د.خالد ممدوح ألعزي
الفيتو روسي والمال إيراني والقاتل اسدي:
كل التأكيدات والدلائل تشير بان نظام الأسد لا يزال يسير بنفس الطريقة المعهودة، الكذب وألف والدوران، على خط الدبلوماسية،وقتل وبطش في الداخل، فالقبضة الأمنية والعسكرية هي التي تسيطر على كل مواقف الأسد. فالأسد الذي وقع على برتوكولات الجامعة العربية باليمن ويستخدم السلاح بيده الشمال ،لان الأسد لا يريد وليس عنده أي حجة للرد على الشعب السوري التي تطالب برحيله وإعدامه سوى القتل والنار، متسلحا بالمواقف الدولية التي تحاول تدويل الزوايا مع نظام الأسد نتيجة مواقف ومصالح خاصة ومالية بحثه،فالروس والصين تحميه في مجلس الأمن الدولي ،والعراق لبنان توفر له الغطاء العربي والطرق البرية والبحرية،وإيران وحلفاءها تقدم المال والتكنولوجي والعتاد والخبراء والسد يكمل الباقي هو شبيحته ومليشيات الجنجويد. لذلك الأسد لا يهتم لأحد وعينه تنظر لك ك”العاهرة في السوق”، فالدكتور الرئيس مستعد لإجراء اكبر عدد ممكن من العمليات في مشارح الأسد المجانية.
جمعة جديدة من التظاهر :
خرج الشعب السوري للتظاهر من جديد بجمعة جديدة أطلق عليها اسم “جمعة بروتوكولات الموت” بتاريخ 23ديسمبر”كانون الاول 2011م، فالشعب السوري الذي يلبي نداء لجان التنسيق الثورية في التظاهر ضد المهلة الجدية التي أدت بعد ولادة قيصرية إنجاب بروتوكولات الجامعة التي زادت من قتل النظام للمحتجين بالرغم من المبادرة العربية فالنظام ارتكب المجازر المتعددة في مدن الاحتجاج متحدية الدول العربية والعالم كله ،بالرغم من ارتكاب النظام السوري لارتكابه جرائم ضد الإنسانية وفقا لتقرير لجنة حقوق الإنسان التي تمتلك دلائل ووثاق عديدة مدونة من قبل أهل الضحية والمنظمات الحقوقية. لكن نظام الأسد وعصاباته لا تزال تمارس أبشع أعمال القتل والبطش ضاربا كل الشرائع والحرمات الدولية عرض الحائط.
اتساع رقعة المظاهرات :
لم تبقى المظاهرات محصورة في مناطق الحراك الثوري فهي امتدت إلى مناطق جديدة تلتهب فتيلها تدرجيا، لقد خرجت المظاهرات هذا الأسبوع في أكثر من
فالتظاهر أضحى فعلى يومي ليلا نهارا،فكل ما اشتدا قسوة الأمن والجيش في التعاطي مع الاحتجاجات زاد انتقام الشعب وردة الفعل عنده،بالرغم من تقطيع المناطق والمدن السورية إلى أحياء وأزقة ،فالشعب السوري بدء يتكيف مع هذه الأساليب القمعية ،بالرغم من الحصار واستخدام السلاح الثقيل لإخماد الانتفاضة ،فالأهالي يردون بالتظاهر المختلف ،فأما بتظاهرات سريعة تربك رجال الأمن الشبيحة، أو التظاهر في الحارات والأزقة التي يصعب على رجال الأمن والشبيحة دخولها ،أو بالظهور المفاجئ لا إحدى الشخصيات الثورية التي تعمد لأعطى التظاهر نوع من الزخم المعنوي ،فالتظاهر تعدد من التظاهرات الشعبية الكبيرة حتى الصغيرة مرورا بتظاهرات الأطفال في المدارس وطلاب الجامعات ومشاركة النساء حتى للمشاركات الفردية من قبل المسننين الذين يحاولون أن يعبروا عن سخطهم وغضبهم من هذا النظام ،كما حال الرجل الهرم الذي قام بالتكبير عاليا وسط رجال الأمن السوري في حماة مما أغضبهم هذا الصوت وانهالوا عليه بالضرب المبرح واقتاده في صندوق السيارة كما تم نشر الصور على صفحات “اليوتيوب”، التي تناقلت هذا الخبر.
برتوكولات الدم:
استطاع النظام السوري بواسطة حلفاءه من شراء الوقت مجددا لاستكمال خططه الأمنية والعسكرية بأنها وإخماد الانتفاضة ،لقد وقع على البرتوكولات وكأنه فصل المبادرة وتنفيذها عن البرتوكولات،لقد ادخل الجامعة بأزمة فعلية فالجامعة التي وافقت على توقيع النظام السوري لم تطالبه بتنفيذ بقية بنود المبادرة العربية وان مهمة المراقبين العرب الإشراف أيضا على تنفيذ بنود المبادرة العربية التي وقع عليها النظام التي لا تنفصل عن بعضها البعض.
أرسلت الجامعة العربية مراقبيها الذين وصلوا سورية نهار الجمعة بتاريخ ، بقيادة الجنرال البعثي السوداني محمد مصطفى الدابي ، والمتهم بتنفيذ مجازر إبادة جماعية في دار فور والملاحق للعدالة الدولية بالطبع سوف ينحاز للنظام واليوم الأول أشار لذلك ، بالطبع اختيار غير موفق للجامعة العربية ،إضافة إلى أن فريقها ينقصه الخبرة لممارسة هذه الأعمال.
رسائل النظام السوري :
لقد سارعت سورية منذ اليوم الأول لوصول البعثة العربية إلى أرسل رسالة دموية للجامعة العربية من خلال تفجير مراكز الأمن في منطقة كفرسوسة جنوب العاصمة السورية دمشق ، وتقتضي الرسالة بان :
– على اللجنة عدم تخطي الخطوط الحمراء التي ترسمها الدولة السورية ،
-الإقرار من قبل اللجنة العربية بان سورية تتعرض لإرهاب دولي وفق ما تسوق في إعلامها وخطابها السياسي .
-رسالة واضحة للمجتمع الدولي الذي يصر على أن النظام يمارس جرائم ضد الإنسانية ، فالنظام يتعرض لإعمال إجرامية فادحة.
-رسالة قوية للمندوب الروسي في مجلس الأمن لاستخدامها في تعزيز موقفه بإدانة الإطراف المتصارعة في سورية وتحميلها المسؤولية وخاصة الروس يحملون مبادرة لنجلس الأمن.
تفجير المراكز الأمنية في دمشق:
بالطبع أبشع الحروب على الإطلاق في العالم هي حرب المتفجرات العمياء التي تأخذ بطريقها شهداء أبرياء لأنها لا تميز بين احد. ومن المؤسف أن يتعرض الشعب السوري لهذه الطريقة آو لغيرها من القتل البشع.
لكن الملفت للنظر في عملية التفجيرات السورية التي كانت قناة الدنيا والإخبارية السورية السباقة في نقل الخبر الإعلامي وبثه والتشويش على القنوات الفضائية الكبرى من اجل أصال الدعاية المطلوبة ،لأنها بأنها جئت بوصول المراقبين العرب ، ونهار الجمعة يوم الصلاة الإسلامية وخروج المصليين للتظاهر،والعملية التي تم تنفيذها في مكان ليس عادي في سورية يمكن تنفيذها بسهولة ،المكن محصن امن الدولة منطقة الحرس الثوري الإيراني ،مكان جريمة اغتيال عماد مغنية التي لا تزال أثرها غامضة .
فالنظام السوري الذي أعلن فور تنفيذ العملية بان تنظيم القاعدة هو المسؤول عن تنفيذ العملية دون البدء بالتحقيقات الفورية وبسرعة هائلة تم دفن القتلى تغيب الجرحى وحتى الأشلاء التي لم تكشف عنها.
لكن هناك العديد من الأسئلة التي يجب على النظام اضاحها لكي تكون حقائق ثابتة للجميع ،لماذا دفن النظام أشلاء القتلى المتهمين بالتفجير دون إجراء فحص الحامض النووي،على النظام الكشف الكامل عن هويات القتلى الذي شيعهم في توابيت لا احد يعرف ماذا فيها ،الكشف عن الجرحى،على النظام الإفصاح عن الدلائل التي استند عليها في إدانة تنظيم القاعدة ،والذي لم يتبنى العملية والذي يعتبر ارض سورية ارض نصرة وليست ارض جهاد بينما سارع حليف النظام السوري باتهام أمريكا بتدبير التفجيرات ،فإذا تنظيم القاعدة وأمريكا دبروا العملية ليشرح لنا النظام السوري كيف يتم ملاحقة تنظيم القاعدة في العراق واليمن وباكستان وأفغانستان ويعملان سويا في سورية .
لقد استندا النظام السوري في اتهاماته على بعض المصادر اللبنانية والإعلامية منها والى تصريح الوزير اللبناني فايز غصن الذي أعلن في 21 ديسمبر “كانون الأول” بأنه تلقى معلومات بان عددا من رجال من القاعدة تسللوا إلى سورية من بلدة عرسال الحدودية اللبنانية ،لماذا لم يتم القبض عليهم من السلطات اللبنانية التي لم تقر بوجود قاعدة في لبنان ،بالطبع استخدام القاعدة للأراضي السورية ليس صعبا ولا عجيب وليس دفاعا عن تنظيما يمارس الإرهاب ويفتخر به ،فالنظام السوري ادري بعناصر القاعدة الذي كان يرسلها إلى العراق والى لبنان ويهدد بها دول الجوار ،فالقاعدة وفتح الإسلام وجند الشام هم من أبناء هذا النظام فالنظام يجب أن يسال نفسه من هم عناصر القاعدة،ولماذا لم يخبرنا النظام عن السبب الذي قامت به ،هذه العناصر بالتفجير نهار الجمعة ، يوم العطلة الرسمية في سورية حيث لا يتواجد أي ضابط من الضباط العاملون في هذه المراكز الأمنية والتي ارتبطت أسمائهم في أبشع جرائم القتل والتعذيب والاعتقال فهل هذه صدفة عجيب أو رب العالمين ابعد عنهم أولاد الحرام.
النظام الروسي :
لم تناقش المسودة الروسية في الأمم المتحدة لان الروس لم يحاولوا إجراء أي تعديل فعلي على هذه المسودة التي تحاول روسيا تسويقها وإقناع الدول الغربية بها، بالرغم من المسودة لم تقنع عددا كبيرا من أعضاء الدول في المجلس الأمن،لان الروسي يحاول أجاد مخرج فعلي ينقض النظام السوري من خلال تسويق الحل اليمني القاضي بتنحي الرئيس الأسد والمحافظة على نظامه الذي يضمن لموسكو استقرار لمصالحها الخاصة ، وبالتالي موسكو تحول شراء الوقت للنظام السوري حتى يتمكن النظام من حل مشاكله مع الجامعة العربية وتقديم بعض الإصلاحات التي ترى فيها موسكو انجاز هام لبقاء النظام السوري ،وبالتالي المسودة التي لم تتضمن أي مطالبة للنظام السوري بإطلاق المعتقلين السياسيين ،وعدم الموافقة على تسليح النظام ،وتسوية الجلاد بالضحية بالوقت الذي أدانت لجنة حقوق الإنسان بالأكثرية النظام السوري الذي ارتكب مجاز ضد الإنسانية. ومن هنا فان روسيا حاليا بظل رأستها لدورة مجلس الأمن لن تناقش أي تعديل على مسودتها وسف تعرقل أي قرار ذات مخالب مستقبلية يتم وضع أساسه لمعاقبة سورية لاحقا،
النظام العراقي:
لقد فشل المالكي بتسوية سورية أمريكية تكون لبغداد دورا أساسيا في هذه الصفقة التي تنص على النظام الأسد تسليم قيادات عسكرية وبعثية عراقية متواجدة بحماية نظام الأسد ،والمقابل يحصل نظام الأسد على مساعدات مالية وسياسية ودبلوماسية من العراق الذي يحارب البعث ويصر على مساعدة البعث السوري حليف النظام الإيراني ،لكن مساعي المالكي وحكمتها السياسية أدت إلى فتح نزاع داخلي في العملية السياسية الهشة ،فالشراكة العراقية أضحت على المحك وأمريكا دخلت في معركة خاسرة لنظامها في وقت تستعد أمريكا للانتخابات الرئيسية . ومن هنا تكون المحاولة العراقية – الإيرانية التي تهدف لأنقاض نظام بشار الأسد من خلال قص جوانح القيادات السنية في العراق من خلال رسائل ترسل للعرب بان يكفوا الضغط عن بشار الأسد ،وبالتالي لم يسلم الأسد احد لأنه أضحى غير قادر على تنفيذ هذه المهمة الصعبة والمالكي لم ينجح بواسطته الفاشلة التي تضعه ونظامه على قوب قوسين من معركة لها صدها وتأثيرها ليس على العراق وسرية وإنما على إيران والمنطقة بأكملها.
مهمة مراقبي الجامعة العربية:
تعتبر مهمة المراقبين في سورية بأنها أخر فرصة تعطى للنظام السوري للدخول في حل فعلي يرضي المتظاهرين الفعلين في سورية وليس إرضاء دول المنطقة وضمانة مصالح آخرين.لكن النظام السوري الذي وقع على البروتوكولات العربية بتاريخ ضن نفسه استطاع أن يفصل بين البروتوكولات والمبادرة العربية الغير معني بتنفيذها ،ومع وصول طلائع وفود البعثة الى سورية حاول النظام أن يمارس دور المشارك في هذه البعثة وباعتبار البعثة جئت لمساعدته هو ضد العصابات الإرهابية ،لم ينفذ النظام أي تعهدات وأي أقوال لا يزال يمارس القتل والبطش.
لقد احتوى النظام السوري البعثة منذ اليوم الأول بزيارتها إلى موقع التفجيرات في كفرسوسة التي منعها الذهاب إلى منطقة الميدان التي كانت تشتعل فيها بركان الثورة في دمشق.
لقد مارس النظام نوع من الممارسة البلطجية التي لا يزال اللجنة “تغير الأسماء للمواقع الجغرافية ،عدم مساعدة المراقبين للوصول إلى أماكن الاحتجاج المحاصرة ،تصريح العديد من أعضاء اللجنة بان النظام يساعد اللجنة ،بالتالي مظاهرة حمص التي انتفضت بوجه المبعوثين وتندت بالرئيس الأسد ،إضافة لرفض الأهالي بمقابلة اللجنة لكون المبعوثين برفقة ضباط الأمن السوري،والشيء الإفظاع إن مهنة القتل في حمص المحاصرة لم يتوقف بظل وجود المراقبين.
لان مهمة المراقبين مراقبة تنفيذ المبادرة العربية التي تنص على سحب المظاهر المسلحة وإطلاق المعتقلين والسماح للإعلام بالعمل.
لكن تبقى مصداقية النظام السوري على المحك بتنفيذ المبادرة والتجاوب مع شروطها،وهل يكون النظام السوري وقع في فخ الجامعة العربية من خلال ارسال المراقبين ،هذا يذكرنا جيدا بفخ الامم المتحدة الذي وقع فيه النظام العراقي في 1998 والذي تم سحبهم لان النظام العراقي لم يتعاون مع المراقبين الدوليين وبالتالي كان مصير النظام العراقي الزوال ،فالمبادرة العربية لسورية تم استنساخها حرفيا عن المبادرة الأممية للعراق.
فالمؤكد بان مهمة المراقبين فاشلة ولن يستطيع النظام السوري التكيف معها مهما حاول احتواء نشاطها والإيعاز بأنه يتكيف معها ويساعدها في تنفيذ ما هو غائب عن التنفيذ من قبله.
فالحركة العربية الدبلوماسية لن تنجح ولن يكتب لها النجاح لان النظام السوري وقوات جنجويده التي ضعت سقفا علنيا للمراقبين ،ام الالتزام بتوجهنا الإعلامي والسياسي وإلا سوف يكون ردنا مختلف .
وبالتالي رد العالم كله سوف يكون الاعتماد على قصر نظر النظام السوري في تعاطيه مع الملف السوري الداخلي، والتوجه العربي والغربي والتركي والأمريكي هو نقل الموضع نحو مجلس الأمن ،وبالتالي إحراج روسيا والصين حلفاء سورية في تعاملهم مع الملف السوري الذي أضحى شوكة جارحة في حناجر العالم كله.
طبعا الخطوة القادمة في مجلس الأمن والنظام السوري أصبح يعد أيامها مهما كان دعم روسيا وإيران له،ومهما كانت وحشيته في قمع الشعب الثائر فان رغبة الشعب السوري هي فوق كل شيء،لان الهدف الاسمي هو التحرر من نظام الأسد وكتائبه الأمنية وفرق موته الذي يقحمها تحت شعارات وطنية وقومجية…
كاتب صحافي وباحث إعلامي مختص بالشؤون الروسية ودول الكومنولث.