نوزت شمدين
صمت حكومي محلي وعراقي مريع إزاء حملات القتل الجماعية التي يتعرض لها سكان مدينة الموصل الأسرى بيد محتلين سفاحين لا يقيمون وزناً لدين أو خلق أو عرف. فخلال الأيام المنصرمة سقط العشرات في الموصل برصاص الغدر الداعشي (موظفون وصِحفيون ومواطنون بسطاء) فضلاً عن رجال أمن أعلنوا للتنظيم ثلاث توبات متلاحقة لم تشفع لهم أمام مجرمين لا عهد لهم ولا يعرفون من منطق الكلام سوى لغة القتل. إذ أشارت تقارير من داخل المدينة أن الطب العدلي استقبل في يوم واحد خلال الأسبوع الجاري ما يقرب عن ثمانين جثة، خمسة عشر منها لنساء، وجميعهم كانوا ممثلين لكيانات سياسية في مكتب مفوضية انتخابات نينوى أثناء الانتخابات البرلمانية الأخيرة قبل انتفاخ ورم داعش السرطاني، مهامهم كانت مقتصرة على مراقبة صناديق الاقتراع. وظيفة مؤقتة بأجور متدنية لإسكات جوع البطالة، لم تكن تستمر سوى ساعات معدودات في يوم واحد فقط كل أربع سنوات. وأضيفت فئات أخرى عدة الى قائمة القتل الجماعية، تمثلت بصحفيين كانوا معتقلين في سجون داعش منذ نحو سنة، ورجال دين معارضين لدين داعش، إضافة الى أعداد كبيرة من منتسبي “الجيش والشرطة والدفاع المدني وغيرها من المؤسسات الأمنية الذين أعلنوا التوبة لمرات عدة، وحصلوا من التنظيم على وثائق للتأمين على حياتهم تسمى بطاقة التوبة مقابل 200 دولار، يبدوا أنهم دفعوها رسوما لموتهم.
يحدث كل هذا، وممثلو نينوى في مجلسي المحافظة والنواب منشغلون بتوافه الأمور، والتناقر مثل الديكة في حلبة السياسة التي لا يفقهون منها شيئاً سوى الظهور متراصفين في مؤتمرات صحفية يحركون فيها رؤوسهم، وابتسامات بلهاء تعلو وجوههم. فالقطيعة تامة بين الساسة ( حكوميين او معارضين ا ناشطين) والأهالي، سواءً الباقين منهم تحت نير الاحتلال الداعشي، أو المبثوثين في أماكن النزوح المختلفة، ولا أفهم سبباً للإبقاء على مجلس محافظة نينوى بدورته الحالية المقززة، فلا أعضاءه يقومون بواجباتهم التشريعية. ولا حتى بأدوار إعلامية كالتي كانوا يمارسونها في زمن رخاء مهاتراتهم التي أوصلت الموصل لما هي فيه الآن. وحتى على مقاييس التقشف العبادية فأن أعضاء مجلس محافظة نينوى البالغ عددهم 39 يتقاضون نحو 4 ملايين دينار شهرياً، والتخلص منهم سيوفر ما يزيد عن 150 مليون دينار، تذهب الى النازحين أكثر ثواباً وأجرا من أن تذهب الى فنادق وكافتريات في كردستان أو بغداد يقضي فيها الأعضاء إجازاتهم الطويلة، منخرطين في بطلات مفتوحة (بالدومينة والطاولي) والتقاط ما يفلت من قنوات هودبير، وكروش العار تتدلى أمامهم.
والأكثر وقاحة في سيرة هؤلاء المتقاعسين، أن منهم من انتمى علناً لداعش، وعاش في ظل خلافة القتل مؤيداً ومناصراً، وأقرباء لآخرين أخوة أو أولاد عمومة قادة في تنظيم داعش، ويمتصون كالقرادات دماء الأبرياء.
لم يبق هنالك خيار إلا أن يمارس أحرار نينوى دورهم، ولاسيما الناجون منهم في المنافي خارج البلاد، لإيصال أصوات المغلوبين على أمرهم الى المجتمع الدولي، فلا أمل بولاة الأمر مع العتمة التي تغلف كل شيء في نينوى، تلك البقعة المنسية من العراق.
حملات إبادة جماعية في بقعة منسية من العراق
اترك تعليقا