خالد: الأدب الكُردي يحتوي على كنوز تحتاج لِمن يخرجها من ظلم التاريخ والجغرافيا
هو في نظر من حوله من “ذوي الاحتياجات الخاصة” لكن هذا لم يشكل عائقًا أمامه للوصول إلى طموحاته وأهدافه بل كان حافزًا ليكمل المسير في دروب العلم والثقافة، فقد أنهى تعليمه ودراسته الجامعية بجدارة ومحاولًا إكمال الدراسات العليا إلا أن ظروف ما حالت دون تحقيقها.
مهتم بالقضايا الاجتماعية والفكرية، وله اهتمامات وتجارب شعرية، ويعمل في حقل الترجمة.
لديه ثلاث كتب إلكترونية ” مجموعة قصصية مترجمة ” ومنشورات عام من منشورات صفحة ” شذرات مترجمة ” في كتاب، وكتاب ” نحو مجتمع أفضل “
متزوج لديه أسرة مكونة من ثلاثة أطفال ويقيم في مخيمات اللاجئين في إقليم كُردستان ـ العراق
حسن حسين خالد باحث اجتماعي من مواليد 1975/ قرية (الفداء/ كاني كركي، مدينة ديرك/ المالكية) محافظة الحسكة ـ سوريا
…….
نص الحوار ….
حسن خالد الإنسان هو:
تولد قرية الفداء “المعربة” وكُرديا هي” كاني كرك ” وتعني النبع الهادئ أو الينابيع الهادئة، التابعة لمدينة المالكية ” ديرك ” محافظة الحسكة ـ سوريا عام 1975 لأسرة فلاحية، لا تملك أرضًا زراعية إنما تدير أرضًا زراعية غالبيتها لا تصلح للزراعة التي تعتمد على الأمطار وتنتظر رحمة السماء وتقتات على ما يجود به الموسم الزراعي تركض وراء لقمة عيشها، كثيرة العدد، عانت الفقر والعوز كثيرًا، مما يجبر الأب ليعمل في مهن شاقة ليعيل أفراد أسرته.
حَول ما تسمى بالإعاقة إلى نقطة القوة ومنها انطلق إلى تحقيق طموحاته:
أصابه القدر بسهم من سهامه ” شلل أطفال ” أي من ” ذوي الاحتياجات الخاصة ” في نظر من حوله، والذي كان دافعًا له ومحفزًا ليكمل تعليمه ودراسته الجامعية تخصص ” علم الاجتماع ” ومحاولة إكمال دراساته العليا ليخوض تجربتها ويحصل على ” دبلوم دراسات عليا ” وحالت الظروف ” ذاتية وموضوعية ” دون التسجيل في الماجستير واستكماله، موظف حكومي، عُين في مدارس ريف دمشق “مرشد اجتماعي ” لأن “الموافقة الأمنية ” لم تمنح له في موطنه ومحافظته رغم حصوله على ترتيب في تسلسل الناجحين في المسابقة!
تفسيره لكلمة الناشط:
درجت مصطلحات ومفاهيم كثيرة في الآونة الأخيرة وخلقت حالة من الفوضى في المفاهيم والمصطلحات، وهذا المصطلح مردّه إلى الشخص الذي ينشغل بالقضايا الاجتماعية في سلم عمله وأولوياته كناشط الحقوقي أو ناشط سياسي أو مدني أو ناشط في مجال حقوق المرأة ولست هنا في وارد الوقوف عند التسمية كمصطلح، إنما ما هي القضايا أو الجوانب التي يوليها ” الناشط ” الاهتمام في هذا المجال أو ذاك.
أما بالنسبة له شخصيًا: شخصياً تستهويني كلمة ” باحث مهتم بالقضايا الاجتماعية – باحث اجتماعي ” أكثر من مصطلح ” ناشط اجتماعي” ولا ضير إن كانت الغاية هي التوافق في الاهتمام بالمضمون المشترك، ربما التخصص المهني هو الفاصل بين المصطلحين، فالباحث الاجتماعي من المفترض به أن تكون اهتماماته منهجية ” أكاديمية ” أكثر من ” الناشط الاجتماعي ” الذي قد يدفعه حبه وميوله للاشتغال بالقضايا التي يقدم وقته وجهده فيها.
الدوافع التي جعلته يدخل إلى الحقل الاجتماعي:
بطبيعة الحال تلعب الميول دورًا كبيرًا في اختيار مهنة ما، أو ربما العمل في مجال ما يدفعك إلى حب هذه المهنة، وطبيعة علاقاتنا الاجتماعية في القرية أراها لعبت دورًا هامًا في ذلك التوجه وترسّخ أكثر بعد الدراسة الجامعية والتخصص في علم الاجتماع التي تهتم بالقضايا ذات الأبعاد الاجتماعية، ولا تكاد ترى ظاهرة ” مجتمعية ” إلا ولها مكان في سلم أولويات “علم الاجتماع” تحليلًا ودراسةً.
أهم الأعمال التي قام بها في المجال الاجتماعي:
داخل الوطن: اقتصرت نشاطاتي بكتابة مقالات فكرية “باسم مستعار” نظرًا لكوني موظف دولة، وللسطوة الأمنية الواضحة، وأيضًا على فعالياتي ونشاطاتي المهنية كمرشد اجتماعي في مدارس الحلقة الأولى كإدارة جلسات اجتماع أولياء الأمور في المدرسة والاحتكاك مع أهالي التلاميذ فيما يخص الإشكاليات التي تحدث ومعاناة التلاميذ.
خارج الوطن: تجربتي التي يمكن أن اعتبرها ” تجربة ” خارج نطاق المهنية ، فقد بدأت في مرحلة اللجوء بعد ( هبة الشعوب العربية ) حيث توفر المنظمات وتاليًا توفر الفعاليات والنشاطات والتي من الممكن أن تحصل على فرصة لتظهر ما لديك من طاقة كامنة ، حتى في المجال المهني هي فرصة لتحاول تقديم ما لديك ، وكون العمل مع عدد من المنظمات (MSF- UNHCR – مديرية صحة دُهوك / القسم النفسي بكردستان العراق) وغيرها تجربة غنية ، ولأن العمل كان ضمن المخيم ، فقد كانت النشاطات فاعلة بعد الدوام الرسمي وبشكل تطوعي، والحضور يكون إما بصفة ” محاضر أو بصفة مدعو ” أو منتدب.
ولهذه الأسباب تبلورت فكرة تشكيل مجموعة “فند” الثقافية:
وهنا كان القرار بضرورة تشكيل جسم جامع للطاقات ، فكانت مجموعة “فند” للأنشطة الثقافية بمثابة وعاء ناظم لمجموعة من الشباب ليقدموا مادة ” تطوعيًا ” خارج أوقات الدوام ، لأن الغالبية كان يعمل في الصباح ، فكانت النشاطات في المساء وكانت الندوات الحوارية ، و ورشات العمل من أساسيات النشاطات للمجموعة، كما إن إذاعة كانت تبث على أثير موجات FM تختص بشؤون اللاجئين على تواصل مستمر مع أعضاء المجموعة وكان لي نصيب ، منها ” إجراء لقاءات ” تتمحور حول إشكاليات المراهقين وعالمهم الخاص وقضايا الأسرة ودورها في التربية والعملية التعليمية وظاهرة الطلاق، وإشكالية مفهوم ” العمل التطوعي ” وغيرها.
يسهب في الشرح عن فكرة إنشاء” فند” وماهية عملها بالقول:
بدأت الفكرة في خيمة اللجوء في ” مخيم دوميز ” للاجئين الكُرد السوريين في إقليم كردستان – العراق ، منذ عام 2016 ووجدت ظروف ولادتها العملية بعد جهود وتوافقات مضنية في 3/12/2017 كبداية لنشاطها العملي الميداني بندوة حوارية للباحث الاجتماعي ( حسن خالد) بعنوان : ” خصائص مجتمع الحرب ” وفند للأنشطة الثقافية تشكلت من مجموعة الشباب المهتم والمنشغل بـ ” الهم الثقافي ” و” القضايا الثقافية ” ومن الجنسين / ذ – إ / وجميعهم من مجتمع اللجوء نفسه، لهم تحديات ومعاناة اللاجئ نفسه، سعت ومنذ انطلاقتها لتقديم مادة للمجتمع المحلي في مخيم “دوميز” وما حولها لغاية أساسية وهي ” كسر الاحتكار الثقافي ” لتكتلات ذو توجه محدد، بالإضافة إلى تجميع طاقات متناثرة في مجموعة يمكن أن تعي ذاتها وتقدم مادة لمن حولها فتفيد وتستفيد في التلاقي الثقافي والفكري وتسعى لتنظيم الحركة الثقافية غير الحزبية ، تعمل المجموعة على مسارين مكملين لبعضهما البعض:
1- مسار ميداني: وهي نشاطات ميدانية عبر إقامة ” ندوات حوارية ” و ” ورش عمل ” و” قراءة كتاب” وأنشطة فنية منوعة ” تنظيم معارض فنية ” وسهرات فنية، وتشجيع الخامات الجديدة وإفساح المجال لمن يرغب بتقديم محاضرة من خارج المجموعة كأولوية، وهي ضمن توجه المجموعة.
2- مسار إلكتروني: وللتعامل مع محبي ومتابعي أنشطة المجموعة وأرشفة أنشطتها، ونشر ما تراها الإدارة مناسبة لجمهور ولمحبي الصفحة، مع جزئية أن إدارة الصفحة تتم بالتتابع الدوري لكسب الخبرة وإحداث الفرق الإداري إن وجد وهذا يلاحظ من خلال ردود المحبين والمتابعين، وتتم بتخطيط مسبق وليس خبط عشواء فلها أبواب وزوايا ثابتة كزاوية ” كاتب وكتاب” و ” حوارية فند الشهرية ” و ” قصة مثل “
وغيرها ليست هناك شروط للانضمام، فالباب مشرع وهناك تنو ع في التوجهات والتخصصات والمهنية وفي فترى جائحة كورونا بات التواصل مع محبي ومتابعي الصفحة عبر المسار الثاني أكثر فعالية.
المعوقات التي واجهته في الحقل الاجتماعي:
لا يخلو أي جانب من جوانب الحياة والعمل، من معيقات وعقبات تواجهك، منها ما هو ذو منبع ذاتي، ومنها ما هو ذو منبع موضوعي، وأعتقد أن الخوض في القضايا الاجتماعية هو الميدان الأكثر وضوحًا في رؤية ومجابهة المعيقات التي تجابه المشتغل في هذا الحقل، لحساسية قضاياها ومواضيعها، التي ترتبط ارتباطاً مباشرًا بقضايا حساسة، كـ ” العادات ” و ” التقاليد ” و” الأعراف ” و ” الدين “.
يعتقد حسن خالد بالإمكان معالجة تلك المعوقات من خلال اللجوء إلى الأمور التالية:
أعتقد أن من الطبيعي أن يكون المشتغل بحقل ما ، أو المهتم بناحية ما ، مزودا بآلية البحث عن حلول إن وجدت ، ضمن إطار الخبرة التي اكتسبها أو يلجأ لحقل التنمية ومراجعة دورية في مواكبة ومعرفة طرق وأدوات حديثة تعين ” المهتم ” ليبحث عن حلول للمشاكل والمعيقات التي تجابهه ولا يضير أن يلجأ إلى ذوي الخبرة في هذا المجال أو ذوي العقول الراجحة ، كما إن الاجتماعات الدورية للفريق إن توفرت ، باب هام يمكن طرقه ، وفي التجارب الحديثة يمكن إشراك ” الوحدة ” القابلة للبحث ” كآلية تعين وتخفف الأعباء من الباحث سواء كان ” فردًا ” أو ” فريقًا “.
رحلة الهجرة من مسقط الرأس إلى دمشق ثم اللجوء إلى خارج الحدود:
– بالنسبة لشخص ” كُردي ” عاش غالبية مراحل حياته خارج مرابع صباه، ويعيش حالة ترحال مستمرة، حتى وهو في “وطنه” لاعتبارات الفقر والبحث عن لقمة العيش وإن كانت “سياسة أمنية خفية” غير ظاهرة -تلعب وتشجع على ذلك، لم تعد لمفردة “اللجوء” ذلك الأثر في نفسية شخص عاش غالبية حياته في النزوح الاقتصادي والترحال، وكما غيرنا عندما وصلت الأحوال لمرحلة لا تطاق في دمشق التي كنت أسكن فيها، كان الخيار الأنسب هو خوض تجربة جديدة فكان القرار الصعب باللجوء إلى إقليم كُردستان العراق.
حياة اللجوء والمخيم بين التوفيق والتعويق، والكثير من الحنين:
وفقت في المخيم بفرصة عمل جيدة كانت بالنسبة لي ولأسرتي طوق النجاة من ” لسعات اللجوء ” ولأن المخيم يسكنه الكرد وغالبيته من مناطقنا / محافظة الحسكة / طبعًا وتجد من أهل كوباني وعفرين لكن الغالبية من مناطقنا ، يخفف ذلك من شعور اللجوء ، لكن تذّكر أهلنا ورفاقنا وممتلكاتنا ونمط حياتنا يجعلك تشعر بشعور اللاجئ فهناك / حدود وتقييد للحركة / هناك /وثيقة اللجوء من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين/ هناك رقم وهو الأقسى بالنسبة لي في تعامل منظمات وجهات معك من خلاله ، هناك / الجانب القانوني – غير المنصف في أيّ احتكاك مع ابن البلد افتراضا / وحدثت حالات لم يكن القانون فيه منصفًا رغم وضوح التفاصيل في قضية هضم الحقوق ، هي ثغرات قانونية يتم استغلالها من أفراد أو جهات.
يرى حسن خالد أن تجربة اللجوء في المحصلة تركت بصمة إيجابية في حياته:
اللجوء بمثابة تحدٍ للاجئ كي يثبت ذاته ويبعد عنه ” تهمة ” الفشل والاتكالية ، تلوح الفرص لمن يرغب ويستطيع أن يترك بصمة إيجابية في مجتمعه ” المحلي ” وأعتقد بالمجل أن تجربة اللجوء تركت بصمة على شخصيتي وكانت فرصة للاحتكاك مع منظمات المجتمع المدني ” الدولية ” و “المحلية ” مع فارقة أن المجتمعين ” المحلي ” و ” الأجنبي – الغربي ” لا يتناولون أو ينظرون للعمل التطوعي بمقاربة متشابهة ، لأن العمل في المجال التطوعي ” لدينا ” كالعمل في حقل مزروع بالألغام ، ينبغي التعامل مع جزئياته بحذر شديد ، لوجود معيقات فكرية وتنظيمية وحساسية الجهات الرسمية مع هذا الحفل بالمجمل.
لا يرى في نفسه شاعرًا رغم بعض كتاباته الشعرية:
في البداية لستُ بشاعر، أو بصورة أخرى ” لا أجد نفسي شاعرًا ” وإن كانت لي تجارب شعرية أسميها خجولة، وجدت صداها لدى بعض الأصدقاء والمقربين، وبما أن الشعر هي حالة وجدانية -كما أراها وأعرفها، وهو ما يُفسّر لجوء الكم هائل من البشر إلى خوض تجربة الكتابة الشعرية، أرى اللجوء للشعر انعكاس لصورة الحدث ” الموقف” في نفسية ” الشاعر” منهم من يبدع شعرًا ويستمر، ومنهم من يفرغ شحنات عاطفية وجدانية في لحظة اللجوء للكتابة والقلم.
مرحلة تشكيل ذخيرته الثقافية والفكرية:
كان معروفًا عني ومنذ الصغر بالقارئ النهم ” يقرأ ما يقع تحت يده حتى وإن وجد مشقة وجهدًا في قراءة وفهم الجريدة أو المجلة أو الكتاب كبرتُ وكبرت معي هذه العادة، التي عرفت فيما بعد بأنها كانت ” أكثر من جيدة ” أثناء مراحل دراستي المختلفة ، كنت مولعًا بالكتابات الاجتماعية والفكرية ، وانتقالي إلى المدينة بغرض التعليم، وفرت مادة المطالعة إلى حدّ كبير، والاحتكاك مع مجتمع المدينة يختلف كليًا من ناحية البناء المعرفي – الثقافي ، وكان وجودي في منزل خالي والاحتكاك ” وإن لم يكن مباشرًا ” بوسط ثقافي / فقد كان أستاذًا ناجحًا ومتمكنًا في مهنته، واجتماعيًا بطبعه يرتاده الكثير من الأساتذة وأستمع إلى حواراتهم وجلساتهم ومضمون المواضيع التي تطرح وتناقش وآلية الحوار والنقاش وهذا الأسلوب كان بالنسبة لي زادًا لبناء الشخصية التي أحاول البناء عليها والخيارات تتسع كلما احتّك الإنسان بوسط جديد.
مرحلة صقل الموهبة والبناء الشخصية الفكرية:
كانت هجرة الأسرة من الريف إلى المدينة فرصة لي شخصيًا لأحتك مباشرة بفكر وبمكتبة القدير “محمد قاسم حسين ” أستاذ مادة الفلسفة في مدارس و ثانويات مدينة المالكية “ديرك ” وانبهرت بمكتبته المنزلية المتنوعة ، فكانت منبعًا ثرًا لتكون لي باباً يمكن اللجوء إليه كلما سنحت الفرصة، وكانت تستهويني الكتب والأبحاث الفلسفية الاجتماعية – ذات الطابع الفكري و ترسخت هذه الميول وكبرت معي ، لكن المرحلة الجامعية و الفضاءات التي تُفتح أمامك ومنها “المنهاج الجامعي الغني” و”المكتبة الجامعية” في كلية الآداب والعلوم الإنسانية وكانت لـ “مكتبة الأسد” بصمة مميزة فقد رسخت هذا التوجهً، وكنت طوال فترة مرحلتي الجامعية ” مداومًا بشكل شبه مستمر في قاعات المطالعة في المكتبة العامة ، واستخرجت بطاقة قارئ ليس بغرض إنجاز حلقات البحث فحسب إنما كان الغرض هو الاطلاع والقراءة في الجانب الذي أراه ضرورة لبناء شخصيتي المعرفية ” الثقافية – الفكرية ” .
ولا يمكن التغاضي عن ميزة ” العالم الافتراضي ” فهي حمالة الأوجه، وأعتقد بأني استطعتُ – ساعيًا ومحاولًا – الاستفادة منها في تقوية البناء السابق، فهو فضاء رحب لمن يعرف تناول وجوهه المشرقة؟
يتناول في مقالاته المواضيع والمشكلات الاجتماعية وبالتالي محاولًا معالجتها بطرق منهجية:
بالنسبة لي أخوض أكثر في الكتابات التخصصية، لأن مجتمعًا ننتمي إليه أرض خصبة لظواهر غير سوية تحتاج إلى تسليط الضوء عليها واقتراح الحلول المتاحة لتقوم جهات ” ذات توجهات رسمية ” بالاستفادة منها وإشراك المعنيين في الحلول الممكنة.
وتناول القضايا والمشكلات الاجتماعية ترتكز على منهجية محددة في تناولها ” بحثًا وتقصيًا ” فتحديد المشكلة ” العنوان ” وكذلك المجتمع المبحوث يشكل حجر الزاوية في تناول ظاهرة اجتماعية ما، وتاليًا ينبغي معرفة الأسباب ، وأهم الدراسات السابقة ، ومعرفة الآثار والنتائج ثم ينبغي البحث عن حلول وتوصيات لجهات فاعلة و مختصة ، وينبغي أن تلعب مراكز الرصد والمتابعة للقضايا والمشكلات الاجتماعية من الطاقات والخبرات المتوفرة ، فالمشكلات الاجتماعية كثيرة ونحن نعيش ظروف الحرب وما يترتب عليها ، فـ ” الاغتصاب ” و “الانتحار” و” مفهوم الدولة الوطنية ” و”منظمات المجتمع المدني ” و” قضية الانتماء والهوية ” التي يعاني منها كل السوريين ، كلها قضايا اجتماعية – ذو أبعاد فكرية ، وغيرها من الجوانب الاجتماعية ، وغالبية القضايا الاجتماعية تحتاج إلى دراسات واستمارة ميدانية لمعرفة شدة وحدة الظاهرة في توزعها الجغرافي ضمن مناطقها المحددة ، واستخراج الجانب الكيفي من الجوانب النظرية ” الكيفي ” فالخوض فيها يحمل بعدًا ذاتيًا وموضوعيًا ، لأن الباحث جزء من المجتمع وتاليًا يتأثر ويؤثر في الدراسة والبحث شاء أم أبى.
في أدناه، يشرح لنا الأستاذ حسن خالد، متى وكيف تعلم الأبجدية الكُردية:
كانت بدايات تعرفي واقترابي من اللغة الكردية “ذاتية” بطبيعة الحال، وكون اللغة الفرنسية التي تدخل في المنهاج في الصف السابع ” على أيامنا ” وجدت تقاربًا بين اللغتين الفرنسية والكردية من حيث مخارج الحروف فأقدمت على ديوان ” كيما أذ/ مَن أنا لـ ” شاعر الحرية ” جكر خوين ” أنهيت الديوان ثلاث مرات تتابعًا كي تتحسن وتقوى قراءتي وبالفعل اشتريت كتيباً ” تعلم اللغة الكردية في خمسة أيام ” و كانت هذه السلسلة رائجة تلك الأيام ( تعلم اللغة الكردية / التركية / الإنكليزية /الفرنسية / الألمانية – في خمسة أيام ) ولا يمكن نسيان جهود أخي الكبير الذي انضم في الشام لإحدى دورات تعليم اللغة الكردية سرًا ، وهي دورات لم تكن منهجية بل يمكن تسميتها بدورة محو الأمية ، والاستمرار فيها قراءة وكتابة جعلني أخوض تجربة الكتابة فيها وإن كان الجانب ” القواعدي ” يشكل عقبة لي إلى الآن، لكن كونها لغتي الأم فقد كانت معينة لي في تجاوز العقبات القواعدية التي تجابهني وهو السر وراء دعوة جهات ومنظمات عالمية بضرورة أن يتعلم كل فرد بلغته الأم لأن التعليم باللغة الأم يعين المتعلم لفهم واستيعاب أكثر وتجدها حقًا من حقوق الإنسان .
العوامل التي حفزته للولوج إلى عالم الكتابة والثقافة الكُردية:
أساسًا الكُردي السوري يعيش ثقافتين تتصارعان حينًا وتتوافقان أحياناً ، بشكل من الأشكال ، حتى وإن لم يمارس ثقافته الأم ” الذي خُلق ووجد نفسه منتميًا لها ” علانية ، لأسباب سياسية وأمنية بالدرجة الأولى ، وهناك طبعاً أسباب تعود للشخصية الكردية التي يشترك فيها مع الشخصيات التي تجاورها كالشخصية العربية ” مهزومة من الداخل ” وتستمتع بممارسة فن ” جلد الذات ” كنوع من التمرد والرفض لواقع مفروض عليه، والغوص في هذه الجزئية ذو شجون ، وعندما يكبر الإنسان وينمو معه وعيه بالأشياء المحيطة به وخاصة التي تشكل قيمه وعاداته وربما هويته وانتمائه ، من الطبيعي أن يعود إليها ويوليها الاهتمام، ومن هنا جاء اهتمامي باللغة والتعليم، تعليمًا ذاتيًا ، أساسًا لم يكن التعليم باللغة الكُردية مسموحًا في ” الجمهورية العربية السورية ” وجل الذين يتقنون اللغة الكردية قراءةً وكتابةً ، إنما تعلموها بجهود إما ذاتية أو أن بعض الأحزاب الكردية كانت تقوم بفتح دورات لمنتسبيها ولمن يرغب من خارجها ، ضمن سياق العلاقات الاجتماعية لغير الحزبيين وبعض الشباب في المغتربات الداخلية ” دمشق ” ” حلب ” وغيرها ، وكلها ضمن ستار السرية خوفًا من القبضة الأمنية التي لا ترحم .
هذا الأسباب وغيرها، أعتقد بأنها تشكل حافزًا ودافعًا وحتى ضغطًا لحدوث استدارة ذاتية نحو قليل من الاهتمام باللغة والأدب والثقافة الكُردية، وكما ذكرنا آنفًا فإن دخول ” النت ” إلى البلد، كان بمثابة الخرق في جدار ” مملكة الصمت “.
محاولات أولية لترجمة شذرات وأقوال لمشاهير العالم إلى لغة الأم:
بحكم نمط التعليم المفروض في مناهجنا التعليمية في سوريا ، يتمكن الطالب من إتقان اللغة العربية ويتعمق فيها بحسب استمراره في إكمال دراسته، ولقراءة القرآن ” لمن رغب ” دور في التمكين من اللغة العربية وإتقانها ، ولأن قراءة أي شيء يتم من خلال اللغة العربية لأنها الوعاء الثقافي الجامع للمجتمع السوري ، وكوننا خُلقنا كُردا هناك ميل ” غريزي ” لنتعلم لغتنا إن توفرت الظروف ، وأعتقد أن أسباب كثيرة للمنع قد انتفت، و باتت الكرة في ملعب الكرد في سوريا ليتعلموا لغتهم ويعيدوا بعض الاعتبار لأدبهم ، والإنكليز يقولون : ” أن تعرف أكثر من لغة يعني أن تكون منتميًا لأكثر من ثقافة “
يتابع: كلما كبرنا اكتشفنا نقاط الضعف في اللغة والثقافة الكُردية – ليس لضعف فيها ، إنما لقصورنا عن تعاملنا معها فالأدب الكردي كغيره من الآداب العالمية يحتوي على كنوز تحتاج وتنتظر لمن يخرجها من ظلم التاريخ والجغرافيا، وقد لاحظت أن الاقتباسات والأقوال لمشاهير الشخصيات والعلماء ربما تجدها مترجمة إلى العديد من اللغات ، فأثارت حفيظتي وفضولي بضرورة “تكريد ” تلك الشذرات ، وألح الأصدقاء المقربون لتخصيص هذه ” الشذرات المترجمة ” بصفحة متخصصة ، – لأقدم هنا شكري ومحبتي للأخ شيار عفريني الذي شجعني كثيرًا على ذلك وهو صاحب المقترح في التسمية كوني كنت أنشر في مجموعة يديرها فأقترح علي ّ ذلك – وفعلًا منذ عامين أشتغل في هذا الجانب أي ترجمة ما ينسب لشخصيات تاريخية وثقافية وسياسية من اللغة العربية إلى اللغة الكردية إلى صفحة ” شذرات مترجمة ” وتجد أحيانًا نصوص مترجمة بثلاث لغات مضافًا إليها اللغة الإنكليزية.
فيما يتعلق بوجود ترجمات كافية في المكتبة الكردية من عدمها، يرد باختصار:
أعتقد أن الأزمة مزدوجة كُرديًا هناك ” أزمة كاتب ” و ” أزمة قارئ ” ولو حاولنا فهم العلاقة بين شقي المعادلة السابقة، لجاءت الإجابة من تلقاء نفسها.
هل خدمتكم مواقع التواصل الاجتماعي كنشطاء وباحثين وكتاب أم كانت وبالاً عليكم؟
سؤال “حمّال للأوجه ” ويُحيلني لأستذكر نصيحة أراد الجد أن يُقدمها لحفيده وقال له:
” بني هناك ذئبان يتعايشان معاً في داخلنا، ذئب أبيض يمثل الخير والآخر أسود ويمثل الشر!
فسأله الحفيد: ومن الذي ينتصر يا جدّي؟
قال الجد: ينتصر الذي تطعمه وتغذيه أكثر “وهي مختصر القصة.
العالم الافتراضي أو كما أحب أن أسميها ” القارة الزرقاء ” هو سلاح ذو حدين وربما أكثر من حدين ، يتوقف ذلك على مدى وعيك و استثمارك له والاستفادة من الكم ” اللامتناهي ” من المعلومة والنظريات والأبحاث الجديدة في كل المجالات ، الأهم أن تعرف كـ ” متصفح ” ماذا تريد ، وأن تحدد المادة أو المعلومة التي تبحث عنها ، ومصدر المعلومة ومعرفة الموقع التخصصي للاستفادة القصوى من المعلومة ، مع معرفة أننا نعيش في عصر الفوضى الرقمية وفائض في المعلومة المعروضة ، إذًا، العالم الافتراضي ليس شرًا مطلقًا كما يحلو لبعض المتزمتين والغلاة تسميته، إنما فتح آفاقًا وكسر الرقابة و احتكار المصدر الرسمي ” الحكومات ” للمعلومة ، وساعد في التواصل والاتصال المباشر بين الكاتب والقارئ، بين الطبيب والمريض، بين المريض النفسي والمعالج، بين المواطن والرئيس!!
النتاج الإبداعي، والطموحات الفكرية والثقافية المستقبلية:
لا أعتقد أن أحدًا ليس لديه طموح لمستقبل أفضل ، لدي ثلاث كتب إلكترونية ” مجموعة قصصية مترجمة ” و ومنشورات عام من منشورات صفحة ” شذرات مترجمة ” في كتاب ، وكتاب ” نحو مجتمع أفضل ” ولدينا النية لطباعتها إلى كتاب ورقي، إن أسعفتنا الإمكانات والظروف، طبعًا تحتاج الكتب إلى تعديلات لتناسب مشروع كتاب مطبوع فلا زلنا نعاني من ” الناحية المالية ” نحاول بقدر الإمكان أن نلبي متطلبات الأولاد والأسرة وتاليًا فالحياة أولوية ، ولا زالت مجموعة “فند” مستمرة في أنشطتها وعلى المسارين ، وننشر في عديد الصحف والمجلات بنتاج “كردي – شعرًا وترجمةً ” و”عربي- مقالات وأبحاث “
ينهي الباحث الاجتماعي حسن حسين خالد الحوار بالقول:
كل الشكر لكم ولمنبركم في تشريفي بهذه الفرصة، ونداء للجميع كل من موقعه ” البحث عن خامات ” مهمشة، كردة فعل على تردي الميدان الثقافي والتشرذم السياسي، ومحاولة الاستفادة من طاقات كامنة لديها بعيدًا عن المصلحة الضيقة لصالح المصلحة العامة.