علي الخليفي
قُدسية الجُموع .. هذه هي النغمة التي يعزف عليها الإسلامجيه في هذه المرحلة. فواقع حال شعوب هذه المنطقة يجعل الإسلامجيه وأثقين من فوزهم في أية إنتخابات حُرة وشفافة, ونحن نُشاركهم ثقتهم هذه. فهذه الشعوب التي تطاولت عليها أحقاب القهر والقمع والإرهاب ,ومورس عليها التجهيل المُمنهج لقرون متواصلة ,شعوب مثل هذه إن أُتيح لها حرية الإختيار فلن تأتي بغير هؤلاء الإسلامجيه. فالمعرفة هي التي تحدد خيارات الإنسان ,وإنسان هذه المنطقة المفتقد للمعرفة سيختار لنفسه الشقاء ولطالما أودى الجاهل بنفسه, فيوقعها في الشر من حيث أراد لها الخير.
ولكي نجادل الإسلاميين في مدى صدق دعواهم بقدسية الجُموع من عدمها ,دعنا نحتكم معهم إلى شريعتهم المُقدسة, لنرى ما إذا كان يوجد أي سند في تلك الشريعة يقول بقدسية الجُموع, دعنا نرى كيف تُقسم شريعتهم المجتمع الإنساني, وكيف تنظر لهذه الجموع.
المجتمع المؤمن وبحسب تلك الشريعة مُقسم إلى قسمين رئيسين . القسم الأول يضم ثلة من الصفوة المختارة التي إصطفاها الله ,وطهر قولبها ,فندرت أنفسها للتبحر في علوم الشريعة لتبيان مقاصد تلك الشريعة, وللكشف عما حوته تلك الشريعة الغراء السمحاء من فضائل لا تُعد ولاتُحصى, هذه الفئة المُختارة تُعرف “بالعُلماء” وهي تشمل في واقع الأمر كل الشيوخ والفقهاء والأئمة ,بل إنها تشمل كل من تمسح بمسوح الدين .
الفئة الثانية هي بقية أفراد المُجتمع ,وهي الفئة التي لم يكن لها حظ من إصطفاء الله ,وشغلتها الدنيا وهمومها ففرطت في نصيبها وحظها من العِلم , هذه الفئة تُعرف بعدة أسماء منها العوام و الدهماء و الرعاع و سقط المتاع, إلى غير ذلك من الأسماء والصفات العديدة التي تعج بها قواميس اللغة, وكلها تدخل حسب المُصطلح الشرعي تحت فئة المُقلِدين.
فشريعة الفقهاء تقضي بأن يكون لكل إنسان مؤمن من هؤلاء المُُقلدين شيخاً يقتدي به, ولا يصدر عن أمر من أمور دنياه إلا وفق فتواه , والمُقلد الذي ليس له شيخ فشيخُه شيطانه كما يُعبرون في أدبياتهم الدينيه, وهذا الذي شيخُه شيطانه يتبع هواه فيضل ويُضل.
وهنا يتحتم علينا التوقف لنوضح.. أن فئة المُقلدين هذه لايستطيع الإنسان الخُروج منها بالمعرفة . فمهما بلغ نصيبك من علوم هذه الدنيا الفانيه في الطب أو الطبيعة أو الهندسة أو الفضاء ,ومهما أحضرت من إعترافات من كبريات جامعات العالم, فأنت ستظل مُقلد, ويجب عليك إذا ما أردت أن تخرج من هذه الفئة, أن تثني رُكبتيك في حلقة عالِم من عُلماء الشريعة لتأخد عنه العلم الشرعي, فالعلم الشرعي وحده هو العلم الحقيقي, وهو وحده الذي حث الله في قرآنه عباده على تعلمه ,وعلماءه المُختصون هم وحدهم الذين يخشون الله أو يخشاهم الله بحسب القراءة ,وهو العلم الوحيد الذي يؤجر عليه الإنسان, لأنه العلم الذي يبحث في أخرة الإنسان الخالدة والأبديه, ولا يهتم بدنيا الفناء الزائلة.
الجُموع التي يتحدث عنها الأسلامجيه, هي وبحسب شريعتهم التي يُقيمون عليها بنيانهم والتي يُظهرون ما يشاؤن منها ويُخفون ما يشاؤن ,هذه الجُموع ليست سوى دهماء ورعاع يجب أن تُقاد من نواصيها إلى طريق الله حتى لاتضل وتفسد في الأرض, وحتى تقيم رغم أنفها شريعة الله لتنال مجتمعاتنا رضى الله وحتى لا نُعرض أنفسنا لغضبه وسخطه الساحق الماحق الذي لا يُبقى ولا يدر ,وحتى يظل يمطرنا بزخات المطر حتى لا نفطس عطشاً وجوعاً.
إلى هاذين القسمين الرئيسين ينقسم المُجتمع المؤمن, ويجب أن نلاحظ أننا نتحدث عن مجتمع مؤمن بكامل أفراده ,ولم نتطرق للمجتمعات التي تضم ضمن تركيبتها فئات غير مؤمنة بشريعة الأسلام, أو تتبع شِرعة أخرى , ونحن لم نُدرج تلك الفئات ضمن تقسيمات المجتمع المؤمن لأنها ليس لها وجود ضمن تلك التركيبة . فهي وبحسب شريعتهم أيضا ليست سوى فئات ضالة مُضلة تستوى في المرتبة مع البهائم ,بل إن البهائم أكرم منها ,لأن البهائم وبحسب شريعة الإسلامجيه تتعرف على الله وتُسبحه في حركاتها وسكناتها ,أما هؤلاء الكفرة الفجرة ممن لم يدخلو ملة الإسلام فهم أضل من الأنعام, ولا يرتقون لمرتبتها, ولولا سماحة الإسلام لضُربت أعناقهم. ولكن سماحة هذا الدين العظيم منحتهم الحق في الحياة مُقابل أن يدفعوا الجزيه للمؤمنين, وأن يعيشو في حماية المؤمنين, وينالو بذلك ذمة المؤمنين ما أستقاموا على على السراط المستقيم الذي يحدده لهم المؤمنين.
لن نضيع وقتنا بالحديث عن الفئات الغير مؤمنة فهي لا تدخل ضمن الجُموع بحسب شريعة الإسلامجيه ,وهي من المُفترض أن لا تشارك في إختيار ولي أمر المؤمنين ,لان الأمر لايعنيهم ولأن ولي الأمر هذا هو ووفق تسميته ولي لأمر المؤمنين فقط. .
سنعود إلى تقسيم المُجتمع المؤمن ذاته ففي التقسيمين اللذين أوردناهما آنفاً ,كنا نتحدث عن المُجتمع المؤمن والذي هو مُكون من المؤمنين الذكور و لم نتناول المؤمنات ووضعهن في هذه التركيبة . فالمجتمع المؤمن بطبيعته مجتمع ذكوري, والمرأة فيه ليست سوى تابع للرجل يختار لها ,وليس لها أن تختار لنفسها, لأن الله الذي خلقها والرجل من نفس واحدة قد منحه القوامة عليها.
المرأة المؤمنة ليس لها من نصيب لتكون ضمن القسم الأول من أقسام المجتمع والذي وضعناه تلك بند العُلماء ,لأنها لايجوز أن تتصدى لتعليم الناس علوم الدين في حين أنها خُلقت ناقصة دين , أما قضايا جواز توليها للقضاء وللوظائف الرفيعة الأخرى فهي قضايا لاتزال محل خلاف لم يُحسم بعد بين علماء الأمة ,وتختلف فيه الأراء من قُطر إسلامي إلى أخر, فبعضهم أجاز لها ذلك, والبعض الأخر قد يفعل بعد أن يحسم قضية الإعتراف بكونها إنسان أولا ويسمح لها بالكشف عن وجهها لتُعرف هويتها ,ومن تم السماح لها بقيادة الدراجة والسيارة. والطريق لايزال طويل حتى نصل إلى مناقشة مسالة توليها لقيادة إداراة الدولة ومرافقها.
وحتى يتم حسم كل تلك القضايا العالقة التي تشغل الفكر الإسلامي ويتفرغ لها هيئات كبار علماء الأمة بالدرس ,سيظل المرأة ضمن الفئة الثانيه وهي فئة الرعاع أو المُقلدين ,ولكن مأساة هذا الكائن لا تنتهي هنا ,فهي لاتتساوى حتى مع ذكور هذه الفئة المتدنية المرتبة. فهي عند ذكور المُُقلدين وعُلماءهم على السواء ليست سوى كائن ناقص, خُلق من ضِلع أعوج لا أمل في تقويمه, لأنك إن أردت تقويمه إنكسر فهكذا خلقه الإله الرحيم.
هذه هي التقسيمات التي ينقسم اليها المجتمع المؤمن وهذا هو حال أؤلائك الجموع , ونحن لن نذهب بعيداً لنتحدث عن بقية فئات هذه المجتمعات من مُهجَنين ,وأبناء غير شرعيين, فهؤلاء حُكمهم في حكم الغِلمان الذين يسرى عليهم ما يقرره سيدهم الكفيل.
هذه هي الجموع بحسب شريعة الإسلامجيه ,ونريد الأن أن نسأل عن أي جُموع يتحدث الإسلامجيه اليوم ؟ أية جُموع هذه التي يريدوننا أن نقبل حكمها في صناديق الإقتراع؟.
أية جموع هذه التي هي ليست سولى إمعات فاقدة لكل إرادة حرة, ويتم جرها من أعناقها بالتعاويذ والطلاسم المُقدسة .
أية جُموع هذه التي نصف تعدادها ليس سوى كائن يماثل الحمار والكلب والبقرة أيضا بحسب بعض الروايات .
أية جُموع هذه التي نشأت في أرحام كائنات ناقصة للعقل والدين ,كائنات نجسة تُنقض مصافحتها طهارة المؤمن, وتقطع الصلة بين المُصلي وربه, شأنها شأن الكلب والحمار والخنزير.
أية جُموع هذه التي نشأت في أرحام مقهورة تم إغتصابها تحت زنى المثنى والثُلاث والرُباع والتُساع أيضاً للمتميزين.
أي جموع هذه التي نصف تعدادها عورة يجب سترها ,وهل يستطيع هؤلاء الحمقى من الإسلامجيه أن يخبرونا كيف سيحسب صوت هذا الكائن العورة ؟
اليس هذا الكائن بحُكم شريعتكم كان ناقص لا تُقبل شهادتها في قضايا الحياة اليوميه البسيطة ,فكيف ستقبل شهادتها في قضية هي من أعظم قضايا الأمة ,وهي إختيبار ولي الأمر, الذي تقول شريعتكم أن الله ينشر به من القيم والفضائل ما لا يُفلح في نشره بكلماته المقدسة .
كيف سيكون لصاحبة هذه الشهادة صوت كامل لتصوت في الإنتخابات التي تدعوننا للقبول بنتائجها ,وهي واحدة من قطيع من أربع دجاجات يمتلكها ديك واحد ينط عليها متى يشاء ويعزف عنها متى يشاء.
هل حزمتم أمركم في هذه المسألة وهل تستطيعون أن تخبرونا الأن ,كيف سيحسب صوت المرأة ؟ هل سيكون لها نصف صوت , وهل ستشترك كل إمرأتان ببطاقة إنتخابيه واحدة لتتحقق عدالة شريعتكم الإلهية المُقدسة, أم أنكم ستغضون الطرف عن أحكام شريعتكم ووصايا ربكم؟.
الجُموع ليست مُقدسة عندما يكون هذا حالها , الجُموع تكون مُقدسة عندما تكون قد تخلصت من سطوة الشعوذات المُقدسة التي يفرضها أمثالكم عليها .
الجُموع ليست مُقدسة عندما تكون جائعة تبيع أصواتها مقابل رغيف خبز تُشبع به جوعها وجوع أطفالها .
الجُموع ليست مُقدسة عندما تكون تقضي نهاراته في شحذ لقمة العيش الممرغة بالهوان, لتأوي في مساءاتها إلى المقابر والتُرب لتضاجع الأموات, وتقاسمهم مساكنهم.
الجُموع ليست مقدسة وهي تسير في شوارع تعج أرصفتها بأطفال الشوارع الذين لاتعترف بهم لا الأرض ولا السماء .
قُدسية الجُموع خديعة يُخاذع بها هؤلاء الإسلامجيه البسطاء من الناس لسرقة أصواتهم , هؤلاء الإسلامجيه لاقُدسية عندهم للإنسان ولا كرامة في شريعتهم للكائن البشري, وخيرية أمتهم تقوم على مقدرتهم على جرّ هذا الكائن إلى دينهم الذي يريدون فرضه بالرعب والإرهاب على الناس.
الجُموع تكون مُقدسة عندما تكون تَجَمع لذوات فرديه تتمتع كل منها بإستقلاليتها ,وتحظى بأمنها الشخصي الذي يوفر لها حرية الإختيار لما تعتقده وتؤمن به دون ترهيب وترعيب, وتحظى بأمنها الغدائي والدوائي الذي يحقق لها الإستقلاليه في إتخاذ قرارها .
الجُموع لا تكون مُقدسة عندما تكون ليست سوى قطعان آدميه تُجر من أعناقها بالسلاسل إلى جنة موهومة بواسطة طائفة من الدجالين والمشعوذين.
دعوا هؤلاء البشر يَخلصون أولاً من تبعات شعوذاتكم التي ظللتم تُرسخونها في لاوعيهم لمدة ألف وأربعمائة عام .. دعوهم يتحررون منكم ومن دينكم ومن شريعتكم ومن أساطيركم المُضحكة المُبكيه .. دعوهم يتعرفون على أنفسهم ويتحسسون ما تبقى من إنسانيتهم التي غيبها قهركم وقهر أسلافكم لهم .. دعوهم يستعيدوا وعيهم المُغيب بأنفسهم .
ثم تعالو بقضكم وقضيضكم وأموال سادتكم من أمراء الغاز والنفط وكل إعلامهم المنافق , تعالو وترشحوا للإنتخابات ونحن سنقبل بنتائجها , ونتحداكم إن أستطعتم الحصول على مقعد واحد في برلمان دولة يسكنها جُموع من بني الإنسان وليس جُموع من القطعان.