مرافئ الروح
حامد خضير الشمري
لقابِ قوسين أسمو حين ألمسها
وقد تدفق في صحرائها مائي
هي النساء وقد قبلتها فأنا
قبلتهن جميعاً منذ حواء
قد ضيعتها المنافي في غياهبها
وعدت وحديَ لكنْ محض أشلاء
أحسها من وراء الغيب تهمس ليْ
حورية ً هبطت في فجر إسراء
دبًَّ الزمان عل عكازه هرما
ولم تزل ظبية تغفو بأفيائي
كأنَّ في كنهها سراً ومعجزة
فلا أكلمها إلا بإيماء
ما كان عمريَ عمراً بل مكابدة
ولم أزل جثة ما بين أحياء
يداعب الروحَ من أطيافها عبقٌ
فأنتشي هائما في شبه إغماء
إذا الأنامل من فرط الهوى اشتبكت
ما عدت أحتاج إبليساً لإغوائي
تنساب من صوتها للروح ساقية
ويورق الصمت غيما فوق بيدائي
في أعين القلب دمع حين أذرفه
تعود روحي إلى فردوسها النائي
لم يخلق العشق إلا عندما انفرجت
شفاهنا وانصهرنا دون إبطاء
تشعُّ أعيننا من فرط لهفتنا
حتى نذوب ونستلقي بإغراء
أعجوبة الله لم تخلق ليلمسها
إلا أنا وأنا وحي الأحباء
كأنها مسجد حاطته أدْيرة ٌ
ترتاده الروح في عسر وسرّاء
ترن أجراسه في كل مئذنة
ويركع الفجر مخضلا بآلاء
وأنها من رحيق الورد قد خلقت
بل أنها ملـَكٌ يصغي لإيحاء
وقبتين بأعلى الصدر زرتهما
حتى أودع في صحنيهما دائي
رأيت شيطانيَ المسكين مبتسما
فقد تعلم درساً دون أخطاء
فيها الجمال وما أبقتْ لإمرأة ٍ
من فيضه الثرِّ إلا بعضَ أنداء
لي جنتان وأخرى حين تسكب لي
شهد اللسان على أقداح صهباء
أخالها في ضفاف الكوثر ارتمست
حورية من شذاً زاكٍ ولألاء
أحبها في جنون حين أكرهها
وأنتشي كلما غالت بإيذائي
لا مال َ عندي سوى حبي لأكنزه
والحب لا المال يثري كل حسناء
تمر كالطيف في هالات رقتها
فلا يكاد يراها المبصر الرائي
تغربت خلفها روحي بلا أمل
ولا رست بعدها يوما بميناء