د.عبد الجبار العبيدي
الأسكندر المقدوني،هتلر،موسليني،جاوجسكو،صدام حسين،معمر القدافي ،هؤلاء فهموا السياسة على انها القوة والسيف . الأمام علي(ع) ونلسن ماندلا،مهاتير محمد ، وسوار الدهب ،فهموا السياسة على انها فن تحقيق الحق والعدل والأستقامة بين الناس. حسني مبارك ،أبن علي، واخرون ،فهموها على انها فن الممكن .من يعتقد انه يستطيع ادارة سياسة الدولة بغير الحق والعدل والاستقامة فهو واهمُ كما في ساسة بعض الدول العربية اليوم . الدين لا زالوا طلاب سياسة لم يتخرجوا من مدارسها الابتدائية بعد . بهذه الدرجة من الضعف والاستكانة هم يحكمون ،وها ترون نهايتهم كيف كانت وستكون .
صحيح ان العهد الذي مر علينا في عهد صدام حسين لم يبقِِ لنا من قيمة ومهابة داخلية ودولية ،لكنه لم يسقطنا للدرجة التي سقطنا بها اليوم في مهاوي الردى،فقد كانت المؤسسة والامن فيها موجودا رغم دكتاتوريته المقيتة .أما اليوم فنحن شعب بلا دولة، وحكومة بلا قوانين ، وشعب بلا أمن ولا أمان ،ورئاسة وبرلمان بلا قيادة ومعرفة وادارة،ودوائر الدولة فاسدة من القمة الى أخمص القدم ، وحين يغيب القانون تسقط السلطة والحكومة وينتهي الوفاء لله والقسم ،ويبقى العناد هو السائد ، وبالتالي السقوط والانهيار . فأين دولة القانون؟
هذه الحالة السياسية والاجتماعية مرت بالدولة الرومانية قبل السقوط حين كان شعبها يعيش تحت سلطة غاشمة واباطرة مستبدين لا قيمة للانسان في نظرهم ولا معنى للعدالة عندهم، ولا اهتمام لما يقال فيهم. حين دخلوا الحروب العبثية ،يخربون المدن والوديان ويجندون الناس بالقوة ليزجوا بهم في ميادين القتال، ماتوا او عادوا فهم لا يبالون ،ويعتبرونهم من الناحية الواقعية عبيدا لهم ،حتى اصبح أنسانهم يعيش بلا قانون رغم وجود القانون عندهم. وهكذا فعل صدام حسين بالشعب العراقي خلا مدة حكمه الطويل والبغيض للعراق حين زجهم بحروب عبثية لا سلطان يرتجى منها ،وهكذا يُفعل الحكام الجدد بشعب العراق اليوم حين يقتلونه بدم بارد غير مبالين لا يسمعونَ ولا يُسمعون،وكانهم هم والشعب على طرفي نقيض..
هذا التوجه والمنهج الخاطىء ساق المواطن والحاكم الى التدني بالمستوى الانساني والخُلقي،فأنهارت القيم الانسانية وكل سلطان الضمير عندهم،فصاروا يعيشون همجاً من الناحية المعنوية،لا يرتاحون الا ادا خالفوا العدل والقانون ،حتى اصبحوا اشبه باللصوص لكي يعيشوا على استلاب حقوق الأخرين،والأ ليس معقولا ان الوزير يسرق والنائب يسرق وهم المعتمدون عند الله والشعب والقسم، وربما كان هدا تفسير لقوله تعالى فيهم : (لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين،سورة التين آية 4،5).
.هذا ما فعله الشعب العراقي بممثليه الذين ابتعدوا عن حقوقه الوطنية ليستبدلهم بأخرين،كما رأينا في الانتخابات الاخيرة في 2010 .لكن مع الاسف ان المنتخبين قلبوا ظهر المجن لمنتخبيهم ،فأصيب الناس بخيبة امل اكبرمن السابق ومما كانوا يتوقعون، لان معايير القيم عند الجدد لازالت بحاجة الى منهج وتقويم. .فبقيت السلطة أقوى من الشعب بنفوذها وركونها على المحتل وأعوانه من دول الجوارالطامعين الدين نسوا الله والحق أجمعين. وها تراهم اليوم في مأزق الطوفان والغرق وهم لا يشعرون . حتى غدت السياسة سلعة للمتصارعين وكأن الرئاسة والنيابة ما جاءتا الا لصراع المتخاصمين،وصراع المالكي علاوي شاهد على ما نقول.اما حقوق الناس ومستقبل الوطن فقد وضعوه في خبر كان مادام الكل أصبح يملك الملايين.
ان الدين يحكمون الوطن العراقي اليوم هم ابعد ما يكونون عن فكرة العدل السياسي بعد حكم دام تسع سنين، دون اثر يدكر للاصلاح.ان استلامهم السلطة لم يكن خطوة حضارية الى الامام بل ردة الى الوراء،فبدلا من ان يسيروا بالحكم نحو عدالة القانون عادوا الى الوراء ليستوحوا (عهد أردشير) وهي وثيقة في شئون الحكم والسياسة لتفهم الأحفاد طرق الغصب ودكتاتورية السلطة والموقف الصارم من المناوئين.من هنا بدأوا يقيمون لهم دستورا جديدا منافيا لانسانية الانسان ومحصنين بسلاح الاخرين ،هده العودة هي بالعلم الحديث الخطأ بعينه لان الاعداد الحضاري للامة لم يسبق حركة التاريخ .أنهم سيتقهقرون. لكنهم يجهلون.
هذا المواقف الصعبة يجب ان لا تفسر بالضعف الشعبي من اصحاب العقول المنغلقة اليوم ،الذين لا يعرفون للحقوق القانونية من معنى وللدستور من ثوابت ، بعد ان اصبح كل وزير او نائب له حق التصرف بحقوق الناس دون تفكير،وكأن الفدرالية اصبحت غنيمة للحاكمين .فالحاكم لن يستطيع ان يحكم دون تحديد سلطة الدولة عن حقوق الناس ، وللدولة نظامها القانوني الرصين الذي لا يخترق وللشعب من الحقوق لا يمكن التجاسر عليها،لذا فأن اصاب الخلل الدولة سوف لن يطول . لكن الذين عاشوا في فوضى السلطة ولم يعرفوا القانون والدستور الا حينما يطبقونه على المواطن، راحوا يصورون ان المأزق في الأخرين وليس فيهم ، ليظهروا لشعوبهم المغلوبة على امرها وكأنهم هم الناجحون لكي يبقوا هم المسيطرون ليعبثوا بالامة والشعوب دون واعز من ضميراو التزام من اخلاق.. وهم الواهمون.
أمريكا دولة قوية وعملاقة ونحن هنا لسنا مخولين بتوصيفها،ان سر قوتها يكمن في دستورها وقوانينها الانسانية المحكمة والمطبقة فيها والتي تفتقر اليها كل دول العرب،لكن اليوم يبدو ان الدورة الحضارية الأنتكاسية قد أصابتها جراء التصرف اللامعقول من قبل بعض قادتها ،ومع هدا فهي تريد وتحاول ان تنفض غبار المتاعب عنها بأمل الواثقين. لكن كل هذا غير موجود في دولة كالعراق اليوم .ففي مجال الاقتصاد لا زالت امريكا هي الرائدة ولديها من الخزين النقدي والعملة الصعبة يكفيها لعشر سنين حتى لو كسر عليها خراج الدولة وموارد الوطن،ففيها النفط والغذاء والماء والارض الخصبة ،وتستطيع امريكا أستيعاب ضعف سكانها دونما خلل او عطل.،لاسيما وان اقتصادها مسيطر عليه من قبل المؤسسات لا الافراد ومعاملها تنتج ما يكفيها وللاخرين.
أما في العراق فألأقتصاد والمالية بيد الجهلة وسراق المال،لذا تراهم يلهثون خلف البنك الدولي وصندوق البنك الدولي ليستطيعوا ردم الاحتياج المتزايد ولو بأعلى الفوائد التي ستجلب لهم المتاعب دون علم او دراية من مصير.
وليت حكام العراق اليوم أتعظوا بالامام الخميني حين شارف على الافلاس في حربه مع العراق عام 88 ولم يسمح لاحد بأقتراض مليم واحد من البنوك الخارجية صيانة لسمعة دولته ومستقبلها وحقوق المواطنين،وتجرع السُم من اجل قومه أجمعين، وهده مأثرة سجلت له في تاريخه الرصين.ولكن من يسمع ووزير ماليتنا طبيب يعالج المجانين، ومستشاريه في البنوك الدولية من المنتفعين ،فأين هو من تنظيمات المخططين الماليين؟ لا يا عيساوي اصحى قبل ان تقع في بئر لا تخرج منها الا ميتا.فالندم لا ينفع النادمين.
ان ما حصل لأمريكا في افغانستان والعراق من أنتكاسه مميتة ليس ضعفاً في قوة او قلة في تدريب ،وانما مرده لجهل في معرفة ما عند الاخرين ، بعد ما أفهموهم مرتزقة الاوطان بخطأ ما يقصدون. فهل سيعي قادة امريكا الدين ورطوهم بالمسار الخاطىء ليقدموهم لمحكمة التاريخ ؟ لا ان ياتوا بهم الى هنا ليحتموا بالقانون،وخاصة سراق الشعب من المتعفنين ؟ فعل أقبح من القول على السيد آوباما ان يدرك ما يفترون. ان وزراء الكهرباء والدفاع وجماعة مجلس اعمار العراق من السابقين خونة يستحقون المسائلة لا حماية القانون. وعليك ان تقدمهم لمحكة التاريخ،ليتبين له كدب ما كانوا يدعون،بعد ان مزقوا بلدا بكامله من اجل ان ينتفعون..كل شيىء مسجل عندكم على حرامية العصر الحديث. وسيجلبوهم يوما ما كما جلبوا نورديكا خروف فنزولا من السابقين.
.حكام الشعوب المتحضرة أمنوا بالفكر والحرية والتقدم ،ونحن آمنا بالتنجيم والظلم والاستبداد والتخلف ،هم غيروا المفاهيم المتوارثة في ميادين المعرفة واشتركوا ويشتركون في رؤية جديدة لمستقل الانسان في بلدانهم والعالم ،ونحن لا زلنا نتفاخر بالموروث القديم بغض النظر عن مفهوم الزمان والمكان والعقل والتاريخ ،متمسكين برجال الدين . هم حددوا سلطات الدولة عن حقوق الناس، ونحن لا زلنا نرمي بالمعارضين بالقال والقيل والسجن والتشريد .هم لازالوا يضعون ثقتهم بالعلم وحده وبقواعد التفكير الواقعي المنطقي المنظم ،ونحن لازلنا نؤمن بالشباكة والفنجان والكتابة على الافخاذ والسحر ودفاتر ابن ملا جواد ،وسيبقى عندهم العقل والعلم والحكمة هي التي تحكم مجتمعاتهم ونحن لم نصل ابدا ما وصلوا وسيصلون،فهل سنحول المبادىء التي جاء بها الاسلام الى تشريعات ام سنبقى نلطم وننوح ونحن وراء الجهل وخرافات الموروث نلهث ونصيح.كما قال شاعرنا:
في اللادقية ضجةُ بين احمد والمسيح هدا بناقوس يدق وداك بمآدنة يصيح
كلُ يعظم دينه يا ليت شعري ما الصحيح
قليلا من التعقل فلم يعد الزمن يسمح بالانتظار والوعد والوعيد فلا طيارة صنعنا ولن نصنع،ولا مرض كافحنا ولن نستطع،وليس لدينا مستشفا واحدا بمستوى مستشفيات العالم، ولا مدرسة ولا جامعة ولا منهج رصين ، ولا شارع ولا رصيف ،وها هو الانسان العراقي يقتل او يموت في الشارع أوبأيدي القتلة من الارهابيين وليس لدينا سوى عربات الدفع (مترو رافع العيساوي) لننقله لمركز تجميع الموتى من اللآدميين ، يموت ولا احد ينقله لمركز الاسعاف،ولا مركز أسعاف بمستوى المُسعفين،ولا عوز اصلحنا ،ولن نصلح ، ولا كهرباء صنعنا ولن نصنع ،ولاماء صالح للشرب جهزنا المواطن ولن نستطيع ،ولا شعب وحقوق احترمنا ، وحتى رواتب المتقاعدين سرقنا ،واستحقاقات شبكات الحماية الاجتماعية زورنا ،ولن نحترم وكأننا نعيش في غابة بلا قانون .وكل ما ندعية هو من البهتان والكدب المبين،حتى اصبح المواطن العراق خارج التاريخ ،هم احسن منا الف مرة قولا وصدقا وصفاء نية وبعد عن الغش والخداع. اما بالكلام والشعر والتصفيط فقبض من دبش عنا عبر السنين. فاين قرآننا والدين .
امور كثيرة على المالكي ان يعيها بمسئولية الدولة والمواطنين،اهمها وأولها لجان المفاوضات التي أوكلت الى وزارة الخارجية التي تعمل لغير صالح العراق ،والا هل من المعقول ان الوزير يصرح بأن الحدود محسومة قبل ان يركب الطائرة متوجها للمفاوضات.حتى استهان بنا الجانب الاخر وحسبنا عملاء رشوة الملايين.
وهذه الوفود الذاهبة والقادمة بلا برنامج حكومي ولا حتى توجه حكيم،الوفود اصبحت مغنما للوافدين من اصحاب المصالح الخاصة المنتفعيين،فلا وفد يسافر الا بموافقة المركز دون تفريق وتمييز،وكل من يذهب عليه ان يقدم تقريره لمجلس الوزراء عند القدوم ليُقرأ امام الجميع،بعد ان استنزفت الوفود كل ميزانية الدولة بلا مسئولية ضمير.
اعضاء مجلس النواب المنتغيبون عن حضور الاجتماعات الراتعون في بلدان المجاورين بأموال العراقيين عليهم ان يعودوا ومن لم يعد على المالكي ان يطلب من النجيفي المتهاون بعرض اشكالياتهم على المجلس تمهيدا لسحب الثقة واستبدالهم بالمخلصين.وعلى النجيفي ان ينقل التصويت الكترونيا لا بأصابع النائمين.
وعل المالكي ان لا يعين وزيرا الا من الكفاءات العالية التي يركن اليها عند الشدة في معالجة امور المواطنين. وعل الدولة ان تلغي قوانين التقاعد المتفرقة وتجعلها في قانون واحد خدمة للمواطنين.,امور اخرى كثيرة تشمل المهجرين والمهاجرين وحماية ارواح المواطنين والعناية بصحتهم وثقافاتهم لتبني الأنسان العراقي الجديد بعد ان انهارت القيم من جراء فساد المفسدين. والمالكي اليوم هو المعتمد بعد ان بان تأمر المتأمرين،فلزاما عليه الألتفات الى رغبات المواطنين ،فلولاهم لما اصبح حاكما في دولة العراقيين.
وأخيرا نقول : هل نقبل ان نبقى بلا تغيير؟ نعم سنبقى الا ادا فهم الشعب ان حكامه ليسوا أصلح هده الأمة لكي يقودوه اليوم ،وان ما يطرحوه اليوم ليس حلا سياسيا او اسلامياعلى الاطلاق ،وهم ابعدُ ما يكونون عن فكرة العدل السياسي،فعليهم ان لا يبقوا يرددون أفكار وعقيدة أهل البيت دون تطبيق .ان الدي نراه اليوم سيتحول الى غضب ، والغضب ثورة لا توقفها رجاءات الخائبين. يومئد لا ينفعهم لا مالُ ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم .
. والله يهدي الى كل رشاد،