السماءُ تهبط إلى الأرض
نصّ / سعدي عبد الكريم
تتهكَّمُ الأمنيات
على أبناء جِلدتها الفقراء
تستلقي على قفاها
من الضحك ..
تهمس للعابرين إلى الكَرب
أن لا طريق للضّوء هناك
الأمنيات لا تصلح أن تجلس
على مأدبة العشاء
فالأثرياء صادروا الأرغفة
ورهنوا الأرصفة
في مكاتب عقار الشوارع النائية
المجنزرات تدوس بسرفها المسرعة
أسفلت الرؤوس
الباعةُ المُتجوّلون
تجمعوا حول باب الخَمَّارة
بالطابور ..
صاحب الخَمَّارة لا يفتح ابوابها
إلا بعد الساعة المنصرمة
من قيح النهار
وقبح الليل
الجميع هاجروا إلى الفراغ
وبقيتُ وحدي مثل الكأس الفارغ
أشرب من الكأس الفارغ
الخَمَّارةُ ما زالت مغلقة
من يفتح ذراعيه للرَّيح
ويَصُدُّ عن عيون المها
طلقة صياد أحمق
ليس هناك أحد .. !
السلطان أصدر الفرمان
فعمّت الأحزان
وأرتدت البلاد ملابس الحداد
على ابناءها الشهداء
امرأة في رأس الزقاق
العافر وجهها بالتراب
خلعت شيلتها ورمتها إلى السماء
السماء تهبط إلى الأرض
تحلُّ ضيفاً في بيوت الفقراء
تجتمع مع الباعة المُتجوّلين
تنتظر هي الأخرى
أن تفتح الخمَّارة أبوابها
لتثمل مع الشعراء
والفقراء ..
تحلم أحلامهم المقرفة
وتصحو على كوابيسهم المزعجة
السّماء تفقد وعيها
من هول الصَّدمة
تبقى مُمدَّدة على الأرض
في انتظار أن تصحو من سكرتها
تتقيَّأ ما في جوفها من خطايا
ثم؛ تغني مع الباعة المُتجوّلين
اغنية الحالمين