كوميديا جلسة مجلس النواب
9/1/2022
امين يونس
لأن الطبيب نصحني أن أبتعد عن كُل ما يُعَكِر مزاجي ويرفع ضغطي ، وأن أترك متابعة الأخبار السياسية ولا سيما المحلية منها ، وأتوجّه بدلاً من ذلك الى الأفلام الكوميدية والمُسلسلات الهزلية واللقطات المُضحِكة . وتبعاً لذلك ، فلقد قررتُ أن أتابع جلسة مجلس النواب الأولى في الدورة الخامسة من حياتنا الديمقراطية العتيدة في عراقنا الجديد . كان من المُقّرَر أن تبدأ الجلسة في الحادية عشرصباحاً ، ولهذا فلقد هيأتُ مكاني في ال” الهول ” وملأتُ خزان المدفأة النفطية ، وشغلتُ التلفزيون في العاشرة والنصف ، وكوبٌ كبير من القهوة على المنضدة .. وطبعاً حذرتُ أُم العِيال والأحفاد من دخول الهول حتى لا أفقدُ تركيزي ، فكانتْ هذه الملاحظات :
1ـ حسب التقاليد العراقية الأصيلة ، في عدم إحترام المواعيد ، لم تنعقد الجلسة في ال 11 ، وأمام مئات الإعلاميين والكاميرات … قيل انها ستُعقَد في الثانية عشر ثُم قالوا في الواحدة ، لإجراء المزيد من المُشاورات … وطبعاً في الواحدة إرتفعَ نداء الصلاة والأكل ، فقالوا ان النواب سيُصّلون ثُم سيتغدون ثم ستنعقد الجلسة في الثانية .. أو الثالثة ! .
2ـ يبدو ان أحد أهم الأسباب التي ساهمَتْ في إنعقاد الجلسة العتيدة ، هو القوزي والكباب ، فما أن شبع النواب قبل الثالثة بدقائِق ، حتى هرعوا الى القاعة الرئيسية ، فقرأ كبير مُديري مجلس النواب ، أسماء النواب الحاضرين وكانوا ” 325 ” نائِباً ، أي بغياب أربعة . والمُلاحَط أن المُدير لم يكُن عربياً ، فكان يتلكأ في قراءة الأسماء ” الصعبة ” ! . ثُم قرأ كتاب المفوضية العليا للإنتخابات ، بِصدد رئاسة الجلسة الأولى والتي تُناط بالأكبر سناً ، فذكر ان ” محمود المشهداني ” من مواليد 1/7/1948 ، الأكبر سناً ، والإحتياط الأول نائب آخر من مواليد أيلول 1948 ، والإحتياط الثالث ” خالد الدراجي ” من مواليد 1951 . فليتفضل محمود المشهداني لإدارة الجلسة ، وبالفعل تَفّضَل الدكتور المشهداني وصعد الى المنصة .
3ـ بعد أن تأكَدَ المشهداني من ” النِصاب ” ، نهضَ وتلى القَسَم ورَدَدَ النواب من بعده [ … أقسم أن أحافظ على وحدة العراق وأدافع عن سيادته وأرضه وسماءه وماءه وثرواته … ألخ ] .. ” تذكرتُ أصدقائي عندما يحضرون التعازي فيرفعون أياديهم ويُحركون شفافهم بإعتبار أنهم يقرأون الفاتحة على روح المرحوم ، في حين أنهم يّعدون للعَشرة ” . أعتقد ان قَسَم معظم النواب يشبه فاتحة أصدقائي !! .
4 ـ بعد أن أقسمَ النواب وأصبحوا رسمياً ممثلي الشعب ، صاحَ بعض النواب : عاشَ العراق وصرخَ آخرون عاش الحشد وعاشت القوات المُسّلحة .. فقال المشهداني : نعم عاش العراق وعاشت القوات الأمنية وو عاش الحشد المُقّدَس ! ، فأجابه أحدهم : والبيشمركة ، فضحك المشهداني قائِلاً : طبعا القوات الأمنية ومن ضمنهم البيشمركة طبعاً . [ لا أدري ماهي ” مقاييس ” المشهداني لل * المُقّدَس * ] ! .
5 ـ معظم نواب التيار الصدري دخلوا القاعة بالزي العسكري مُرتدين فوقه ما يشبه الكَفَنْ ! ، في رسالةٍ مُوّجّهة للجميع ولا سيما لمنافسيه من الحشديين الشيعة .
6 ـ قامَ نوابٌ من جماعة العامري والمالكي والخزعلي ، بتقديم طَلَبٍ الى المشهداني بإعتبارهم [ الكتلة الأكبر ] وعددها 88 نائباً . مما أثارَ حفيظة الصدريين ، فهجموا على المنصة وأحدثوا فوضى كبيرة ، متهمين الجماعة بالكذب وطلبوا الكشف فورا عن الأسماء ال 88 التي يدّعونها . في حين قدم الصدريون طلباً بإعتبارهم هم الكتلة الأكبر وعندهم 76 نائباً ! . خلال هذه الفوضى أوشك المشهداني على السقوط ، فسارعت الحماية ونقلوه الى المستشفى !! .
إعتذر النائب الإحتياط الأول ، عن القيام بإدارة الجلسة [ بعد أن رأى بأم عينه ماحصل للمشهداني ! ] ، فبادر الإحتياطي الثاني ، النائب خالد الدراجي ، لتكملة أعمال الجلسة ، ولا سيما إنتخاب رئيس المجلس الذي إقتصرت المنافسة فيها ، على محمد الحلبوسي ومحمود المشهداني . ومن الطبيعي ان الحلبوسي إكتسح المشهداني ! .
7 ـ سُئِلَ أحد نواب الإتحاد الإسلامي الكردستاني عن رأيه في ” وحدة الصَف بين الحزب الديمقراطي والإتحاد الوطني الكردستانيين وقدومهما معاً الى بغداد ؟ ” .أجاب مبتسماً : رُبما جاءوا [ معاً ] في طائرة واحدة … لكنهما بعيدين جداً عن وحدة الصَف والتفاهم والتنسيق … مع الأسف ! .