هادي جلو مرعي
يعتذر الأب لولديه الصغيرين فهو قد سماهما بإسمين جميلين، قال للبنت، سميتك (باسكال) وقال للولد، سميتك (وائل) فماذا تريدان أكثر من ذلك؟ ردت البنت، بابا، إنهم ينادوننا بإسم جدنا (التيس) يقولون لنا، إنتم من بيت (أبو تيس). (التيس) حسب ظني هو ذكر الماعز يعني فحل حقيقي، يعبر الأب عن حزنه، وعدم قدرته تغيير الواقع، لكن صديقا إلتقاه بعد عشرين عاما من الفراق نصحه بمراجعة المحكمة، وتقديم طلب عبر محام لتغيير الإسم بآخر أكثر جمالية ولايسئ لولديه ولا لعائلته، وقد فعل. لكن المشكلة ليست في التغيير فهذا ممكن، لكن من الصعب إقناع الناس الذين تعودوا نطق هذا الإسم، وحتى المدن والقرى التي تحمل أسماءا غير لائقة، ويتم تغييرها بأجمل منها يظل الناس يرددونها على الدوام برغم بشاعتها.
التخلف سبب مزعج يدفع الناس لتسميات مسيئة فمنهم من يسمي البنت أو الولد بأسماء تبعد عنهم العين، خذ مثلا، أن يسمي البعض ولده ( زبالة)،ومنهم من يسمي ( برغوث، بقة، صخيل، فانوس، ديك، فليفل، جرو، بطة، وأسماء أخرى عديدة، أعرف عائلة تسمى بإسم العضو الذكري للرجل! تشتهر بفن الخياطة.
ينصح الأنبياء أتباعهم بتسمية المواليد الجدد بتسميات محببة مفضلة يجمع عليها الناس وتتصل بالثقافة المقبولة، وأن لاتكون تسميات شاذة، أو مستهجنة ولكي لايعرضوا الأبناء فيما بعد الى الحرج والأذى، أو حتى الخطر، وغالبا السخرية والإستهزاء.
يتعرض الناس الى مصاعب غير متوقعة في مواجهة تحديات تفرضها وقائع على الأرض، ومع تصاعد حمى الخلاف الديني والمذهبي فإن بعض التسميات تنقلب وبالا على من يتسمون بها، وقد يتعرضون للقتل من مناوئين، أو العزلة والشعور بالقلق من سلوك غير متوقع ومعاد، فهناك أقليات مجتمعية يخشى أبناؤها من المعاملة السيئة في حال وجودهم في بيئة مخالفة ذات غالبية لطرف مذهبي بعينه، ومع الإنقسام المذهبي الحاد تعرض المواطنون العراقيون الى القتل، والإهانة أحيانا وحتى السخرية، فتنظيم داعش قتل المئات من المواطنين الشيعة والتركمان والشبك بسبب الإنتماء المذهبي، بينما تأثر أشخاص يحملون أسماء لاتروق لطائفة أخرى مع شعور بالخوف والتردد من الإندماج في البيئات المتشددة.
الصحف العراقية تعاني من شحة في الموارد خاصة المستقلة منها، لكنها تستقبل طلبات بنشر إعلانات عن تغيير أسماء أشخاص كثر الى أخرى أكثر مقبولية لاتثير الحساسية الطائفية، فأشخاص يحملون أسماء( عمر، جعفر، باقر، أبو بكر، عثمان، صادق، سجاد وسواها) هم عرضة في الغالب الى مخاطر محتملة، أو رفض، أو عزلة هم في غنى عنها، وحين كان المرحوم زهير القيسي يقدم برنامجه الشهير ( إسمك عنوانك ) لم يكن يتوقع أن تتطور الأمور الى درجة التهديد، وحتى العزلة بسبب الإسم، صار الإسم سببا لنوع من المخاوف غير متوقع.. يالها من مصيبة.