مكانة المرأة في الأديان الكوردية (21)
الميراث
هناك قول متداول في المجتمع الإيزيدي الذي يؤكد على المساواة بين المرأة والرجُل والذي نَصّه هو: (شێر شێره، چی ژنه چی مێره!) الذي يعني: (إن الأسد هو أسد، سواءٌ كان ذكراً أم أنثى!).
هناك نص آخر من أقوال مُجدّد الدين الإيزيدي (شێخآدي) أي (عُدي بن مسافر) (1073 – 1163 م) المولود في مدينة بعلبك اللبنانية [1] بعنوان (قەولێ شێخێ سری)، منقول من قِبل المتصوّف الإسلامي (شێخ سرى) الذي هو (شيخ الإسلام أبو الحسن سرى الدين بن المغلس السقطي) المولود في بغداد في سنة (777) ميلادية [2] والمتوفي في سنة (867) ميلادية [3]. هنا نرى عدم مصداقية هذا النقل، حيث أنّ (شێخ سرى) مولود (296) سنة قبل ولادة (شێخآدي)، فكيف ينقل كلام شخص كان غير مولود في زمانه، بل وُلِد بعده ب(296) سنة؟!
النص الديني (قەولێ شێخێ سری) يقول: [4]
Jinê qet zirbar nekî
Li malê bê behr nekî
Ji behrê darik nekî
Eger hat û mêr mirî
Malê xir nede kurî
Ji keç û dayê jî nebirî
Nîvek kîj û nîvek dayî
Li wê xêra Xwedê dayî
Ya dî bo kurê mayî
Kur û qîz û jin hejî
Tevayî diviya bijî
Paqijî û dilgeşî
Şêx û pîr û êrif e
Ho dana bo xêlif e
Surî gotî bi dev e
المعنى
حذار! لا تُحرّموا النساء من نصيبهنّ
لا تُحرموهنّ من قسمتهن فيما تركه الأقربون
احفظوا لهنّ ورثتهنّ
وإذا وافت المنية ربّ البيت،
لا تعطوا كل الورثة للإبن
ولا تُحرّموا الزوجة والبنات من الورثة
للبنت بعض التركة، وللزوجة بعضٌ منها
أما للإبن، فالبعض الثالث والباقي من بركات الله
الإبن والإبنة والزوجة يستحقون
على الجميع أن يعيشوا
بصدق ونعيم
روى، أو نقل، لنا الشيخ سري
أن الشيوخ والابيار والعارفين
شرّعوا هكذا للأجيال
نرى في هذا النص، توصية عامة دون تحديد نسبة حصة الزوجة من ميراث زوجها وحصة البنت من ميراث أبيها.
هناك نص ديني آخر يُسمّى (قەولێ مەرسومێ جبێر) الذي يقول: (کەچ و کوڕ هەردوو جی یەکی حەقێ وان وەکە یەکی روژا ئاخرەتێ هەردوو ب هسابکی)، أي أنّ (البنت والولد لهما مكانة واحدة في الحقوق، وهما متساويان وأنّ حسابهم متساوي في يوم الآخرة)، إلا أنه رغم وجود هذا النص الصريح في تساوي حقوق المرأة والرجُل، فأنّ المحامية الإيزيدية (عالية بايزيد) تقول أنّ الرجال الإيزيديين يميلون الى تطبيق الشريعة الإسلامية في قضايا الأحوال الشخصية الخاصة بالإرث بِسبب عدم وجود حُكم شرعي إيزيدي يخص هذه المسألة، حيث أن الشريعة الإسلامية تُعطي للرجُل ضُعف ما تُعطيه للمرأة من الإرث.
من جهة أخرى، ليس هناك نص أو موقف واضح للمجلس الروحاني الإيزيدي فيما يخص المساواة بين الرجُل والمرأة، حيث أنّ هذا الأمر يتوقف على الموقف الشخصي من هذا الأمر والذي بِدوره يعتمد على مستوى ثقافة العائلة والأب وتمدّنهم في المجتمع الإيزيدي.
بالنسبة الى قضية الميراث، فأنّ المرأة المتزوجة محرومة من ميراث والِدَيها وكذلك من ميراث زوجها المتوفي، حيث أنه إذا تركت المرأة المتزوجة دار الزوجية بعد وفاة زوجها ولم يكن للمرأة أطفال، يذهب ميراث زوجها الى إخوان زوجها وإذا لم يكن لِزوجها إخوة، فأنّ ميراث زوجها المتوفي يستلمه أولاد عمّ زوجها وتُحرّم الزوجة منه. إذا بقيت الأرملة في دار الزوجية بعد وفاة زوجها، لها الحق في ميراث زوجها.
كما جاء في الفقرات التالية من قرارات إجتماع أحد المحافل الإيزيدية ما يلي:
الفقرة الخامسة: لا فرق بين النساء والرجال بالإرث، وإنْ لم يكن هناك وريث، فيرجع المال المنقول وغير المنقول الى صندوق المحفل لتلك البُقعة.
الفقرة السابعة: لا إمتياز بين جميع المؤمنات والمؤمنين إلاّ بالتقوى والعمل الصالح، ويجب إحترام الوالدَين وكبار السن [5].
إحدى القرارات الأخرى هي:
ليست التقاليد والمراسيم ديناً، بل تتبدل وتتعدّل حسب الظروف لِصالح الأمة، وعلى كل إيزيدي أن يتخذ الرُشد والإنصاف والحق والعدل والرحمة والشهامة ديناً ومذهباً له [6].
مما سبق، نرى أنّ هناك نصوص دينية تمنح المرأة الإيزيدية حقها في الميراث، كما يحق للرجُل، إلا أنه يبدو أنّ المجتمع الإيزيدي هو مجتمع ذكوري، يُهيمن الرجُل فيه ويتشبث بالعادات والتقاليد ويُفسّر النصوص الدينية لصالحه وبذلك يقوم بِتجريد المرأة من حقوقها الشرعية ويرفض مساواتها له.
المصادر
1. محمد الناصر صديقي. تاريخ اليزيدية – النشأة، الفكر والمعتقدات، العادات والطقوس. الطبعة الثانية، الناشر: دار الحوار للنشر والتوزيع، اللاذقية، سورية، 2015، صفحة 142.
2. سير أعلام النبلاء. مؤسسة الرسالة، الطبعة الثالثة، 1405 هـ / 1985 م، 12/185.
3. أبو عبد الرحمن السلمي. طبقات الصوفية. دار الكتب العلمية، 2003، صفحة 52.
4. الدكتور خليل جندي. بەرن ز ئەد ەبى دينى ئيزيديان . لاپەڕ� – 630.
5. الدكتور سامي سعيد الأحمد. اليزيديون – احوالهم ومعتقداتهم. الجزء الأول، بغداد 1971، صفحة 149.
6. المصدر السابق صفحة 139.