كيف نقرأ نصا أدبيا ؟ مقالة
النص الأدبي يتضمن أفكارا وعواطف ومعان ، وخيال ، واللغة هي الوعاء الذي يضم كل هذه الأشياء ، التحليل الأدبي لنص معين يعني الكشف عن عناصره ، وتقويمها وإبراز مواطن الجمال ، ومناطق القبح ، وشرح أسباب القوة او الضعف ، ومن اجل ان تكون عملية التحليل للنص الأدبي دقيقة ، وموضوعية ، فان قراءة واحدة لا تكفي ، بل لابد من قراءتين او ثلاث ، تمنحنا نظرة فاحصة ، وفي كل قراءة يسعى القاريء ، الى تسليط الضوء على جانب معين من جوانب العمل الأدبي ، فالقراءة الأولى لمعرفة الأفكار والمعاني ، والقراءة الثانية للتعرف على طريقة الكاتب ، وأسلوبه في التعبير ، اما القراءة الثالثة فلتحديد مناطق القوة او الضعف ، القراءة الأولى اصطلح على تسميتها ب ( التفسير) ، والقراءة الثانية أطلق عليها لفظة ( التحليل ) ، اما القراءة الثالثة التي يتم فيها الحكم ، لصالح العمل الأدبي ، او ضده ب ( التقويم) و ( الحكم)
قراءة ( التحليل ) تتطلب معرفة الظروف المحيطة بالنص ،وهي عدة أمور ، صاحب النص ، والمناسبة التي دفعته للكتابة ، والبيئة التي عاش فيها ، والأمور الثلاثة مهمة لابد منها ، لان الأدب يتأثر بشخصية المنشيء ، وينبعث مما يمتلكه ذلك الإنسان من عوامل الإبداع والموهبة ، ويتلون بلونهما ، والإطلاع على الخطوط المهمة ، في حياة الأديب هادية في إتقان الفهم ،وإصدار الحكم الدقيق الصائب ، كما ان فهم مناسبة الكتابة ، تساعد في سبر غور المعاني ، وترتبط المعرفة بشخصية الأديب ، والمناسبة بعصر المبدع ،ارتباطا كبيرا ، لان الأدب ان كان نتاج المنشيء ، فان الأخير نتاج البيئة ، او العصر ، ومعرفة هذه الأمور ، تعتبر أضواء كاشفة ، تساعد في القراءة الصحيحة مما يؤدي الى الحكم الصائب.
الأدباء المشهورون معروفة حياتهم ، واضحة المناسبات التي دفعتهم للكتابة ، القراءة الواحدة غالبا لا تكفي ، رغم ان بعض النقاد قد يتمكنون ، من قراءة واحدة ، ان يصدروا حكما ، ولكن ذلك الحكم قد لا يكون دقيقا ، ولكن الذي نلاحظه في قراءات هذه الأيام ،ان بعض القارئين قد يكتفون بقراءة قصيدة واحدة او قصة واحدة من مجموعة قصصية ، او ديوان وبسرعة فائقة تفقدهم القدرة على الرؤية الواضحة للأفكار والمعاني والعواطف وطريقة الكاتب في التعبير ، خاصة ان كان النص لا يمنح نفسه بسهولة ، فيظلمون الكاتب أولا ، ويظلمون أنفسهم ثانيا….
…صبيحة شبر