د. عماد الدين الجبوري
في حديث شاهدته على موقع شبكة المعلومات العنكبوتية يوم الأربعاء الموافق 22-5-2013. حيث طرح فيه المرجع الموقر الشيخ محمد اليعقوبي عن أن “العمامة الشيعية” سبب سكوت الشعب العراقي للتصدي عما يجري له. وحسب تصوره إن هذا الوضع مشابه إلى “العمامة السًنية” على مدى 1400 سنة. وأتفق مع سماحته في هذا الإتجاه العام. بيد إني أختلف في شأن الزمن الذي عرج به إلى ذكر جانب دون آخر. ربما لأن كلامه لا يتعلق بذات السياق الذي أبغيه. لذا أروم التوضيح في هذا الصدد وأقول:
مع بداية دخول قوات الإحتلال الأمريكي إلى بغداد في 9 نيسان 2003، روج الطائفيون الصفويون القادمون معه، أفكاراً تنم عن تأسيس أرضية سلبية تهدف إلى تقديم النزعة الطائفية على أولوية الهوية الوطنية. ولقد ساعد على ذلك موقف المراجع الدينية غير العربية في النجف الأشرف. حيث قدمت الجهاد المدني وأخرت الجهاد المُسلح في مجابهة الغزاة الصليبيين لبلاد المسلمين.
وتعتبر الكتلة السياسية المصنوعة والمدعومة إيرانياً، من حزب الدعوة والمجلس الأعلى ومنظمة بدر وغيرها، هي التي عملت وما زالت في تطبيق النهج الطائفي المقيت في تمزيق النسيج الإجتماعي العراقي. فبدأت تبث بوسائل الإعلام أفكاراً لم يألفها شعب العراق في تاريخه، ومنها: “المظلومية” و “البيت الشيعي” وما صاحبها من تضليل متعمد في محاكاة الأميين والجهلة والبسطاء من عامة الناس على أن الحُكم الممتد على مدى 1400 سنة كان حُكماً سّنياً. والمقصود الإلتفاف بإظهار إن الحيف والغبن قد لحق بالشيعة منذ “سقيفة بني ساعدة” وإلى واقعة “الطف” في كربلاء، حتى يومنا هذا. وها هي الفرصة قد سنحت الآن بالإستيلاء على الحُكم وتصحيح مسار التاريخ الإسلامي.
وكان التبرير الصفوي في التعاون والتحالف مع المحتل الأمريكي ربيب الكيان الصهيوني ضد العراق، بأن الله قد سخر هذه القوة الجبارة خدمة لهم. وقبل أن أستنتج أسباب التضليل في التركيز على حُكم 1400 سنة للسّنة، أود أن أستعرض شيئاً تاريخياً موجزاً عن الدول الكبرى والصغرى الشيعية المذهب. عسى أن تتضح الصورة أكثر لدى القُراء من غير الإختصاص.
أولاً: دول الزيود
أ- الدولة الزيدية. في العصر العباسي الأول (132-232 ه/750-785 م)، أستطاع أحفاد الإمام زيد بن علي بن الحسين (80-122 ه/689-740 م) من تأسيس دولتهم الزيدية ما بين (250-355 ه/864-928 م) على أنقاض مملكة الديلم في طبرستان على ساحل الجنوب الغربي لبحر قزوين. وهم أحد المذاهب الرئيسة الثلاث للشيعة. لكن فكرهم وتعاليمهم العقائدية والعقلية تختلف عن الإسماعيلية والجعفرية في بعض المسائل المهمة؛ منها ما يتفقون به مع أصول المعتزلة الخمسة: التوحيد، العدل، الوعد والوعيد، المنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. لأن مصدر هذه الأصول هو الإمام علي بن أبي طالب. كما وأنهم لا يقرون بعصمة الأئمة من آل البيت، ويجيزون قيام إمامين بزمن واحد في مكانين مختلفين، ويحرمون زواج المتعة، ولا يسبون صحابة رسول الله، ويقبلون بخلافة أبو بكر وعمر، ولا يتبرؤن منها الخ. ولذلك هم الأقرب إلى مذهب السّنة.
إلا أن السياسة ميزتها النزاع من أجل السلطة. وهكذا بدأ صراع بني سامان مع الدولة الزيدية. وبعد مجابهات حربية عديدة أستطاع السامانيون من القضاء على أول دولة شيعية في التاريخ الإسلامي. ومن علمائهم المعاصرين: علي بن محمد العجري المؤيدي، بدر الدين الحوثي، الدكتور طه المتوكل وغيرهم.
ب- الدولة الأخيضرية. بعد أن فشلت الثورة التي قادها محمد بن يوسف الأخيضر وأخوه الأصغر إبراهيم السفاك في الحجاز ضد الدولة العباسية؛ وقُتل إبراهيم. هرب الأخيضر إلى إقليم اليمامة شرق نجد عام (252 ه/866 م). وهناك تمكن من تأسيس دولته، متخذاً من قلعة الخضرمة في مدينة الدلم قاعدة له. وأخذ يبسط نفوذه تدريجياً على كافة أرجاء اليمامة. وأستمر الحُكم الأخيضري في بعض مُدن نجد لنحو ثلاثة قرون. ورغم أن الأخيضر يعود نسبه إلى الإمام الحسن بن علي، إلا أنه كان يتبع المذهب الزيدي. كما ذكر الرحالة والشاعر الفارسي ناصر بن خسرو (1004-1088). إلا أن مركزية هذه الدولة لم تعمر طويلاً، حيث دحرها القرامطة القادمين من الأحساء في البحرين.
ج- دولة الإمامة. تمكن الإمام يحيى بن الحسين القاسم الرسي (859-911 م) المولود في المدينة، والمُلقب: الهادي إلى الحق، من نسب الإمام الحسن بن علي، أن يؤسس دولة الإمامة الزيدية بشمال اليمن في 284 ه/897 م. وحاول أن يضم المدينة إلى نطاق حكمه في 899، وخسر صنعاء، ثم أنسحب إلى صعدة في 902. لكنه أستعاد السيطرة ثانية على صنعاء والمدينة في 910. ولقد توالى على إمامة هذه الدولة 66 حاكماً، كان آخرهم الإمام محمد البدر. حيث سقطت بثورة اليمن في 1962. ورغم الفترات المتقطعة لثلاثة مراحل سياسية رئيسة: الهادوية والقاسمية والإمامة. علاوة على المنازعات التي جرت بينها وبين القرامطة، أو مع الفاطميين، وكذلك في عهد الخلافة العثمانية، والثورة التي قادها الإمام يحيى بن منصور بن حميد الدين ضد الأتراك في 1322 ه/1904 م. لكن دولة الإمامة باليمن تعتبر من أطول فترات الحُكم في التاريخ السياسي الإسلامي.
ثانياً: دولة القرامطة
تعود تسمية الدولة القرمطية إلى حمدان بن الأشعث، المُلقب بقرمط لقصر قامته وساقيه. كان فارسي الأصل أرتحل إلى الكوفة حوالي 273 ه/886 م. أعتنق الإسماعيلية على يد أحد دعاتها حسين الأحوازي. فصار يقود الدعوة في العراق من خلال مكانه في الكوفة. حيث أستغل ضعف الدولة العباسية، وعقد إتفاقاً مع متمردي “ثورة الزنج” في البصرة (868-883 م)، لينطلق في دعوته لإمامة محمد بن إسماعيل. وفي 277 ه/890 م، أسس دار الهجرة، حيث كثر أتباعه، وتوسع في حركته. فقد أرسل مبعوثيه إلى عدة مناطق في سبيل نشر الدعوة الإسماعيلية، ومنهم أبو سعيد الحسين بن بهرام الجنابي (-301 ه/-914 م) إلى البحرين. وبعد نحو قرن من الزمن نشر فيها قرامطة الكوفة الرعب والإرهاب والقتل بين العراقيين، تلاشت سطوتهم وأنتهت بصراعها الطويل مع العباسيين.
بيد أن القرامطة أسسوا دولتهم في الأحساء بالبحرين سنة 286ه/ 899 م. وبلغت قوة بطشهم وإرهابهم أن هاجموا مكة في موسم الحج سنة 319 ه/930 م. فعملت سيوفهم بقتل الحجاج وثلاثين ألفاً من أهل البلد،، وملؤا زمزم والمسجد بالقتلى، ونزعوا الكسوة، وخلعوا باب الكعبة، وقلعوا الحجر الأسود، وأحتفظوا به قرابة العشرين سنة. ولولا تهديد الحاكم الفاطمي المنصور بالله إلى أبي طاهر القرمطي: سليمان بن الحسين الجنابي، لِما أرجعوا الحجر الأسود إلى مكانه، ووضعوا ستار الكعبة عليها، وأعادوا موسم الحج إلى بيت الله الحرام، حيث عطلوه لمدة تناهز الأثنتين وعشرين سنة.
بدأ الفاطميون بمحاربة القرامطة، بعد فشل الحملة القرمطية وحصار القاهرة في 363 ه/927 م. وطردوهم من الشام والحجاز. وبعد ثلاث سنوات أعاد القرامطقة هجومهم على دمشق، وتقابلوا مع الفاطميين في الرملة، فحلت فيهم الهزيمة. ثم دب الخلاف بين صفوفهم، وأصابهم الإنحلال والتفكك، فإنقسموا إلى دولة في جزيرة أوال إنتهت في 459 ه/1068 م. والأخرى في البحرين زالت في 470 ه/ 1079 م.
ثالثاً: الدولة الفاطمية
لقد توسعت الدولة الفاطمية (909-1171 م) على حساب الدولة العباسية. حيث أمتدت من الشام والحجاز واليمن شرقاً إلى الجزائر ومراكش غرباً، ومن صقلية شمالاً إلى السودان جنوباً. وكانت من أهم الدول الإسلامية الكبيرة التي نافست خلافة بني العباس في كل شيء. خصوصاً في الجوانب العلمية والأدبية والفنية والمعمارية. ويعود تأسيسها إلى عبيد الله المهدي (909-934) الذي أرتبط مع عبد الله أبن ميمون القدّاح المدعي أنه إمام المذهب الإسماعيلي في 873 م. وفي 893 تم تكليف عبيد الله بمهمة نشر الدعوة الإسماعيلية، فنجح بإجتذاب قبيلته “كتامة” البربرية في الجزائر، فشكل منها جيشاً وقضى على دولة الأغالبة. ولقد أدعى عبيد الله بأنه المهدي والخليفة في نفس الوقت.
كانت العاصمة بداية هي القيروان لغاية 920، ثم بنى المهدي عاصمته المهدية في تونس حتى 973، بعدها نقل المعز بالله عاصمته إلى القاهرة بمصر، والتي شيدها منذ 973. رغم أن الفاطميين قد بسطوا سلطانهم السياسي الواسع بشكل مباشر وغير مباشر، ولقد دحروا دولاً مثل: الرستمية والمدرارية والأدارسة، لكنهم لم يستطيعوا فرض مذهبهم الإسماعيلي. لأن عقيدتهم تحوي أفكاراً فيها من الغلو والشطط التي لا يتقبلها السواد الأعظم من المسلمين. ومنها التشبيهات النكرة لخلفاء رسول الله، والممارسات المجحفة التي وصلت في عهد الحاكم بأمر الله (996-1021) أن أصبح المسلمين السّنة يعانون الإضطهاد والتعسف شأن المسيحيين واليهود. ولقد وصل التطرف بهذا الحاكم أن إدعى الألوهية، وصدق به الدروز.
ونتيجة إلى الإستبداد السياسي والمذهبي وتفشي الظلم والجور، وسيطرة القادة العسكريين الأيوبيين على مقاليد الدولة. سيما وإن صلاح الدين الأيوبي قد تولى الوزارة منذ 1168، لذا قام بالإنقلاب على الفاطميين، وأنهى حكمهم، وأعاد ذكر الخليفة العباسي.
رابعاً: الدولة الصفوية
يعود تسمية الصفوية إلى الشيخ أسحق صفي الدين الأردبلي (650-735 ه/1252-1334 م). حيث رأس حركة إجتماعية صوفية زجها بالنشاط السياسي، وكان شافعي المذهب. تمكن حفيده الخامس إسماعيل الصفوي (1501-1524) من تأسيس الدولة الصفوية (1501-1736). وفرض المذهب الشيعي الجعفري في الدولة سنة 1507، لكن في طريقة عنيفة ودموية ذبح فيها أكثر من مليون مسلم سّني إيراني. ولقد فاق عليه عباس الصفوي (1588-1629) بالقتل والتنكيل والتشريد لأهل السّنة خارج إيران، وخصوصاً في العراق. ولقد كان المجوس والمسيحيين واليهود أفضل حالاً وأمناً ورعايةً من السّنة عند الحُكام الصفويين.
كانت عاصمة الصفويين في تبرز لغاية 1548، ثم في قزوين حتى 1598، وبعدها في أصفهان لحد سقوطهم. ولقد أستولوا على العديد من المناطق والأجزاء خارج إيران من أرمينيا وأفغانستان والعراق وشرقي تركيا. وكانت خارطتهم السياسية تمتد وتتقلص بحسب نزاعاتهم الحربية مع البلدان الإسلامية. حيث أن الحُكام الصفويون، وبالأخص منذ عهد عباس الثاني (1642-1666) قد أرتبطوا بعلاقات وشيجة مع الدول الأوروبية على المستوى السياسي والتجاري. وكانوا يستخدمون هذه العلاقات ضد الخلافة العثمانية.
وإذا كانت الدولة الفاطمية قد تمكنت من فرض السيطرة السياسية، لكنها فشلت بنشر دعوتها الإسماعيلية، لأسباب ذكرناه آنفاً. فإن الدولة الصفوية كانت أردىء وأسوء بنهجها السياسي والمذهبي. حيث أن أعتناقهم للتشيع لم يكن بدواقع عقائدية روحية حقيقية، بل لخلق تكتل سياسي برداء ديني يجابهون به صراعهم ضد الدولة العثمانية. ولذلك لم يكن نشر التشيع عندهم وفق أصول التشيع الأصيل الذي يحافظ على وحدة الإسلام والمسلمين. وإنما كان عبر تشيع فارسي شعوبي يعلو على الآخرين، وخصوصاً العرب ومقتهم للعروبة. وهكذا كانوا يرتكبون المجازر الطائفية في المناطق التي يستولون عليها.
وفي عهد الشاه حسين (1694-1722) وصل التشدد والتعصب الطائفي الصفوي أن دفع أهل السّنة للمواجهة، فساندهم الغلزاي حاكم الأفغان، وزحف إلى أصفهان ودخلها سنة 1722. ثم قاموا بخلع الشاه حسين وأعدموه سنة 1826. وعندما أنشأ الغلزاي حكومة ظل صفوية في 1736، كان الشاه الصفوي فيها مجرد من أية سلطة فعلية. وأستمر هذا الوضع حتى 1785، حيث لم يعد للصفوين أي وجود سياسي يُذكر.
أستنتاج
من السرد المختصر أعلاه، نعلم أن التاريخ السياسي الإسلامي على مدى 1400 سنة فيه دولاً شيعية بمذاهبها الثلاث: الزيدية أو الخماسية، الإسماعيلية أو السبعاوية، الجعفرية أو الأثنا عشرية. بحسب تسلسل معتقدهم بالإمام المنصوص عليه. وبالتالي فإن السبب في مغزى ذكر الحُكم السّني فقط، لا يتعلق بمنهجية الطرح الموضوعي، وإنما في عقلية طائفية تبغي تمويه حقائق التاريخ من أجل أهداف سلبية تصب في تمزيق وحدة الصف وطنياً ودينياً.
هذا إن لم نقل إن الذين لا يذكرون هذه الحقائق، إما أنهم يجهلون التاريخ، وهذا مأخذ عليهم. أو أنهم يعلمون لكنهم يُحرفون، وهذا الأمر يكشف مغزاهم السلبي. وإلا كيف نفسر مثلاً قول بهاء الأعرجي، رئيس كتلة الأحرار النيابية عن التيار الصدري، إذ في برنامج على “قناة البغدادية” الفضائية بتاريخ 15 شباط/فبراير 2010 عندما أشار إلى أن هناك مؤامرة على الغالبية (الشيعية) في العراق “منذ يوم أبو بكر (الصديق) لحين حزب أحمد حسن البكر”. رئيس الجمهورية (1968-1979) وأمين عام حزب البعث في العراق.
وكذلك السبب الخفي الذي دفع بموفق الربيعي، الذي عينه الحاكم الأمريكي للعراق بول بريمر مستشاراً لأمن الإحتلال، وهو يسوق فكرة “المظلومية” التي حلت بالشيعة تاريخياً. فضلاً عن أحمد الجلبي رئيس المؤتمر الوطني الذي أتى بفكرة “البيت الشيعي” ليقصيه عن بقية البيوت العراقية.
أن الذين يطرحون فكرة أن تاريخية الحُكم السياسي للإسلام كان سّنياً، وأن الشيعة تعرضو للظلم والإضطهاد على مدى قرون. فإنهم لا يخدمون طائفتهم، لأنهم لا ينطقون بحقائق التاريخ، بل يسعون لتنمية نزعتهم الطائفية حيال من يصيغ السمع لهم من الجهلاء والأميين، لكي يخلقوا قوة سلبية داخل بلدانهم ومجتمعاتهم. خصوصاً إذا كانت هذه القوة السلبية ترتبط بمشروع صفوي إيراني داخل البلدان العربية، كما جرى ويجري في العراق وجنوب لبنان واليمن والبحرين وسوريا.
وإذا كان القصد السياسي محصوراً في تاريخ العراق فقط. فإن قرامطة الكوفة الإسماعيليين بقوا على نحو قرن من الزمن هم المسيطرون على مساحة واسعة من وسط العراق وصولاً إلى البحرين. ورغم أنهم ركزوا في دعوتهم على الأراضي الزراعية، حيث الموالي والعبيد والفلاحين والمزارعين الناقمين على أسيادهم. لكن إباحية الزنى والخمر وبقية المحرمات من جهة. وسفكهم الفضيع لدماء المسلمين من غير ملتهم من جهة أخرى. لم يتقبلها المجتمع العراقي. ولذلك رفضها وحاربها حتى قضى عليها. فلا يجوز إغفال حقيقة تاريخية سياسية لا يروق للبعض ذكرها، لأنها تتعارض مع منهجهم الطائفي.
أن دولة الإمامة في اليمن التي تعرضت للسقوط على يد القرامطة في البحرين، أو الفاطميين في مصر. وكذلك قضاء القرامطة على دولة الأخيضر في نجد. فضلاً عن المعارك الطاحنة لتي دارت بين الفاطميين والقرمطيين في الشام وفلسطين، فإن جميع تلك الدول كانت شيعية المذهب. بيد أن السياسة والمصالح والمطامع لا يحدها المذهب الديني، ولا يمنع من فتيل قيامها. وبالتالي علينا تشخيص الأمور بحسب وضعها وطبيعتها على ما كانت عليه زماناً ومكاناً. وكل مَنْ يُحرف أو يُضلل الحقائق، فإن مغزاه يكون مكشوفاً، وأن مستقبله سيكون معدوماً سياسياً كان أو إجتماعياً. ولنا في الكتلة الطائفية الحاكمة في حكومات الإحتلال في بغداد؛ فإنها الدليل الساطع، والبرهان الواضح على مغزى التضليل المقصود في قولهم على حُكم 1400 سنة سّنية.