د . علي عبدالحمزه
لأن العراقَ عريق ٌبحضارته وإنتماءه ، ولأن عمره من عمُر الكون والأرض ، نشأ أبناؤه وهم يحملون بصمته الوراثية التي تحكي عمق وأصالة ونقاوة هذا الأنتماء ، يحملون جينات تميزهم عن غيرهم من بني البشر، جينات تحكي نبوغهم وذكاءهم وتفوقهم في شتى مناحي الحياة ، والذي سجلوه وترجموه إلى آثار ٍ واضحةٍ في الطب والهندسة والفلك والعلوم والسياسة ، يملأون الأرضَ مشاركات في المؤتمرات العلمية التخصصية والمسابقات المعمارية ليحصدوا أعلى الشهادات التقديرية والجوائز والأوسمة التي ما أنْ يستلموها ويضعوها على صدورهم حتى تدمع عيونهم بتذكرهم وطنهم الأم العريق والوطن الأبهى العراق العظيم ، وما أنْ يعتلوا منصات الحديث حتى يبتدأوا بأهداء ما توصلوا إليه ونالوا ثوابه للعراق وليس غير العراق .. تلتقيهم الفضائيات والمجلات والدوريات والنشريات ، فيقدموا أنفسهم المجردة من أي لقب يوحي بالمناطقية والمذهبية والأنتماء الديني ، يقدموا أنفسهم أنهم أبناء العراق ، وإنه لمن دواعي سرورهم أنهم كانوا عراقيين منتمين إلى أصل الحضارة وأول الأكوان ، عندما يُسألون عن أماكنهم يُسارعوا في القول بأنهم من أرض أولى الحضارات التي نشأت فيها أول المُدن وأول أشكال الكتابة وأول أشكال التشريع والقوانين ، من بلادٍ لها أقدم وأحلى إسم .. ميزو بوتوميا ، بلاد مابين النهرين ليؤكدوا أنهم أبناء دجلة والفرات لا أبناء القبيلة والعشيرة والمشيخة والتكية والمذهب ، مع جُل إحترامهم للعقائد والأفكار ، ولكن الوطن هو الكل ، وكُلُ ماعداه جزيئات لا تُغني و لا تُسمن .. ولكن واحسرتاه عليهم ، عندما يحسوا بالألم لأن من يستفد منهم ومن نجاحاتهم ليس وطنهم ، وإنما الأوطان التي هاجروا او ثجروا لها ، تدمع عيونهم وهم يتمنون أن تلتفت إليهم عيون الوطن ويدعوهم ليقدموا خدمة طالما حلموا بها للأجيال التي تستحق التعليم والتطوير والنجاح .. والقائمة تطول بذكر أولئك الخالدين الذي يحق لنا أن نفتخر بأنهم عراقيون ، ولكني هزني ماسمعتُ ورأيتُ عن العراقي الأصيل ، الدكتور عبدالعظيم السبتي ، عالم الفَلَكْ الذي يعمل في بريطانيا والذي إكتشف كويكباً قُرب المريخ وليسجل إكتشافاً غير مسبوق أصرت الجمعيات والأكاديميات التخصصية العلمية أنْ تطلق عليه إسم العالم الذي إكتشفه وهو العالم العراقي السومري الأصيل الدكتور عبدالعظيم السبتي ، الذي صرح في لقاء له إنه متألم كثيراً بقدر فرحه الكبير لأن حكومة وطنه الذي يعتز بالأنتماء إليه لم تُكلف نفسها بأرسال برقية تهنئة كما تفعل مع المنتخبات الكروية التي تحقق فوزاً يُفرح الناس بشكل مؤقت سرعان ما تمسحه الذاكرة ،… الدكتور عبدالعظيم السبتي مبع عراقي آخر ينضم إلى قائمة مبدعي العراق الذي تغربوا عنه وآثروا أن يخدموا بلدهم العراق برفع إسمه عاليا ً .. أ َيُعقل أن يكون أحد الكويكبات الفضائية يحمل إسماً عراقياً ولايتم الأحتفاء والأحتفال به مثلما تم الأحتفاء بالعالِمْ العالمي العربي المصري أحمد زويل الذي أقيمت له جدارية تضمه إلى جانب نجيب محفوظ .. الدكتور السبتي الذي يحن ويشتاق لرؤية بلده وبلدته التي وُلد وعاش فيها وأكمل الدراسة الأبتدائية والأعدادية .. يتمنى على الحكومة أن تعيد فتح الأكاديمية الوطنية للعلوم وأن تعيد تشغيل هيئة أو مؤسسة الطاقة الذرية … ونحن نتمنى على الحكومة أن تستمع الدولة لهذا الطلب الذي قدمه الدكتور السبتي ليأتي إلى بلده ويعطي لأجياله من علمه وثقافته رداً للجميل وعرفاناً بالفضل الذي قدمه الوطن لهذا الأبن البار ، كما ونتمنى أن تذهب وزارة التعليم العالي لتقيم نصباً تذكارياً تضم مبدعي العراق الذين ملأوا الأرض إبداعاً وتوهجاً ، فالسبتي أحد أسماء قائمة الفخر والأعتزاز التي تضم الكثير مثل زُها حديد المهندسة المعمارية العالمية والمهندس المعماري منهل الحبوبي وجراح القلب العراقي الدكتور أياد كاظم جحيل ، وعالم الجيولوجيا ومكتشف النفط في النرويج وصاحب كتاب التجربة النرويجية الدكتور فاروق القاسم والنائب في البرلمان البريطاني ، العراقي الزهاوي ، والنائبة في البرلمان السويدي النائبة العراقية السُهيلي ، والكثير من الأسماء الأخرى .. أليس من حقنا أن نفتخر بأبناء العراق ونجعل منهم نبراساً يهتدي به الأجيال اللاحقة فخراً وعزاً بالأنتماء لهذا الوطن الجميل .. ، فليس من المعقول أن يكون في الفضاء كويكباً عراقياً لا تراه عيون العراق بل تراه عيون الغرب