فنظرة وسلوك الاستعلاء والتكبر وأن دول المنطقة وشعوبها هم ومع دولهم وثرواتهم ميراث لهم من أجدادهم ولهم الحق حيث وصل حوافر خيول أجدادهم وقال أحد منظري العدالة والتنمية وهو في وظيفة الخارجية التركية في 23 نوفمبر 2009 : “يقولون عنا إننا العثمانيون الجدد.. نعم نحن العثمانيون الجدد، فنحن لدينا ميراثا آل إلينا من الدولة العثمانية ونجد أنفسنا مُلزمين بالاهتمام بالدول الواقعة في منطقتنا” ولعل حالة 11 سنة الأخيرة وسلوك الدولة التركية وسلطاتها الأردوغانية الواضح فيها من التدخلات والاحتلالات ودعم الإرهاب الكثير، جزء من اهتمامه واهتمام دولته التي تقف عائق أمام الحلول في دول المنطقة وتحاول تحقيق الميثاق الملي وضمن شمالي سوريا وشمالي العراق أولاً وثم السيطرة على بغداد ودمشق والاستمرار في إعادة حلم الأجداد وربما حلم أجداده الأقدم المغول والتتار قبل العثمانيين لأن الأردوغانية الإخوانية اقرب للمغولية سلوكاً ودقة وتخريباً وهمجية.
منذ 1973 قال القائد عبدالله أوجلان حقيقة إن “كردستان مستعمرة ” وعمل على هذه الحقيقة وإلى اليوم ومضى خمسون عاماً ومعه الكرد وشعوب المنطقة لتحرير كردستان وتحقيق حرية الشعب الكردي لأنه كما قال كمال بير حقيقة مازالت قائمة لليوم ، حيث قال في أنقرة في السبعينات وبداية الثمانيات في لبنان عند الأحزاب التركية وكذلك عند الأخوة الفلسطينيين أن ثورة تركيا تمر من ثورة كردستان وحرية الشرق الأوسط يمر من حرية كردستان والشعب الكردي أولاً . وبلا شك تلك لحقيقة المنطقة ولأهمية الجغرافية الكردية (كردستان) ورغم أنها مقسمة بين أربع دول إلا أنها ولعلم من قسمها بأن تكون بؤرة للتوتر وورقة للضغط لرسم أي ملمح جديد أو عرقلة أي سياق سياسي واجتماعي وعسكري غير مقبول وبوضع الكرد والعلاقة الجدلية بينهم وبين الدول الأربعة تم رسم لوحة المنطقة ونظامها الإقليمي، والبريطانيين في بداية القرن العشرين شكلوا المنطقة بعد تقسيم الكرد وضمهم لعدة دول.
ومنذ 15 آب عام 1984 ونحن اليوم بعد حوالي40 سنة قال الكرد كلمتهم الفاصلة كما قال الثوري الجزائري فرانز فانون(Frantz Fanon) حيث ذكر أن الطلقة الأولى ضد الاستعمار هي ضد الخوف والضعف أولاً قبل أن تكون ضد الاستعمار وكذلك فعلها القائد الخالد معصوم قورقماز(عكيد) في أروه. ولكن ما كان للدولة والسلطة التركية أن تصمد شهراً فوق أرض كردستان لو لم يكن النظام العالمي معها وفي كتفها ومشاركاً معها، فالحرب الدائرة ضد الشعب الكردي هي للنظام العالمي وعبر تركيا الدولة الوظيفية والأداتية من اليوم الأول لتخليها عن الأرث والتقاليد التاريخية والعيش المشترك الذي كان ضمن الحضارة الإسلامية من العباسية إلى الأيوبية والسلجوقية وحتى العثمانية، لكن الاتحاد والترقي القادم من تركيا الفتاة ومن رحم الرأسمالية اليهودية ومصالحها العالمي المتحالفة مع البريطانيين كانت الانحراف والتضلييل والعلمانوية الفظة وقبول الوضعية التابعية ذهناً وسلوكاً وسلطة ودولةً على حساب شعوب المنطقة وتاريخها وثقافتها التكاملية وساد من يومها الكليِبتوقراطية (حُكم اللصوص) في الدولة التركية كفرع وأداة للرأسمالية العالمية.
تستخدم تركيا كل أنواع الأسلحة وبما فيها الأسلحة المحرمة دولياً و تقصف القرى وتقطع الأشجار وتمثل بالجثث وتقتل النساء والشيوخ والأطفال وحتى تسرق الدجاجات وكل الاشياء كما فعلت وتفعل في عفرين وشرناخ ودهوك وأربيل وسور آمد ونصيبين وغيرها من المدن والقرى الكردية، في ظل تواطؤ دولي وإقليمي وبعض الأطراف الكردية التي ضيعت بوصلتها واصبحت خامة للمستعمر التركي وأحد أدواتها كحزب الديمقراطي الكردستاني وبيت البرزاني الذي كل همهم سرقة موارد جنوب كردستان والتضحية بكرد الأجزاء الأخرى وشرعنة الاحتلال التركي وحربها ضد الكرد فقط لمصالحهم الشخصية والعائلية ولخدمة سيدهم التركي الذي قتل أجدادهم و يقتل أخوتهم الآن.
من يحارب في خنادق ورخلية وكورجهرو وفي زاب وأفاشين ومتينا وخاكوركي ليسوا أناس عاديين ولا مقاتلون شجعاع فقط هم ألهة زاغروس وميزبوتاميا ومنهم وعبرهم سترثي السفينة الكردية والإنسانية سفينة الحرية من جديد على جبل جودي وربما على جبل قنديل وهم بقوة وإرادة مظلوم دوغان الذ قدم روحه وجسده عندما لم يمتلك غيرها في سجن ديار بكر عام 1982 ليقول “المقاومة حياة”. لا يستطيع العشرات من المقاتلين في دول العالم وكل جيشوها وأنواع قواتهم الخاصة تحمل وظيفة مقاتل من الكريلا مدة نصف ساعة في ظروفهم الصعبة وفارق الأسلحة والمعدات لكن للكريلا هدف وعزم و أرادة لا تقهر بل هي التي تقهر الجيش الثاني في الناتو ومعها كل تقنيات وأسلحة العصر ففي الأسابيع الأربعة قتل حوالي 500 عنصراً من جيش الاحتلال التركي ولا يعرف الإنكشاريين الأردوغانيين ماذا يفعلون فهزيمتهم في زاب يعني هزيمتهم في أنقرة وإسطنبول وآمد وعفرين وليبيا وبعشيقة وفي آرتساخ.
والنصر قادم ولاحت محياه مع مقاومة المقاتلات مع وحدات المرأة الحرة-ستار وهي تزغرد وتسحق جنود الضحاك في ورخلية وتجعلهم غباراً فوق تراب كردستان فمن دخل زاب لا يخرج منها وقد قالت الكريلا كلمتها التي تعانقت معها الملايين في كردستان والعالم لتقول في زاب سنهزم الطورانية العثمانية الفاشية وستكون بداية النهاية لضحاك أنقرة وحرية الشعوب وخلاصها من الاستبداد والاستعمار والهيمنة الخارجية فانتصار ثورة كردستان يعني بناء الاستقرار وتحقيق السلام والأمن والتنمية، فمشروع الكرد هو العيش والأخوة المشتركة والحياة الديمقراطية والحرة والحلول والتوافق مع شعوب المنطقة ووحدة المنطقة ودولها وتقوية جبهتها الداخلية وتوحيد إرداتها ضد التحديات والتدخلات الخارجية وليس بناء دويلات قوموية وظيفية تابعية للخارج . ومن زاب تهزم الطورانية والعثمانية وتولد الحرية للشعب الكردي وشعوب المنطقة ومهما اختلفت في ظل العصر الحالي محتوى وأدوات الحرب والدبلوماسية مع انتشار التكنولوجية لكن الأهداف مازالت واحدة وهي الهيمنة والنهب مع احتفاظ منطقة الشرق الأوسط وفي مركزها كردستان والكرد بأهميتهم رغم أن دق طبول الحرب العالمية في اوكرانيا لكنها استمرار لما حصل ويحصل في المنطقة و يبقى الملمح والمحدد النهائي في الشرق الأوسط. وكما أن تقسيم كردستان والمقاربة الدولية للكرد كانت نقطة الفصل في تشكل النظام الإقليمي بعد الحرب العالمية الأولى فهي كذلك في يومنا والجديد يتشكل مع المقاربات الجديدة للكرد ومع يتحالف معهم سيكتب له النجاح والاستمرارية في الشرق الأوسط والعالم واليوم من يقود النضال والمقاومة في زاب وافاشين ومتينا وخاكورك هم جوهر وضمان الحرة والديمقراطية لمجتمعاتنا وشعوبنا فبهم وبانتصارهم نكون رغم كل حملات منع أخبار الكريلا ومقاومتهم و كذلك التشويه والإخفاء من الإعلام تحت الضغط التركي ورعاتها وأدواتها وعدم تسليط الضوء على الحرب القذرة التركية الكيميائية لكن الحقيقة ظاهرة وستظهر لامحالة والله على نصرهم لقدير لأنهم ظلموا .
من زاب تُهزم الطورانية العثمانية الفاشية وتُولد الحرية والديمقراطية
اترك تعليقا