الأشـجـار تـمـوت واقـفـة…..!!
الـدكتـور عـبـد القـادر حسين ياسين
“لـعَـمْـرُكَ ما الـرَزّيـة فـقـدُ مالِ
ولا فـرسٌ تــمُـوتُ ولا بـَعــيـرُ
ولـكّـنَّ الـرزيّـَـةَ فـَـقــدُ حـــُــرِّ
يـمُـوتُ بـمَـوتـه خَـلْـقٌ كـثـيـرُ …!”
الـحـطـيـئـة
أحياناً يهربُ منك النص،
تـفـرُّ الفـكرة.
ماذا تكتب حين يكونُ عـليك أن تكتب؟
ودع العـراقيون في جنازة مهيبة في العاصمة بغـداد الشاعـر العـراقي الكبير مظفـر النّواب عن عمر ناهـز 88 عاما.
يعتبر النواب أحد أبرز شعـراء العـراق الذين بدأوا مسيرتهم الشعرية في ستينيات القرن المالضي، وبرحيله تطوى صفحات تلك المرحلة في تاريخ الشعـر العـراقي والتي تميزت بالغـنى والتجريد والخروج على القوالب المألوفة وروح التمرد.
ورغم شهرة القصائد السياسية للنواب داخل العراق وخارجه إلا أن شعـره العاطفي والغـزلي وخاصة باللهجة العامية العراقية لا يقل جمالاً ورونقاً وسحراً.
كان النواب صاحب موهبة شعـرية برزت في مرحلة مبكرة من حياته. وتميز بأسلوب فـريد في إلقاء الشعـر وأقرب ما يكون إلى الغناء أحياناً، خاصة عـندما كان في مواجهة الجمهور.
أما سياسياً فقد انحاز النواب لقضايا الفقراء والبسطاء والعـدل ومناهـضة الاستغلال والاستعمار وأنظمة الحكم السائدة، فتعـرض للسجن والملاحقة لفترة طويلة داخل وطنه واضطر لاحقاً للعيش منفيا في غربته التي ناهزت نصف قرن تقريباً.
وبـعــد ؛
كانت حياة مظفـر النّواب عامرة بالعطاء الثمين، إذ أغـنى المكتبة العربية بدواوين ستظل خالدة لما فيها من عمق تحليلي فـلسفي. وقد أثارت بعض كتبه ضجيجاً كبيراً في عالم الفكر والسياسة،
بإخـتـصـار ، يـمـكـن الـقـول أن مظفـر النّواب كان الشاعـر الأكثر انسجاماً مع منظومته المعرفية والفكرية ليس على أرضية التماثل والتطابق وإنما الاختلاف. وهو من القلائل الذين يقـرنون القول بالفعـل، والنظرية بالتطبيق.
وعلى اي حال، فقد انتهت رحلة العمر، وعزائنا عن كل ما حدث له،
انه ترك ورائه أعـمالا ادبية ونضالية كثيرة.
إن من أبـسـط واجبـاتـنـا تـجـاه الراحـل الكبير هـو المحافظـة على مـا أنـجـزه مظفـر النّواب، بعد أن أنكر ذاته في حياته وترك الأضواء لعاشقـيها