بقلم / علي محمد امين الجاف
تنوعت أشكال وطرق الإتصال قديماً، فقد استخدم الإنسان في بداياته طرق التواصل المتعددة كالرسم على الجدران في الكهوف وغيرها، ومع مرور الوقت استطاع أن يطور اللغات المتعددة التي تتنوع الآن تنوعاً كبيراً، إذا ما استثنينا اللغات المندثرة، وبعد ذلك طور الإنسان وسائل لنقل المعلومات عن طريق كتابة الرسائل على الأوراق والرقاع الجلدية وغيرها، ونقلها بالمرسال من شخص إلى آخر في البلاد المختلفة، والمرسال هو الشخص الذي ينقل الرسائل بين الأشخاص، بناءً على طلبهم، واستطاع أيضاً استخدام الحمام الزاجل الذي دربه وطوعه لخدمته وتحديداً في نقل الرسائل، وكل هذه الطرق كانت طرقاً طويلة تستنزف الوقت والجهد في عملية نقل الرسائل بين الأشخاص، عدا عن عدم فاعليتها في الظروف الطارئة.
أما وبعد عصر النهضة، وتطور العلوم وفي القرون الأخير استطاع الإنسان تطوير وسائل اتصال عرفت بوسائل الإتصال الحديثة والتي تعتبر إعجازاً من إعجازات هذا العصر لا نظير لها، وتتميز هذه الوسائل بخاصية الآنية، أي أن المعلومة تنتقل في وقت حدوثها بين أبعد نقطتين على الكرة الأرضية، ولم يعد هناك شئ بعيد، وأثمان هذه الوسائل متدنية جداً وفعالة إلى أبعد الحدود، فيستطيع شخصان أو أكثر متواجدون في نفس الوقت على أكثر من بقعة على الكرة الأرضية التواصل معاً وكأنهم جالسون في نفس المكان، كل هذا بسبب التكنولوجيا الهائلة التي ابتكرها العقل البشري في العصر الحديث.
بدأت هذه الوسائل باختراع وسائل الإتصال كالهاتف والبث الإذاعي من ثم تطويره إلى البث التلفزيوني، فالهاتف يستخدم عندما يريد شخصان التحدث مع بعضهما وهما في مكانين منفصلين، فيتحدثان إلى بعضهما البعض دون الحاجة إلى الالتقاء والتنقل لذلك. أما البث الإذاعي والتلفزيوني فيستخدمان لإرسال المعلومات فقط وليس استقبالها، فيبثان المعلومات والأخبار المحلية والعالمية والبرامج المتنوعة للتسلية والفائدة معاً. ولم تقف وسائل الإتصال عند هذا الحد، فقد تطور مفهوم البريد من الربيد التقليدي البطئ إلى البريد الإلكتروني الآني الذي يعتمد على شبكة الإنترنت والكمبيوتر، وهو وسيلة إرسال رسائل إلكترونية سريعة ومجانية، كما تطور مفهوم الهاتف والمكالمات إلى مكالمات الفيديو والتي زادت فعاليتها بعد الجيلين الثالث والرابع واللذان وفرا خدمات هائلة من مزودي هذه الخدمات وشركات الإتصالات. وأخيراً تم تطوير ما يعرف بالهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي والتي كانت الشعرة التي قسمت ظهر عهد الإتصالات القديم، ليبداً عصر جديد مختلف كلياً، من أبرز سماته إلغاء آخر الحدود بين البشر على اختلاف ثقافاتهم ولغاتهم وأديانهم وأعراقهم.
التطورات التي طرأت على الإنترنت و التي صاحبها ظهور العديد من تكنولوجيا . بشكل عام يشير العديد من المختصين في علم الإنترنت بأن الإعلام الاجتماعي يمثل قفزة كبير للتواصل من خلال الشبكة العنكبوتية بشكل تفاعلي أكبر من السابق بكثير عندما كان التواصل محدودا بمشاركة كميات قليلة جدا من المعلومات و سيطرة أكبر من مديري البيانات.
كما أتاح الإعلام الاجتماعي فرصاً عديدة منها التشارك بالمعلومات بين جميع مشتركي الشبكة مع إمكانيات التفاعل المباشر والحر علي المواقع الاجتماعية وعند نهاية كل مقال أو خبر ، كما أتاح الفرصة للمتلقين بأن يصنعوا برامجهم الإذاعية أو التلفزيونية التي يحبونها ويتابعونها وذلك بطرح مقترحات لمعد البرنامج ، أو المشاركة بطرح أسئلة للضيف الذي ستتم استضافته بالبرنامج ، كل هذا وما صنعه الإعلام الاجتماعي مع الثورات التي اجتاحت منطقة الشرق الأوسط والاحتجاجات التي عمت العديد من الدول الأوربية وأمريكا يعتبر إضافة جديدة إذ صنعت هذه الأحداث ما يسمي بالمواطن الصحفي ، فصار الشخص الذي يعيش الأحداث أن يصورها أو يكتب عنها ويرسل ما يصور أو يكتب إلى وسائل الإعلام المتلهفة للأخبار من مناطق لم يستطع مراسلو تلك الوسائل من دخولها إما بسبب النظام الحاكم لخوفه من معرفة العالم بما يحدث أو لصعوبة الوصول للحدث الذي قد يتعدى وقته دقائق فقط فما كان من الممكن نقله للعالم إلا من خلال الذين عايشوه ووثقو..