نفرآتون
د. أسماء غريب
*
أيّها الحرفُ الصّعلوكُ
كُنْ مَنْ تكُون،
فكَما تَدينُ تُدانُ
وإذا سَرقتَ سُرِقْتَ
وإذا خُنْتَ ظَهَر اليومَ قبل الغدِ
مَنْ سيخُونكَ ويسقيكَ
منَ الكأس نفسِها
السّـُمّ الزعاف
إنّمَا هي أعمالكَ تـُردُّ إليكَ
ولا تحصدُ إلا ما زرعتْهُ يداكَ
*
نعم أيّها المَلـِكُ اللصُّ
فقدْ رأيتـُكَ وأنتَ تنبُش قبْري
وتسرقُ رُفاتي
وتمُدُّ يدكَ إلى اللون الأخضرِ فِي عيوني
والحرفِ الأزرقِ المنقوشِ
فوق جدرانِ محرابي
أجل، الحرف الأزرق
أتتذكّرُه؟ لقد أخذتهُ كاملا
وأخذتَ معهُ حتى النقاط والشموس الذهبيّة!
*
آه، آهٍ ما أجشعكَ
أيّها الشاعرُ المريض بجنونِ العظمة
لم تنسَ شيئا وقعَ عليه بصركَ
في غرفتي الملكيّة،
حتّى كتابَ الموتى أخذتهُ
وكتاب تفسير الأحلام العظيمِ
ثم خرجتَ بين النّاس تؤسّسُ لك
مملكة جديدة وعرشا خلتهُ أزليّاً
وطفقتَ تكتبُ ممّا سرقتَ أشعاراً
تقولُ إنّها عنّي،
أنا إمبراطورتكَ التي غيّرتَ اسمَها
وأسماء شموسها وكنوزها
*
لكنّي اليومَ عُدْتُ
كي أقوّض عَرْشكَ الزائف البالي
وأخْبِر الجميعَ عنّي
واستردّ كلّ ما سرقتهُ منّي
حرفاً حرفاً حرفاً
وأعلنَ في حفْلٍ ملكيّ باذخٍ
عن اسمي الحقّ،
فأنا نفِرتيتي سيّدةُ الأرض
وصاحبةُ القيثارة الحمْراء
والرّقصة الوحشية
والأربعين زمرّدة المرصوصة فوق الجبينِ
*
أنا نفرتيتي
وأنا أيضا آتون
فأعيدوا أيها الشّعراء قراءة حروفكم
وكتابةَ قصائدكم
ودقّقوا يا أهلَ التأريخ النظر
في بَردياتِكُم
وأعيدوا يا أهلَ اللاّهوت
كتابة تعاليمكمُ
فأنا الإلهُ الواحدُ والمعبودُ الأوحد
الذي كان يسيرُ بين النّاس بجسدِ آتون
ويأسرُ قلوبهُم بوجهِ نفرتيتي
وهذا إلى جانبي الحرف الأبيض
الذي طالتْ غيبتُهُ
عادَ هُو الآخرُ بينكُم
فطوبى لمنْ سيعرفُهُ ويعرفُنِي.
نفرآتون
شارك هذه المقالة
اترك تعليقا
اترك تعليقا