ياسمينة حسيبي
في السادس من هذا الشهر سيُعلَـنُ عن ساكن البيت الأبيض الجديد، وقد يحتفظ أوبـَاما بالمفاتيح لأربع سنوات أخرى قادمة أو يسلمها لمنافسه رومني ويرحلْ .
الانظمة والبلدان العربية ( كالعادة ) تتطلع إلى نتائج الانتخابات الرئاسية الامريكية باهتمام بالغ ، وأغلبها يفضّل أوباما ( أهوَن الشرّين ) على منافسه مِيت رومني الذي توعد في حال فوزه بمحاكمة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد دوليا لإنكاره الهولوكست بحق اليهود .
مـيت رومني المنافس القوي لاوباما، ينتسب لطائفة المورمون التي لعب اليهود دورا كبيرا في نشوئها تعزيزاً للانشقاق داخل الكنائس المسيحية بغية السيطرة عليها.
ولقد عمِل رومني مبشّرا مورمونيّـا بفرنسا في بداية حياته وهو جٌّد لثمانية عشر حفيدا ولعل هذا العدد الكبير من الأحفاد يفسر اعتقاداته ، ( مثل كل مورموني ) ، بان الإنسان يرتفع شأنه يوم القيامة، بقدر ما عنده من الذرية بحسب تعاليم هذه الطائفة !
يرى رومني بان روحه تتصف بـ “قيم الإيمان” وهذا ما يحتاجه البيت الأبيض وما يحتاجه الأمريكيون اليوم بغض النظر عن منبع هذا الإيمان ، يصفق له ناخبوه رغم ان العديد منهم يتخوفون من توجه السياسة الأمريكية نحو الهيمنة الكنائسية اذا ما فاز بالانتخابات الرئاسية.
وقد يعتقد البعض ان تعيين رومني للبناني الأصل الدكتور وليد فارس مستشاراً للشؤون الخارجية في حملته الانتخابية ، قد ينتج عنه اهتمامٌ اكبر بملفات القضايا العربية ومشاكل الشرق الأوسط فيما اذا فاز رومني بالرئاسة واصبح اللبناني وليد فارس مستشارا في الحكومة إلا أنهم قد يصابون بخيبة امل كبيرة إذا علموا بأن عرب أمريكا ومسلميها لا يستسيغون ولا يثقون في اللبناني وليد فارس ويتحدثون عنه كصاحب توجهات معادية للإسلام وللمسلمين ابان عنها خلال الحرب الأهلية اللبنانية ..!
وتكبر خيبة الامل اكثر إذا ما أخذنا بعين الاعتبار تصريحات رومني المتطرفة خلال زيارته الأخيرة لإسرائيل ، وإعلانه بأن القدس هي العاصمة الأبدية لإسرائيل !
تصريحات جعلت الإدارة الإسرائيلية تعلن ارتياحها من هذه الزيارة قائلة : ” إن دولة إسرائيل مستعدة للتعاون مع كل من يؤيدها. فأعداؤنا كثر فى العالم، لذا علينا أن نتمسك بكل من يؤيدنا، ولا سيما الدول العظمى. وعندما ننظر إلى علاقة رومنى بإسرائيل، يمكننا القول بوضوح إنه فى حال فوزه فى الرئاسة سيكون لنا صديق حقيقى فى البيت الأبيض”
أما اوباما (المسلم الاصل ) والذي ظل خلال سنوات رئاسته يسعى لتبديد الاعتقاد السائد لدى البعض بأنه مسلم،
حيث قال : “أنا مسيحي بخياري الخاص، لم تكن عائلتي من النوع الذي يذهب إلى الكنيسة كل أسبوع، ولذلك توصلت إلى إيماني المسيحي في فترة متقدمة من حياتي ” ؟؟
لكن، وبعد أربع سنوات من الرئاسة، ما زال 17 % من الناخبين يؤمنون بأنه مسلم في حين ان 49 % يذهبون الى الاعتقاد بأنه مسيحي ويجهل 31% حقيقة ديانة أوباما.
وفي رأيي الشخصي ، لم يكن باراك اوباما يملك في حياته الرئاسية ان يكون مسلما أو مسيحيا ..لقد كان وخلال فترة رئاسته يُدينُ فقط بالسياسة الخارجية لأمريكا.
فهذا الرجل الذي هلّـل العرب والمسلمون لقدومه واستبشروا به خيرا لم يحقق لملف القضية الفلسطينية وللقضايا العربية والاسلامية شيئا يذكر ، وحتى حفاظه على وعده بسحب القوات الأميركية من العراق لم يتحقق سوى لهزيمة استراتيجية بعدما تدهور النفوذ السياسي للولايات الامريكية في العراق..
لقد كانت سياسته في الشرق الأوسط كارثية بكل المقاييس وأثارت حفيظة مؤيديه ومعارضيه على السواء .
الغريب ان أوباما (الغير مسلم على حدّ قوله) يولي أهمية قصوى لدعم الــ 13 منظمة اسلامية بامريكا وينتظر ان يصوت له غالبية المسلمين ناسيا انه لم يفِ بوعده للمسلمين حين صرح في بداية تولّـيه للرئاسة بـ2009 : “سنسعى إلى بداية جديدة بين الولايات المتحدة والمسلمين في مختلف أنحاء العالم “!!!
ومهما يكن الاختلاف في التوجهات الدينية او في الرؤى السياسية، إلاّ أنّ رومني واوباما يتفقان على شيء واحد : أمْـــنُ إسرائيل وتقديم ضمانات اكثر للحفاظ على بقائها ومساعدتها للتوسع في المنطقة.