سوسان الياس جرجس
ونحن في القرن الواحد والعشرين….الزواج المختلط في “الوطن” العربي: هل هو خطوة في طريق الحداثة؟؟ أم مشروع مهدّد بالإنهيار في كل لحظة؟؟
إذا كانت كلمة “مختلط” هنا محصورة في معناها الديني والطائفي، فهل الزواج المختلط هو تخطي لحاجز الدين كمفهوم مجرّد أم تزاوج بين ثقافتين مختلفتين؟؟ وإذا كنّا نؤمن بأنّه من خضمّ التثاقف (بمعناه التفاعلي) تولد أرقى الحضارات، فهل هذا هو نفسه حال الإنتاج الأسري المتولّد من الزواج المختلط؟؟؟
إنّ نظرة تحليلية سريعة تؤكّد أنّنا مجتمع هجين مجتمع لا زال يتنفس من رئة العشيرة التي أنجبته….. مجتمع يعبد الطائفة على أمل أن يكسب بها الآخرة ويدخل الجنّة…. لكنّه يعبد الحداثة أيضاً خاصة في محراب نسائها الشقراوات اللواتي سيعلّمنه فنّ الإستهلاك المدمن!!
لنعد الى الزواج المختلط وكيف سيعيشه إنسان عربي ممزق الهوية، مشتت الإنتماء!!
ماذا تعني للرجل العربي كلمة “مختلط” إذا كان هو أساساً لا يريد الإختلاط، بل يريد زوجة أشبه بنسخة مطابقة له: توافق في الرأي، في الأفكار والعقائد، في السلوكيات والمشاعر…. وأولاً وأخيراً في ممارسة الطقوس والشعائر التي ستكون جواز عبور تصدّق عليه الجماعة بعبارة “مطابق لمواصفات الرجولة العشائرية”!!!
ما هو وضع المرأة ضمن الزواج المختلط إذا كان أول ما تتنشّأ عليه وهي في بيت أهلها هو “المرأة هي من تتبع زوجها!! لا تخالفيه!! سوف يعاند أكثر!! كل شيء بالمسايرة والتحايل!!!”. إني ألمح من خلف الكلمات من يقول “أطيعيه ظاهراً وخالفيه باطناً!!” “أطيعيه بجسدك وخالفيه بروحك!! فلا أحد يدرك أمر الروح غير الله”!! وبالتالي ففي الزواج المختلط، عليك أن تكوني تابعة مطيعة، لا شريكة صادقة النفس والروح!!!
قد بقول البعض…. الزواج “المختلط” يصحّ فقط عند أصحاب التوجه العلماني!! ربما!! هذا مرجّح عندي!! ولكن هل هناك فعلاً مواطن علماني ضمن مجتمع غارق بطائفيته حدّ النخاع؟؟!! إذا كانت العلمانية منهج حياة شامل وليست مجرد خطاب على ورق، فإلى أي حدّ يمكن إيجاد مواطن علماني ثوري قادر على مواجهة محيط طائفي، وبالتالي قادر على أن يجعل من الزواج المختلط مشروع ناجح لبناء أسرة ناجحة؟!!!