رهان الإصلاح ثقافياََ ..
الإصلاح فكرة تتبناها الثقافة ، تنبثق من الداخل وبالتالي يتم تحويلها من رؤية الى مشروع وواقع ملموس . إن أغلب الانساق الثقافية المضمرة تشهد انحسارا مجاليا كالمسرح والمسرح المدرسي والسينما والفوتوغراف والتشكيل والخط العربي والارابيسك وفن الريازة والأزياء وغيرها ، ولا شك إن الثقافة بنماذجها بمخرجاتها وباشكالها المتعددة والمتطوَّرة تعدُّ مصدرا اساسيا من مصادر الإصلاح لما فيها من أهمية تحريك الساكن والراكد ، والإصلاح مطلب لا قيامة للمجتمعات من دونه . ولا يتم هذا الإصلاح بالشعارات على الجدران أو بالهتاف في الهواء وانما بالتنظيم والعمل والتنمية ، لانه ليس قطعة شوكولاته أو قطعة حلوى أو كعكة لذيدة !
إن ضعف التخطيط الستراتيجي للثقافة وعدم إيجاد حلول بديلة وجديدة ومتعددة يؤكد الحالة الصحية للإصلاح !
والإصلاح هنا بمثابة إرادة لا بد منها . لهذا يجب العمل على تفعيل أركان وزوايا الثقافة عامتها وذلك بمشاركة جميع عواملها المحيطة بها من وزارات ومديريات وهيئات واقسام وشعب واتحادات وجمعيات ومنتديات ومراكز معنية بالفعل والحدث الثقافي وتقديمه للمتلقي وللجمهور ، ولا ننسى بأن المثقف ذاته يتحمل جزءاََ كبيراََ من مسيرة هذا الإصلاح .
وبعد أن عانى المثقف شتى أنواع التهميش والاقصاء وتغييب دوره الإبداعي الحقيقي بفعل الاضطرابات التي مارستها السّلطة الشموليَّة حاول هذا المثقف بعد انفلات قبضة تلك السّلطة الدكتاتوريَّة أن يفتح نافذته على هواء الأسئلة المقموعة حتى يجترح له فضاءََ نظريَّا ومعرفيَّا وإبداعيَّا جديدا يطلق له البوح الإبداعي ، ولكن ما زال طموح المثقف العراقي يراوده الأمل بأن يستقر وضع البلد لتُشرع المؤسسات الثقافية بعمل ثقافي فكري دؤوب يتعدى حدود المناخات الطبيعية السائدة ، وما زلنا بانتظار أن تعدَّ تلك المؤسسات العدة لتكون نافذة جديرة لتحقيق التطلعات الإبداعية والطموح .بغية ان يكون المثقف منفتحا دائما على الافكار الجديدة والمتنوعة والبديلة ، ويقال : ان رئيس الوزراء الفرنسي الاسبق : (شارل ديغول) غادر اجتماع لمجلس وزرائه ، بعد ان همس في أذنه سكرتيره الخاص أمرا ما ، وحين عاد (شارل ديغول ) ليواصل اجتماعه ، سأله أحد الوزراء ما هذا الذي من أجله غادرنا السيد رئيس الوزراء ؟ فأجاب ديغول: بتلقائية وعفوية : إنه فرنسا ! وكان ذلك الشخص هو (جون بول سارتر ) !
والحقيقة الواقعة فعلا أن شريحة المثقفين تصدرت الشرائح التي تضررت في العراق مما جرى من ادوار سياسية حاكمة بقبضة الدكتاتورية والنرجسية البغيضة . ظل المثقف العراقي يحلم بوطن آمن وحياة متطورة ومتجددة تحمي الإنسان وتحفظ كرامته ، ظل يحلم بشيوع ثقافة التسامح والتصافح .ومن رهان المثقف أن يتضامن مع محيطه الزمكاني ، لينطلق نحو فضاء إبداعي كوني وعالمي ،
وأمام شمولية واستبدادية الانظمة الرجعية الحاكمة التي كانت ولاتزال متمسكة بقبضتها في تقليص وتحجيم دور المثقف والثقافة بالتغطية على الحلول والمعالجات يقف المثقف داعيا وراعيا للإصلاح ويمكنه استحضار صور التهميش والاقصاء والاهمال دون انزياح فكري أو لغوي ، وهنا تحديدا لا يبحث المثقف عن صور دلالية وجماليَّة ولا عن إيحاءات واستعارات مجازية لبنية نصوصه ، وانما الإصلاح هدفه المنشود ، والإصلاح ليس فعلا معلقا في الهواء، بل هو وجود متزامن مع كل لحظة ، وفي كل لحظة لابد ان نقطع مسار كل خلاف واختلاف غير ثقافي ونؤكد ما ذهب اليه الروائي تشارلز داروين ( أعلى مراحل الثقافة الخلقية التي يمكن الوصول اليها هو ادراك ان علينا التحكم بافكارنا)
والسؤال هنا
ما الاصلاح ؟
وهل بالاصلاح تصبح الثقافة ثقافة ؟
إن سؤال الثقافة عن ما هية الأصلاح ؟ هو بداية للإصلاح . وان مبدأ ان نتغير بغية ان نغير هو إصلاح آخر ، والدعوة إلى رسم صيغ من التعايش السلمي وتدمير الصنمية والرجعية هي دعوة إصلاح ايضا .
ولو امعنا النظر جيدا نجد ان مواجهة الخطأ إصلاح والتأكيد على أن الحل ليس من مسؤولية طرف واحد هو إصلاح ، وأخيرا الإصلاح هو الاعتراف بأن الخلل ليس وحيد الجانب بالنهوض الثقافي إذا لنخرج من ضيق الفكرة نحو فعل الإصلاح .