فرج ياسين
أصغى إلى خشخشة ورفيف . يجري فوق سريره ، فدعك عينيه ورفس الغطاء ثم نظر إلى السقف ، كانت كتلتان سوداوان متحركتان تترددان بين المروحة وقضبان النافذة التي تنفتح على الحديقة . رآهما فقفز خارج الفراش . انطلق يعدو حتى بلغ حجرة جده الموصدة . قرع الباب بقبضته وانتظر قليلاً لكن أحداً لم يرد ، فأنكفأ خائباً وصادف أمه عند باب المطبخ .
سألها عن جده ، فقالت له : أما تدري ؟ لقد سافر سفراً طويلاً ! لكنه قال لها أن السنونوتين عادتا إلى البيت كما وعد الجد . فقالت أمه أجل ، تعود الطيور ولكن الشيوخ الطيبين لا يعودون .
فأغرورقت عيناه ، تراجع مطأطئاً فألتصق بالجدار ، رنت إليه وهو يبتلع عبرته . فقالت له : أصبحت السنونوتان ملكك أنت . فأجهش باكياً ، وخرج إلى الحديقة ، وتكوم على التراب ثم حضر أخوته الكبار . رآوه فكفكفوا ابتساماتهم وتبادلوا بضع كلمات ثم دخلوا .
( السنونوتان السوداوان ظلتا في الداخل ، تنتظران إطلالة العجوز الطيب ،هذا ما فكر فيه حين عاود نواحه بصوت مرتفع هذه المرة .
من مجموعة( واجهات براقة )