جواد كاظم الخالصي
كلمة الدكتاتور قد تكون مرعبة او يتوجس احدنا عند سماعها علما انها واحدة من كلمات المعجم العربي الكبير الذي يضم في طياته مثيلا لها وما يقابلها من جميل الكلمات، ولكونها تنطوي في مفهومها على حالة الرعب والخوف بصورة الحاكم المستبد الذي ينكّل بكل من يقف عائقا أمام طموحاته ويعرقل مسيرة حكمه التي خطط لها أن تكون بقسوة الحديد والنار، وقد عُرف العراق بالكثير من مراحله حكاما يمكن وصفهم بالدكتاتورية البغيضة التي أتعبت هذا البلد وشعبه طيلة عقود من الزمن عاش فيها المواطن العراقي تحت وطأة الخوف وارهاب الآمنين والمستقبل المجهول وهذه الحقبة لم يكن التعامل فيها مع فئات الشعب العراقي بشكل متساو من حيث توزيع المظلومية، فقسم نال الحظ الأوفر منها وقسم آخر كان أدنى من ذلك، فأدنى ، فأدنى، حتى يمكننا القول أن الأذى قد نال الجميع وإن كانت لأغراض مختلفة في الصراع السياسي.
اليوم بدأنا نسمع الكثير من العبارات السياسية والمصطلحات من قبيل الفردية في الحكم، والدكتاتورية، وسلطة الحزب الواحد، والتفرّد بالسلطة، وما الى ذلك من تلك العبارات!!! طيب لنُسلّم جدلا أن هذه المواصفات موجودة في جسم السلطة السياسية التي تحكم البلد اليوم على الرغم من أنها(الحكومة) خرجت من رحم الانتخابات البرلمانية وجاءت عن طريق أصوات الشعب العراقي مباشرة وان كانت مراكز القرار توافقية لكنها في النهاية منتخبة ، فلماذا اذن نقبل الدخول في هذه التوافقات ونجلس على كراسي حكم البلد طالما نقر بوجود روحية التسلط والفردية في القرار ونحن نعرف أن العراق مر عليه تسعة أعوام بعد سقوط آخر عرش من عروش الدكتاتورية لينهي قرنا من زمن التنكيل وممارسة العنف ضد أبرياء الوطن،، لتبدأ مرحلة جديدة اعتقادي فيها أنها فترة زمنية لا ترقى لأن نعتبر من حكموا فيها تقمصوا نزعة الحاكم الدكتاتور أو المستبد كونها مرت بثلاث كابينات وزارية، فهل يمكننا أن نطلق هذا الوصف على السيد علاوي او السيد الجعفري او السيد المالكي حاليا وهؤلاء لم يصل أحدهم الى أكثر من دورتين انتخابيتين مع وجود السلطة التشريعية التي تراقب الصغيرة والكبيرة وتمر عبرها كل القرارات والمشاريع التي تعمل الساحة السياسية العراقية بموجبها.
كثر اللغط السياسي خلال الدورة الثانية لكابينة المالكي الوزارية ووصفوا بإصرار رئيس الوزراء بأنه يتفرد في الحكم وبدء الوضع يتجه الى دكتاتورية الفرد الواحد والحزب القائد كما يقولون وتحديدا من قبل القائمة العراقية وهذا الخلاف أصبح اليوم عائقا كبيرا لعمل الدولة في كل المجالات لأن المتسببين في ذلك هم ذاتهم من يقود النظام السياسي في العراق وعلى مستوى الرئاسات الثلاث، ومن المؤكد ان هذا الاصرار يقف خلفه من يدفع به بقوة حتى نصل الى الانهيار السياسي في العراق وفي النهاية تكون آلية انهيار العملية السياسية تحصيل حاصل وهو ما تتمناه دول عربية عدة وتحديدا الخليجية منها الذي لعبته بالأساس أكبر دولة فيها من خلال مواقفها الواضحة بالضد لكل من يخالف بنيتها العقائدية وفكرها الأيديولوجي المتشدد الذي تبثه الكثير من الحركات السلفية التي أوغلت كثيرا بدماء العراقيين.
ما نستغربه هي الضجة السياسية التي بدأت تتفاعل في الواقع السياسي العراقي وبالخصوص عشية الانسحاب الأمريكي ،، فمن جانب يصرح نائب رئيس الوزراء صالح المطلك بدكتاتورية المالكي ويعتبره أسوء من دكتاتورية صدام في حين نجده هو يعمل تحت إمرة هذا (الدكتاتور)، كما إن وصف المطلك (صدام ديكتاتور يبني والمالكي ديكتاتور لا يبني) غامض الى درجة انه لم يتحدث لنا عن الذي بناه صدام طيلة الفترة من منتصف الثمانينات وحتى سقوطه ، إذا كان أهم قطاعين خدميّين أهملهما – التعليم والصحة- فمنذ العام 1985 لم تُبنى مستشفى تخصصي أو عام كما إن التعليم الابتدائي والثانوي والجامعي انحدر الى أدنى مستوياته فلم يطّلع الشعب العراقي على تكنولوجيا العالم الا بعد سقوط ذلك النظام الذي وصفه السيد صالح المطلك بكلمة (يبني) في وقت يعلم جيدا نائب رئيس الوزراء ان الذي أخّر البناء في العراق هو الارهاب المُنظّم الذي تدعمه الدول ذات العقيدة الرافضة لرئيس وزراء رافضي يدير دفة البلد اليوم مرفوض عندهم دينيا فكيف يكون بالمقبول سياسيا.