فرياد إبراهيم
الملفت للنظر ان قادة الكرد أضحوا مرة أخرى جحوشا للآخرين: جحوش إيران يعملون لصالح تركي ا. وجحوش تركيا في خدمة إيران وسوريا، وجحوش العراق تحت تصرف الحكومة العراقية وبالتالي الإيرانية. وعادت حليمة إلى عادتها القديمة
!
فماذا يحدث في كردستان في ظل التطورات الحاصلة في المنطقة؟
هل تريد التحالف الأمريكي- الأطلسي ورأس حربتهما التركي إسقاط البارزاني؟ لا شك فيه انهم لو ارادوا إستطاعوا ذلك برمشة عين. ولكن هل يريدون ذلك؟ المقال يحاول الأجابة على هذا السؤال بقدر الأمكان. وبقدر قدراتي المحدودة فأنا أديب وما اضطرني الى الكتابة في السياسة – لا ممارسة – الا خدمة متواضعة لشعبي اليتيم. الوحيد اليتيم من شعوب الأرض.
فالمعلوم ان ما يحدث في كردستان اليوم ليس بمعزل عما يجري في المنطقة. فإزاء التطورات والتغييرات الجارية انقسم العالم انقساما شبيها بما كان عليه في الحرب العالمية: قوات الحلفاء يقابلها قوات المحور. قد اضع إيران في مركز المحور في هذا الصراع . وأيران في المعكسر الآخر. فإزدياد نفوذ ايران وتدخله السافر في كل الدول المجاورة لها وتبنيه عمليات ارهابية ودعمه للطالبان وطموحاته وتطلعاته الذرية وتهديده لأمن الخليج شكل تهديدا مباشرا لمصالح دول التحالف برئاسة الولايات المتحدة ومصدر تهديد للأمن القومي الامريكي . فبادرت امريكا بتهيئة وسائل واسباب التصدي لهذا الخطر: اضعافه وإنهاكه و شلّه عن الحركة، على مبدأ (اتغذى بك قبل ان تتعشى بي). وتحركت امريكا لتحجيم وتحديد وكبح ايران . وغزو العراق كانت اولى خطوة في هذا الأتجاه. وباءت بالفشل. فأعدت وبتخطيط مع دول الخليج وخاصة قطرتحريك الشارع العربي . المناخ كان متهيأ للأنفجاربسبب طغيان الطغاة . فقد بلغ الحزام الطِبيَين وبلغ السيل الزبى . فكانت هي عودة الثقاب التي اضرمتها وفجرتها. فغذتها ورعتها بهدف إقامة حكومات اسلامية امريكية سنية على غرار حكومات الخليج حيث تشهد اقتصادا واستقرارا ملحوظا. وإسلام على الطريقة الخليجية او التركية العلمانية خير لها من متطرفة أواسلام على الطريقة الايرانية . وافضل من فوضى على اي حال. الفوضى يضر كثيرا بمصالح امريكا التجارية والاقتصادية في المنطقة. وقد اثبتت التجارب فشل الحكومات العسكرية المتعاقبة في اشاعة الامن والاستقرار في البلاد اذ سرعان ما استحال الحاكم العسكري الى طاغية يهدد أمن العالم. أي تعدى خطرهم إطار بلدانهم. كما كان الحال مع صدام والقذافي والسوري ، فكلهم هددوا بنسف وحرق وقلب المنقطة وجعلها عاليها سافلها . فلو اقتصر خطرهم على الداخل لما كان لهم شأن بهم حتى لو ابادوا شعوبهم عن بكرة ابيهم.
ففي تونس ومصر وليبيا وسوريا حدثت ثورات عفوية ( التحام الشارع والجامع ) والجامع جزء من الشارع .
أما ما حصل في العراق كان ضد مشيئة الأمريكان. فقد انضم عراق المالكي الى المحور فاتحا الطريق امام ميليشيات مقتدى الصدروالأرهابيين والمرتزقة وقوات الحرس الثوري الايراني للتوجه لنجدة النظام السوري المتهاوي عبر العراق. ومن هذا المنطلق اعتقد ان النظام العراقي المالكي سيسقط قبل النظام السوري . لأن سقوطه سيسهل التغيير في سوريا وتعجل بالثورة والفوضى في داخل إيران . وهناك انباء خفية تتحدث عن (مؤامرة – اي ثورة) لإسقاط المالكي تحاك بدقة في قطر والسعودية . الهدف إقامة حكومة تناهض النظام الأيراني . أو على الأقل حكومة غير موالية لايران . فالعراق المالكي غدت المشيمة والحبل السري التي تربط ايران بلقيطتها سوريا وسوف يقطع لهذا السبب. وحالما يقطع ينفطم معها حزب الله وحزب البعث والنظام السوري. صفعة مهلكة في وجه ايران خامنئي.
وذيل المشيمة هذه هي كردستان البارزاني . فهذا بعقليته العشائرية المحدودة اراد كسب جميع دول الجوار فخسرها جميعا . فقد ثقة تركيا لتحالفه مع ايران في ضرب المقاومة الكردية المدعومة من قبل امريكا وتركيا . وفقد ثقة ايران لفتح المجال امام القوات التركية لضرب حزب العمال الكردستاني المدعومة من قبل سوريا وايران. إرضاء للمالكي. اي بمعنى آخر: ارادها أخوة كردية عربية مع المالكي. كروموزوم 11 اذار يعشعش في خلاياه . وسيلقى مصيره إن مضى على هذا الطريق.
ومن الجدير بالذكر أن الحلفاء أفلحوا لحد الآن في توجيه ضربات موجعة الى المحور من شتى الجهات: خلقوا لروسيا ازمة الانتخابات التي تعصف بالبلاد وما لذلك من تأثير سلبي على النظام السوري ومعنوياته. وايران على المحك الدولي بسبب مفاعلها النووية ونواياها المبيتة . وسوريا تختنق تحت وطأة العقوبات الدولية والعربية ، كل ذلك سينهك النظام ويقرب من نهايته المحتومة.
هذا في الخارج وماذا عن الداخل؟
على الشارع الكردستاني؟ هناك شعب متذمر . الشعب يرى ويسمع بالتغييرات من حوله، يريد رؤية النور، يحلم بالخروج من ظلمة الحكم العشائري الذي طال بلا مبرر وبلا نفع ، يريد زوال سر وسبب تعاسة الشعب الكردي على مر العقود. قوم لا يعرفون من السياسة الا الخضوع لإرادة ومشيئة الأجنبي ، ذئاب على الشعب نجاع تحت الغريب والمحتل، خانوا الشعب وطعنوه من الخلف عشرات المرات . حتى صاروا وصمة عار على جبين الكرد . الشعب يريد اسقاط النظام، هذا هو عنوان العصر بلا منازع . ولا غرو ولا غرابة ان تنطلق الشرارة من الجامع . وأن تكون لتركيا ضلع فيها . فلها دور كبير في هذا المسار لا كدولة فحسب بل كجزء من منظومة التغيير التي تتبناها الحلفاء . فهي بمثابة رأس الحربة في جبهة التحالف.
وما إثارة فضيحة إبراهيم خليل في هذه اللحظة بالذات -وقد كان معلوما لديهم طوال الوقت – الا وسيلة وأداة لأثارة وتحريك الشارع والجامع جزء منه . فكل الجوامع تقع على الشوارع . والشعب والشباب الكردي ادرك ان ساسته وقادته اصبحوا تجارا لا ساسة . وصارت المتجارة بالقضية الكردية صفقة لقاء البقاء على العرش وبقاء العائلة المالكة.
وسيشملهم التغيير شاؤوا ام أبوا !
وهل هناك من مخرج؟
لو سُئِلتُ : هل من مخرج او حل فأجيب بما أملكه من معرفة وخبرة متواضعة ذاتية:
التخلي عن اتهام هذا الطرف او ذاك اسلاميا أو غير إسلامي . الشارع الكُردي يغلي كما يغلي الشارع العراقي كما اسلفت. ومن ثم تصفية الأجواء وإزالة الخلافات بالحوار بين كل الاطراف والاحزاب ، وحل أحد الحزبين الرئيسيين لأن التجارب الماضية والحاضرة أثبتت انهما لا يزالان مصدر شقاء وتعاسة للشعب وخلافاتهم ومنافساتهم السرية والعلنية لا تزال قائمة على قدم وساق وذلك خلاف ما يدعون ويعبرون عن وفاقهم ونبذ خلافاتهم بإبتساماتهم وضحكاتهم العريضة المتكلفة الزائفة أمام عدسات الكاميرا. لا خلاص للشعب الا بخروج أحدهما من الساحة وانضمام اعضائه الى الحزب الآخر. وهذه هي اعظم خدمة يقدمونها وربما يبيضون بها بعض السواد من على وجوههم . فنزاعاتهما وخلافاتهما اضحت مزمنة غير قابلة للشفاء ولذلك أفضل حل أحد الحزبين. ومن ثم توحيد الصفوف وإقامة مجلس منبثق من جميع الأطراف يحمل اسم( المجلس الثوري الكردي الموحد) ، هذا في الداخل. يعقب ذلك إنعقاد مؤتمر موسع يجمع جحوش تركيا وجحوش ايران وجحوش سوريا وجحوش العراق . مصافحة جلية ظاهرة بلا رتوش وفي العلن ، لا في الظلام ولا في الحمام ولا في دورة المياه ولا في دورة المياه في الطبيعة، بل تحت الاضواء الكاشفة الساطعة . وتنسيق الجهود تحت قيادة موحدة ذات ستراتجية موحدة او متقاربة على اقل تقدير وبرنامج عمل مشترك. وحينها ستتغلبون حتى على الشيطان. والا فمصير الكرد من سئ الى اسوء. ولا استبعد احتلالا تركيا بمباركة الحلفاء وبمشاركة الجحوش.
كل ما يحتاجه ساسة الكرد في الظرف الحاضر هو قليل من التعصب القومي ، وقليل من الشوفينية ، وقليل من الميكيافيلية والمناورة السياسية في التعامل مع الجهات الخارجية ذات العلاقة. تضع مصلحة القضية الكردية العليا فوق كل إعتبار. فقد انقضى عهد القيم العشائرية من نبل والصدق والصراحة في التعامل مع الخصم في ميدان خطير كميدان السياسة الخارجية خاصة . والا فالمصير يسير من سئ الى أسوء. ولا نستبعد احتلالا تركيا على المدى البعيد وبمباركة امريكا وبمشاركة الجحوش ، وتصبح كردستان حينذا كبقية أقسام العراق مسرحا وميدانا لتوازن القوى والقوى المتصارعة التركية الأيرانية والعراقية والسورية والسعودية العضو الفعال في جبهة التحالف لصد وشكم ولجم إيران الأسلام. . .
وعليك اولا يا مسعود يا بارزاني ان لا تنس أن تنسى نغمة (انا الزعيم الأوحد). أنت عضو من المجلس الثوري الموحد إن حصلت المعجزة وتحقق، والا فستسقط سقطة لا نهوض منها . وستسقط هذه المرة لا على الارض فحسب ، بل خارج حلبة التأريخ.
ضع هذا نُصب عينيك في تعاملك مع الأطراف والأحزاب والحركات الكردية مستقبلا يا..
يا من لعِبت به الشّمول ما ألطفَ هذه الشّمائل
أقول قولي هذا والكُرد من وراء القصد.
عاش كردستان ومات بائعي كردستان ..!