اعترافاتٌ متأخرة .. لعاشق بدائي
سعدي عبد الكريم
أعترفُ.. بأن تواريخنا
العربية القديمة؛ والحديثة
محض افتراء معقود بسيف فحولتنا
حروبنا؛ ومآسينا
ونحن .. كأطفال الملاجئ
نأكلُ رغيف الخبز المطحون
بنشارة الخشب.. والمسامير
وأفكار منقوعة بإرث المكيدة
وكتابات فاضحة
وتأويلات كاذبة
عن التاريخ؛ والعروبة؛ والأحزاب
نتلقَّفُها على لسان الدجالين
وقطاع الطرق .. والمارقين
والجلادين .. ورجال العسس
حتى لم نَعُدْ نُميز
بين تاريخنا العربي
وعشق عنترة العبسي
***
كفحلٍ عربي.. وعاشقٍ بدائي
مأسور بالبداوة.. والفضاضة
رحلتُ الى المدن الوردية
مدنٌ طافية على موج ازرق
أحبّبتُ نساء مختلفات
بنكهات مختلفة
بأجساد ثلجية
وأثداء بلورية.. وعيون ملونة
كالتي ينحتها المَثالون
ويتغزل بها شعراء الجاهلية
***
ما زال القلب ينوء بحمل الأوزار
وطلب التوبة
من أول العمر.. إلى آخره
يا الله .. كم هي أعداد النّسوة في ذاكرتي
لن اشطب اسما مِنهُنَّ إلى الآن
رحلتُ من (بغداد) كأميرٍ فاتحٍ
لمدنٍ محاصرة بالطوفان
اُثبّتُ عمود خيمتي العربية
المتهرئة الأوصال
على أبواب (طنجة)
وفي حارات (مدريد)
وعلى شواطئ (بيروت)
في (دمشق) وفي (البندقية)
في (إسطنبول) وعلى حدود أمريكا اللاتينية
جمهورية من النساء
يحملن حجرات سبع لِرَجمي
أعترفُ .. بأني لم أكمل الطريق
تعثرتُ بأول الطريق
بخطى الرغبة.. ومواريث الأحلام
وسلالات الآلام
اجترُ الأزمنة كالشاة
أتدثرُ بنزواتي المتخمة باللهو
والليالي الحمراء
كملاكٍ آتٍ من جبل الرّب
أناديه .. فلا يسمع
كلّ نساء الكون
وعرافات المجون
اعترفنَ عليَّ يوم الحشر
بأني عاشق بدائي مجنون
***
أنا عاشق بدائي
قتلَ حبيبته بخنجر مثلوم
وأسمل عينيه
أعتقدَ .. بأنه يحقق العدالة
في زمن المجازر الكبرى
والخيانات العظمى.. وعهر الساسة
ورجس الحكومات
وكثرة الرايات الملوّنة
والأسماء المزوّرة
***
في وطني .. لا نملك إلا الحزن
وأكوام قمامة
تناثرت أشلاءنا على قارعة الطريق
واسفلت الشارع
لا شيء في وطني غير الموت.. والخيانة
واكل مال اليتامى
واقتناص الفرصة للصعود إلى الزعامة
***
أنا عاشق بدائي
آتٍ من أزمنة الحنظل.. والنّخل
ألتحفُ القهر دثاراً
من أول سوط نخر ظهري
في حجر التعذيب
وزنازين الحكومات المتعاقبة
والأمن السرّي
أعترفُ.. بأن أزمنتنا العربية مزيفة
من أول سطر في كتب التاريخ
إلى الفهرستْ !