قصة موظـف غـير مـهم
عـمل مــع عــدد كـبـير مــن الـوزراء ، وكـان اول الـواصلين الـى المـكــتب وأخــر المـغادريـــن ..
كان يرى اطفاله لماماً، يلقب بــ (داينمو) الوزارة ، فهو يعرف كل شيء ويفهم في كل شيء، الاّ “النفاق” بكافة انواعه واشكاله، الابيض منه والاسود، فهو ليس مدير مكتب وحسب، بل كان يقوم بعمل جيش من الموظفين… يقوم بعمل مدير العلاقات… ومعد القرارات الخاصة والعامة وضابط ايقاع العمـل بين مختلف دوائر الوزارة وفروعها في المحافظات وكاتـم اسـرار الوزراء الخاصة والعــامــة ايضاً.
كان يشعر في قرارة نفسه ان وجــود عــدد كـبـير مــن الموظفين يعـتـبر هــدراً وبـذخــاً لاموال الدولة ، لم يطـلب لنفسـه سيارة خاصة ، ولم يـجـدد مكـتـبه ابــداً بـل كـان يأخـذ ما يفيض عـن حاجـة الوزراء عندما يـقــومـون بإستـبـدال فـرش مكـاتـبـهم .
لـم يغـادر ارض العــراق نهــائـيـاً تحت يافـطة ان هـذا قـد يسبب احـراجاً للـوزيــر بإرسال مـديــر مـكـتبه، بــقي على هـذا المنوال حيناً من الدهـر، حتى اقعـده المرض شــهوراً عـديدة، وعـرف ان وزيــره قـد قـام بتعيين مـديــر مـكـتـب آخــر بــدلاً عـنه ..
وعندما عـاد الى الوزارة بعد شفائــه وجــد ان المكتب الـذي كان يشغله قــد اصبح فـي جــواره اكـثر مــن عشرة مكاتب مجهزة أفضل تجهيز، يشغلها شــباب وبـنـات .
استفهم من مدير المكتب الجديد عن هؤلاء ، فشرح له أنه تم انشاء مكتب سكرتارية يضم عدداً من الفتيات وليس واحدة فقط، وهناك مدير العلاقات العامة، يعاونه عدد من الموظفين والمكاتب العشرة تلك هي للمستشارين وبجانبهم مكتب اعداد القرارات والاوامر الوزارية وهو يضم طابوراً من الموظفين يجلسون خلف اجهزة الكمبيوتر على اهبة الاستعداد اضافة الى هذا هناك مكتب لسائقي الوزير ومدير مكتبه.
اعتذر مدير المكتب الجديد من مدير المكتب السابق، بانه عليه الذهاب الى المنزل باكـراً ليُجهّـز نفسه للسفر الى فرنسا لمدة اسبوع لحضور مؤتمرفي التطور الاداري وشرح لسابقه بأن هذه السفرة جاءت في محلها لأن منزله بحاجــة الى تبديل آثــاث.
دخل رئيس لجنة صيانة السيارات في الوزارة. واخبر مدير المكتب الجديد بأنه اجرى صيانة لكل سيارات الوزير ومستشاريه وكلّف ذلك الكثير من المال.
خرج المدير السابق متحسراً على ايامه الماضية، وهو يهز رأسه .. ويردد مع نفسـه .. الله يكون بعون الشعب العراقي لتسلم أمثــــال هؤلاء دفـة الحكم ويبعثروا ميزانـية الدولة دون الشعور بالمسؤولية ..
فاضل حسين الخفاجي