الثقة قيمة أخلاقية عظيمة لاتمنح لأي شخص، تبنى عليها العلاقات و تقوى، احساس شامل لمعاني متعددة لا نشعر به إلا عندما نفتقده، و فقدان الثقة في أي علاقة تؤدي الى اختلال كبير في توازن هذه العلاقة و أحيانا كثيرة إلى زوالها.
الخيانة، تلك الرصاصة الغادرة و الطائشة أو الغير الطائشة التي تصيب قلب الإنسان بسبب رجل خائن أو امرأة خائنة، تترك شرخا عميقا يصعب لملمته، تحدث تمزقا في ذلك الرباط المقدس الذي يجمع طرفين سواء إن كان زوج او زوجة، صديقين، أو مواطن بوطنه.
الخيانة الوطنية موضوع كبير و عميق و خطير، من حقه موضوعا خاصا به لأنه له اسبابه و ابعاده المتعددة، لكن طرحي هذا يتكلم عن الخيانة الزوجية و كيف ننظر إليها من منظورين مختلفين، فهل الخيانة مهما كان نوعها أصبحت وجهة نظر؟..
” يا مآمنة للرجال” .. تراث تؤمن به جل النساء بالرغم من أن كلمة “خيانة” مصطلح دخيل علينا كعرب أساسه انهيار ثقافتنا الشرقية و العربية بسبب انعكاس الثقافة الغربية عليها، لكن المبدأ الذي لا تجده في الثقافة الغربية أن المجتمع العربي ” المتدين بطبعه” يقبل الخيانة من الرجل و يرفضها رفضا باتا من المرأة بل و يطالبونها بغض البصر عنها و اعتبارها نزوة عابرة فقط و يحملونها أيضا المسؤولية الكاملة لخراب البيت في حالة رفضها للوضع و انتفاضتها و مطالبتها بحقها المشروع في الانفصال انتصارا لكبريائها و كرامتها هذا بدون الخوض في الأمور القانونية التي ممكن ان يترتب عن هذا الإنفصال، كما يحملونها المسؤولية الكاملة و يوجهون لها أصابع الاتهام في ذنب اقترفه رجل خائن، لكن ماذا لو عكسنا الأمر، ترى ماهو إحساس الرجل الذي كان يخلص لزوجته طيلة زواجه عندما نطالبه بنفس النصائح و الالتزامات المرهقة و المدمرة للنفسية لاسترجاع الزوجة الخائنة حتى لا يهدم البيت و يشتت شمل الأطفال الأبرياء.
فكرت في النصائح التي يمكننا أن نقدمها لهذا الرجل المكلوم المصدوم الذي لا يستطيع علاج نفسيته لكن مع الأسف عليه الا يواجهها بهذا الأمر الخطير في حالة اكتشافه و ان يحاول نسيانه ( علما أنها أول نصيحة توجه للمرأة التي تكتشف الخيانة)، عليه أيضا أن يتدارك الأمر بسرعة و يراجع نفسه و يحاول معرفة الأسباب و يصلح من نفسه لأن الأكيد أنه هو السبب المباشر لهذه الخيانة.
ترميم الشكل، لأن الأكيد أيضا بعد سن معين، شكل الرجل يتغير، فعليه الإهتمام بجسمه و شكله و ان يظهر طوال الوقت ببتسامة عريضة لكي لا يقال عليه ” نكدي”، و النصيحة الأهم، الا يتجسس أبدا على مكالماتها او اتصالاتها طالما هي نزوة فالأكيد انها ستنتهي قريبا اذن لا داعي للشوشرة للمحافظة على الكيان الأسري.
هذه مجموعة من النصائح الغير منطقية و المجردة من كل المشاعر الانسانية التي تقدم للمرأة عندما تمر بتجربة الخيانة بل و تفرض عليها، إنها نصائح مجتمع يعطي للرجل الحق الكامل في هذا الذنب ، و يعطيه الحق في التمادي فيه بل و يسانده في كل مرة بدون اي اعتبار الكائن ” المرأة ” الذي يدمر و يهان ، إنها وجهة نظر مجتمع ذكوري يفرق بين الرجل و المرأة حتى في المحرمات التي نتساوى فيها أمام الله.
الخيانة شعور قاتل سواء للرجل أو المرأة، صفة سيئة و ذميمة و منبوذة من كل الديانات، لن تكون أبدا وجهة نظر يمكن مناقشتها أو تقبلها، أسبابها انعدام الضمير، انهيار الأخلاق، الأنانية، ضعف الإيمان و البعد عن الدين، الحياة الزوجية أمانة في رقبة كل من الزوجين و يقترف ذنبا في حق الآخر عليه تحمل المسؤولية الكاملة أمام الله أولا و أمام المجتمع، تربيتنا هي الأساس، من ترعرع في بيت يقدس الحياة سيكون نموذجا مثاليا للإنسان السوي الواضح و الصريح، و من ترعرع في بيت يفتقد الى مبادئ الدين و القيم الأخلاقية سيكون مع الأسف إنسانا خائنا على جميع المستويات، فلنربي اولادنا على العطاء و الحب بدلا من نحتفل بعيد الحب و نحن نفتقده.
الخيانة…هل هي وجهة نظر!!
اترك تعليقا