د كاظم المقدادي
قيل اذا حدثت جريمة اقتصادية ،، ففتش عن الطاقة ،، والطاقة كانت النفط ،، ثم الطاقة المتجددة صديقة البيئة ، لكن عمر النفط بدأ يتضاءل ،، فصار الحديث ، عن مصير الطاقة ما بعد النفط ،، وكان الغاز سيد الموقف ، بعد ان انحسر الغاز الروسي عن الاسواق الاوربية. .
المعضلة ،، ان طاقة الغاز ، لا بديل لها ،، لا غاز متجدد ،، ولا غاز متجمد .
خطاب نتنياهو في الامم المتحدة ،، لم نتوقف عنده كثيرا على الرغم من اهميته .
كان نتنياهو متحمسا ، بارعا في عرض مشروعه الامريكي ،، وهو يتحدث عن تحولات جغرافية واقتصادية مرتقبة ، وألغاز خطيرة ومدمرة ، في منطقة الشرق الاوسط الجديد .
قال هذا قبل ان تبدأ ملحمة 7 أكتوبر لحركة حماس الفلسطينية .
كانت يده اليمنى تحمل خارطة المنطقة ،، وبيده اليسرى حمل الماجك الاحمر ، مؤشرا على خط جديد لتصدير الطاقة ،، يبدأ من الهند ، مرورا بسواحل البحر المتوسط ، وانتهاء بالموانيء الاوربية ، هكذا كان يبشر بالشرق “الاوسخ” ،، اي بشرق الغاز الجديد ،، من حيفا وعلى امتداد سواحل البحر الابيض ، في اسرائيل وفلسطين ولبنان وسورية ،، ليكون بديلا لخط الحرير الذي تبنته الصين وروسيا ،، وايدته مجموعة من الدول الاسوية المهمة ،، لكن ،، ساحل غزة هو المعضلة التي تقف امام المشروع الامريكي الاسرائيلي الذي يقابل المشروع الصيني الروسي .
هذا الساحل ،، يراد له ان يكون مصدرا جديدا لتزويد اوربا وامريكا بالغاز ، بعد تدمير خطوط الغاز الروسي ستريم 1/2 في الاشهر الاولى من الحرب الروسية الاوكرانية .
الثابت ،، ان دفع وتشجيع اوكرانيا في الحرب ضد روسيا ، كان بقصد الهائها ، وعزلها ، وتعطيل وشل قدراتها الاقتصادية والعسكرية .
قبل هذا المشروع ،، جرت محاولات لتصدير الغاز القطري عن طريق ميناء اللاذقية السوري ،، ومازال هذا الهدف معطلا بفعل الوجود الروسي والايراني وحزب الله اللبناني على الاراضي السورية .
لا ننسى ،، ان قطار التطبيع السريع الذي حمل معه الامارات العربية والبحرين ، وكان من المؤمل ان تنظم السعودية والسودان مع دول التطبيع ، حتى يصل الى محطاته الاخيرة .
لكن ،، وكما يبدو من تطورات الاحداث الاخيرة ،، فان حركة حماس اجهضت التطبيع السعودي بأعتراف بايدن ، لكن هذا لم يمنع نتنياهو بالمضي بمشروعه القذر بعد تحويل غزة الى مقبرة وارض محروقة ، ومحاولاته بتهجير سكان غزة الى صحراء سيناء ، وغور الاردن ، وربما الى صحراء الانبار العراقية . بتأييد وبمساندة كاملة من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الامريكية .
طبعا ،، هذا عدوان رباعي على المقاومة الفلسطينية ،، يذكرنا ب “بالعدوان الثلاثي” على مصر عبدالناصر سنة 1956.
ترى ،، الى اي مدى يستطيع الكيان الصهيوني تنفيذ هذه الخطة الجهنمية ،، المؤيدة فعليا من امريكا وبريطانيا وفرنسا ،، بأبعاده السياسية و العسكرية .
نلاحظ ،، وعلى الرغم من مناشدات الامم المتحدة ، والمنظمات الانسانية الاخرى ، مع قطع بعض الدول علاقاتها الدبلوماسية ،، وامام قوة و يقظة الضمير العالمي ،، والمظاهرات اليومية التي لم تتوقف ابدا في معظم عواصم العالم المهمة ، وحتى في تل ابيب نفسها ،، مازال الكيان الصهيوني المجرم مستمرا ومنذ شهر في حرب الابادة الجماعية ، والتطهير العنصري ، بكل السبل والاسلحة المتطوره والقنابل الممنوعة دوليا .
السؤال المهم ،، هل ستستمر حكومة نتنياهو بمشروعها ، الى ما لانهاية ،، ام انها ستسقط من الداخل ،، وهي المتهمة بالتقصير الامني ، والعجز العسكري امام طوفان الاقصى ، وملحمة السابع من اكتوبر ،، التي نفذتها حركة حماس الفلسطينية ؟؟ .
الثابت .. ان حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة ،، لم تعد قوية لا في الداخل ، ولا في الخارج ، بعد سقوطها الاخلاقي ، وفشلها الاستخباراتي والامني .
يرى المراقبون ، في الشأن الاسرائيلي ،، ان المعادلة السياسية وعلى مدى عقود لم تشهد قيادة سياسية بحجم المؤسسين الأوائل مثل رابين وبيغن وبيرس ،، كما ان القيادات من الاجيال الفلسطينية المتعاقبة ، والتي اريد تذويبها بالمشروع اليهودي ،، هي الاخرى اثبتت قدرتها ، وتمسكها بالارض والحق الفلسطيني .
اما اوربا القارة العجوز ،، فلم تعد قوية كما كانت عند اعلان الدولة اليهودية سنة 1948،، وقد اثبتت عجزها وتراجعها امام اكتساح روسيا لاوكرانيا .
والاتحاد الاوربي هو الآخر ،، لم يعد متماسكا بفعل هزات داخلية اقتصادية وسياسية ، اصابته في العمق ،، وارتهانه للقرارات و السياسات الامريكية التي جعلت منه تابعا ،، لا يتحرك الا بالضوء الامريكي الاخضر .
ان السياسات الامريكية والاوربية المفضوحة ، والنفاق الرخيص ،، الذي يمارس اليوم اعلاميا ،، من رفض لوقف اطلاق النار ، الى تقديم مساعدات من المواد الغذائية والادوية وغيرها ،، لم تعد خافية على احد ، الامر الذي زاد من حماسة ومساحة تأييد الرأي العام العالمي للقضية الفلسطينية ، والرافض بشدة ، باستخدام القوة المفرطة الناتجة عن التفوق الجوي الاسرائيلي ، المعتمد اصلا على تكنولوجيا السلاح الامريكية .
ختم الكلام ،، ان ملحمة السابع من اكتوبر ،، حركت الضمير العالمي ، ونقلت القضية الفلسطينية من ركامها ،، لتكون الحدث الابرز ، في الاعلام الغربي ،، والسياسات الدولية ،، كما ان المقاومة الفلسطينية اصبحت رقما صعبا في المعادلات الدولية الجديدة.. لكن للاسف ،، لم تكن الزعامات العربية المتفرجة في مستوى غضب المظاهرات العربية والعالمية .