دستور الموتى ..
غرف كثيرة جدًا متراصة احيانًا، ومبعثرة متباعدة أحيانا اخرى .
رائحةُ العفن تملأ المكان، أحسستُ بحرقةٍ في فمي أمتدت كما النار الى جوفي، لاأعلم لماذا هذا المكان يُشعرني بالراحة رغم الظلمة والسكون ووجود ضوء غريب لم أعرف مصدره، فلا مصابيح ولا ضوء نهار!!
إحتجت شربة ماء فالحرقة تُجبرني على المجازفة لترك مكاني والبحث عن سبيل ما، ربما أحدهم يملك الماء.كنت أسمع قصصا كثيرة عن البرزخ يبدو أن لاشيء صحيح والتجربة تتكلم بالحقيقة لكن ليس من عودة لنشر الاخبار,سأجرب .
خرجت محاولة تدبر الطرق الملتوية الكثيرة لعلي أسمع بعض الهمس يدلني الى أحدهم، كيف يمكن العيش هنا! آه.. وهناك ايضا حيث الحياة فوضى وقتال وموت بالجملة وحرائق كثيرة واختناق . أووووه مابالهم صامتون الا يمكن أن يتحرك أحدهم مثلي ويبحث عن ألفة او بعض ماء . هاااا.. إنه طريق مغلق لابد لي من العودة الى مكاني وحفرتي أو بتعبير أجمل غرفتي. لقد تهت! لكن لاعمل لدي طبعا فلأبحث وأتعرف على الطرق..ماهذا يبدو إنه ممر حقيقي نحو الأعلى،رغم عدم رغبتي بالنظر الى مايحدث فوق لأنني أعرفه لكنني مضطرة للخروج طلبا لبعض الماء يداوي حرقة حلقي . تمكنت من الوصول الى خارج هذه الحفرة المتروكة بلا ساكن .
جميييل ضرب وجهي تيار هواء بارد، فتحت فمي لعلي أُصيب بعض الرطوبة لكن لاشيء ، جلست هناك والوقت ليل بقمر جميل والسكون من حولي حيث الصمت يلف المكان، يالجمال القبور وسكون اهلها !!طيبون فعلا ربما هي الحياة من تجعلنا متوحشين, النوم مفيد في كل الاحوال للاحياء وللأموات,لكن مابالي لم أنم مثلهم,هل أنا فقط من أصابتني هذه الحرقة؟ هل هي لعنة ؟ أم ربما مت مسمومة أو لم أمت بعد بشكل كامل؟ سمعت صوتا لحركة سريعة مضطربة،ركض رجل من أمامي يلهث، تعثر بشيء ما فصرخ متألما وقال:إنه عظم لعين،لعنة الله على صاحبك ماأخرجك من قبره ؟
قلت: متنا ومازلنا على عهدكم في الأذى أيها الخبيث وماتفعل هنا في المقبرة والوقت ليل مظلم بلا قمر, بالتأكيد تُخفي مصيبة ؟
تلفت خائفا وقال: من يتكلم؟
قلت: أنا هنا بقربك،من سكنة المقبرة حيث يرقد الملعونون…مارأيك؟
قال وهو يرتجف: كذب وربي إنه صوتكِ لعلني لم أقتلكِ جيدا.
قلت: اذن انت هنا لانك قتلت شخصا ما ؟ ومافعلتْ المقتولة الملعونة؟
قال وقد بان عليه الاحتضار: هذا مستحيل لن اصدق.
قلت: أرجوك لاتصدق، حتى يُكملوا نزع روحك… يااااه زالت الحرقة من حلقي .ربما بقيت مستيقظة كي أتسبب بموتك ياهذا ! ياللأقدار ! كانت اول ليلة لي هنا ويبدو ان بعض التراب تسلل الى فمي فهو حار وحارق.. سيصيبك انت ايضا.
قال: ابتعدي عني.
صار يركض . وقفتْ بقربي بنت لم تتجاوز العشرين من العمروقالت:
لقد قتلني للتو.
قلت: من هو ..أبوك أم أخوك أم ماذا.. ومافعلت؟
قالت: لااذكر شيئا .
قلت: لنترك الحديث للأيام القادمة..أظنه عاد الينا،لقد مات في الطريق وعاد الينا،ههههههه، مارأيكِ أن نمارس معه دور المحقق لعلك تتذكرين ماحلّ بكِ، فالفرق مهم في الموت ومعرفة أسبابه وليس كما يقولون تعددت الأسباب والموت واحد..فانا سقطت من أعلى السلم على راسي ومت فورا..سبب سخيف جدا للموت كان يجب ان انتبه .
قالت: موافقة.
وصل الينا فقال: انه النحس الذي لازمني منذ أشتريتكِ،هاقد متُ معكِ ايتها اللعينة.
قلت: أهوووو..أظن انك انت الملعون الوحيد في هذا المجمع .
قال: وانت،من تكونين؟ ومن سمح لك بالخروج ومحادثة الاحياء لتبثي الرعب فيّ فاموت.ها؟
قلت: انني حديثة الموت وربما يمكنني ممارسة بعض حالات الحياة حتى أتمكن من المكوث والصمت.كما انت الان وهذه البنت. اخبرني قبل ان أصرخ وأجعل كل الساكنين في الاسفل يسمعونني ويأخذونك ليفرغون فيك غيظهم، فكما تعلم انهم ملعونين.
قال: ماتريدين؟
قلت: لماذا قتلتها ؟
قال: اشتريتها لأربح لكنني خسرت، تبين لي بعدها انها مجنونة،فلم يبق امامي كي أتخلص منها الا القتل وها انا معها في الموت لأكمل النحس.
قالت البنت: هل انا مجنونة؟
قال: نعم..كل رجل اقترب منك كان يهرب والدماء تسيل من رقبته. حتى أمسكني احدهم وضربني ضربا مبرحا. . فاقسمت على قتلك.
قالت: فعلت مافعلت كي لا يؤذونني كما آذيتني انت. كنت آخذهم بغفلة كما فعلت بي. وهانحن الان هنا وسابقى أقتل فيك مرارا ومرارا.
قلت: وسأُعينك عزيزتي سنجعل الدماء تسيل من كل مكان في جسده الملعون، ياهذا اطمئن لقد انضممت الان الى موطن الملعونين.
انه يحاول الهرب، لن تقدر فالأرض هنا تجذب الارواح لتبقى، ياللغبار في هذا المكان يجعل كل شيء كئيبا،حلّ الصباح وبان لنا الناس المغبرون كم يثيرون الجزع لدي،هيا صديقتي لننزل.. وأنت ايها المغبر تحرك نحو زنزانتك وتعذيبا ستناله بلا هوادة.. فلانوم هنا لأمثالك.
.
.
ابتهال خلف الخياط