للمرة الثانية،أربيل تنقذ العراق من الانهيار
جواد ملكشاهي
لا يختلف اثنان أن السبيل الوحيد لاستمرار العملية السياسية والحيلولة دون ذهاب العراق نحو الفوضى والانهيار التام هي الانتخابات وصناديق الاقتراع رغم جميع المآخذ والمآلات على قانون الانتخابات وطريقة اجرائها والشكوك التي تشوب نزاهتها والتلاعب بنتائجها نظرا للتجارب السابقة.
قرار التيار الصدري بشأن مقاطعة الانتخابات الذي اعلن في ١٥ تموز الماضي،وقيام كتل سياسية صغيرة أخرى بأتخاذ قرار مماثل،خلق هاجسا بل تخوفا كبيرا من ذهاب العراق للفوضى وانهيار العملية السياسية برمتها، لذلك قامت شخصيات وقيادات سياسية عراقية بارزة بالتحرك لإقناع السيد الصدر عن العدول عن قراره الا انه رفض جميع الوساطات من دون الحصول على ضمانات لتعديل مسار العملية السياسية عبر إجراء إصلاحات فيها منها ضمان نزاهتها والسيطرة على السلاح المنفلت حسب زعمه الذي بات يتغول و يهدد كيان الدولة العراقية.
برأيي المتواضع إعلان السيد نوري المالكي الامين العام لحزب الدعوة الاسلامية عن استعداده لقبول رئاسة الحكومة المقبلة في حال تم الطلب منه حسب زعمه في حوار مع فضائية رووداو استفز السيد الصدر وتياره لاتخاذ قرار العدول و العودة للانتخابات،هنا لا ادعي ان تصريح المالكي هو السبب الوحيد لعودة الصدر للمشاركة في الانتخابات لكنني أجزم أن ذلك كان السبب الرئيس وراء العدول عن قرار المقاطعة.
الأمر الأهم الذي اضطر التيار الصدري لاتخاذ قرار العودة هو زيارة السيد نوري المالكي إلى أربيل ولقائه كبار القادة في كوردستان وعلى رأسهم الرئيس مسعود بارزاني وإصدار حزب الدعوة الاسلامية والحزب الديمقراطي الكوردستاني بيانا مشتركا أكدا فيه على ضرورة إجراء الانتخابات المبكرة في موعدها المحدد.
بعد إصدار البيان تيقن التيار الصدري أن الانتخابات ستجري رغم مقاطعته وعدد من الكتل الأخرى له وسيكون جميع المقاطعين خارج نطاق الحكومة ومجلس النواب المقبلين والمالكي سيحظى بدعم القوى السياسية المشاركة بالانتخابات وربما توليه رئاسة الحكومة المقبلة بوصفه الشخصية الأبرز لهذه المرحلة.
، لذلك لم تمرايام قلائل على زيارة المالكي لاربيل و الحصول على تأكيد الرئيس مسعود بارزاني الخاص بإجراء الانتخابات المبكرة في موعدها و بوصفه أكبر حزب سياسي على مستوى الإقليم والعراق من حيث القاعدة الجماهيرية وعدد المقاعد النيابية، حتى اتخذ التيار الصدري يوم الجمعة ٢٧ آب قراره بشأن لغو مقاطعته والعودة للمشاركة في الانتخابات بمليونية حسب زعمه.
من كل هذا الحراك الذي استمر أكثر من شهر ونصف والمتغيرات الدراماتيكية في المواقف نستنج أن لو لا زيارة المالكي إلى أربيل و استفزاز التيار الصدري للعودة للانتخابات، لتأجلت الانتخابات واصبح إجرائها في وقت لاحق من المحال نظرا لاشتداد حدة الخلافات فيما بينها وتمسك كل طرف بمواقفه.
بناء على ما تم سرده من أحداث وحقائق يمكن القول إن أربيل أنقذت العراق للمرة الثانية من الانهيار التام الأول بعد إسقاط الصنم في ٢٠٠٣ وانهيار جميع مؤسسات الدولة العراقية عندما اتخذت قيادة الاقليم بنزول قوات البيشمركة إلى بغداد وضبط الأمن والاستقرار فيها والثانية دور اربيل الأساس في إنقاذ العراق والعملية السياسية من الانهيار عندما تم استقبال الأمين العام لحزب الدعوة الاسلامية نوري المالكي واتخاذ قرار مشترك بضرورة إجراء الانتخابات المبكرة في العاشر من تشرين الأول القادم