حياة اخرى
قال ” ايليا ابو ماضي ” :
” احكم الناس في الحياة ، اناس عللولها
فاحسنوا التعليل “
من قراءة قصيدة ” حياة اخرى ” نستشف التصور العميق الذي يتبناه الشاعر تجاه ” الحياة ” وان هذا التصور ينبني على فكرة مؤداها ان هناك فرق كبير بين ما نحن مجبرين عليه على اعتباره هو الحياة “
“بحكم المسلمات والسائد من العقائد والاحكام , وبحكم التربية عليها ، وبين ما تقوله النفس وتهفو اليه وتتخيله ،،،،،،
يختلف مفهوم الحياة ، فالبعض يراه بطريقة فلسفية ، والآخر يراه بمنظور روحاني، فجميع الكائنات الحية لها حياة لكن ” العيش ” هو الذي يميز حياتها عن بعضها البعض، فالاحساس بالحياة
هو الاساس الذي يولد الشعور في صميم النفس ويشحن عواطفها مع كل إفاقة من ” الموت الاصغر ” اليومي المتواتر في حياتنا ، لنعرف كيف نحيا ونموت ،
غير ان ما تعلمناه ؛
” لاننا نموت نؤجل الحياة الى الغد ،،، ونتوسل القدر لعله يأتينا بما نشتهي ونحب ” ” ومن موتنا نصنع الجنة ،،، وننقلب الى العالم الاخر “
الشعراء فقط هم القادرون على اختراع لغة جديدة عندما لاتكفي اللغة لوصف الحياة وتصويرها وتبيان ماهيتها،
حيث لا يرى الشاعر العالم على ما هو عليه ، بل يراه من منظور ومبدأ الرافض او الناقد ، فيكتب للتعبير عن هواجسه ، مسلحًا بقوة الايحاء ، فيهاجم قراءه بلا كلل ، سواء من حدة منظوره او انشغاله بالاسئلة التي لا يمكن ان تشكل سوى امتداد للحياة ومعضلاتها …
فالشاعر قلب كبير يرفض الاكراهات والاملاءات ويتمرد عليها ، فينجبس من نفسه بتلقائية كما ينجلي الماء من النبع …
ليكشف لنا عن الزوايا التي من خلالها يسأل ويقترح ويشك ويقدم ما يراه ويتبناه من تصورات تنطلق من زاوية رؤيته ومقاربته للعالم، ،
فيحول نظره الى الطيور والعصافير التي تقضي حياتها في الطيران والغناء فيقول
” ولا حياة بعد الحياة لها ،،،، لانها تعيش حرة في حياتها ،،، وتعيش يومها ،،،
” لو اننا طرنا ،،، لو اننا عشنا اليوم “
مثلها ” لما طلبنا عيشة اخرى ،،،، عيشة مابعد الحياة/ الموت “
ان الشاعر لايسير على راي واحد لايتعداه ، فهو لا يعبر عن عاطفة واحدة او نفس واحد ، بل يعبر عن عواطف متغايرة ونفوس متباينه، فلا رأي لمن يريد ان يقيده بمذهب من مذاهب الدين ” او الفلسفة يذود عنه ويتعصب له ، لانه يرى جانب الصواب من كل مذهب ويعبر عن كل نفس ،،، انه يستمع بقلبه الى الصوت والاشارة آلتي تأتي من مكان خفي ،،
انه يعرف ” اننا نموت ” الا ان يرفض ان نعيش ” عيشة النقص والخطأ ،، ومالانحل ولا تشتهي انفسنا ،، عيشة من لا يعيشون لانهم ذاهبون الى عيشة اخرى اصطنعوها من تبدد الأولى ،،، من احتراق كل يوم ،،، حيث ياتينا الصوت لكننا لانسمع “