كيف لي أن ألقاني ؟
عذبة في المرايا
وروحي أسنان مشط
بيد امرأة حزينة، ترمقني
كيف لي مني
ونساء الكون في صدري
يمشّطن الليل داخلي ؟
يتغيّرن فيَّ
كنبرات البكاء
كليالي الشتاء بأجيج مواقدها يلتهمن حطبي.
يدي التي تشير إليّ في جيبب مغلق
والشوك العالق في زهرة اسمي
غفا منذ الازل على خصري
نون مضمومة في آخري تطوّقني،
وجسدي رجفة شاهقة تحاصرني،
الماء والعطر ظلي فوق الورق،
وهذا الشّذى القاسي
ساديّ موحش.
طوال العمر يكتبني،
يختصر حروفي، واضطهادي.
يسيل فوق الحائط بامضاء لا ينصفني
يدي التي تشير إلي
بخواتم من مرجان أحمر
من قاع بحر وطفولة مبللة.
قست أصابعها وتورّمت
فيما الشمس التي أشرقت فوق زهري
صدأت مع رقصة الريح
وفقعت لونها دمامل فوق جلدي
كيف لي ان القاني!؟
وكفّي الأبيض أدار ظهره
غيّر الضم، وتركني مكشوفة بملحي
شراييني الشفافة ,ما عادت إبر الحقن، كالأمس تطاردها
وثفل القهوة الأسود عجز أن يعدّل مزاج الدم في رأسي.
كلي صار ملوّناً بكلي، بزرقةٍ من ندوبي
بنبيذي ومرارتي
تالله…
أني أشتاقني
كلما مررت بأنفاسي العالقة في تباني
أرغب في عناقي..
أشتهي شمّ عنقي
لحدود السماء التي حسبتها أميّ.
أجهضتني نطفة شقاء
كلعنة عشق ضالة
سكبتني بركة حمراء موجعة
بحمى ومغص.
أسقطتني بين أردافها
وعينيّ معلقتان بنجماتها
بدل الضوء, دست بفمي صوت الرعد
والليل الذي ظننته أبي
أطعم الغيمات بقايا سجائره
وتعرق من ضفائري غياباً.
أمطرني دخاناً
لحناً شجيّاً في الحانات
الجدران شهدتْ صرختي
أوتْني كقطة بريّة، وقبل أنْ تقلّم مخالبي
فتحت باب النار واستنشقت احتراقي
كيف لي أن ألقاني!؟
ومنْ يدّلني
عن عاقلات لا تٌبكينني؟
لأعتزل كل جنون الموروث
أخدش وجه الشعر المصوّب نحوي كالرصاص.
هذا القتل الممنهج الذي أدماني
بمحاولات اغتيالي
وكسّر أسناني
وقلبي، ومفاصلي
وبتر رئتيّ، وركبتيّ، وكبدي…
هذا القناص المؤّجر من الموت
طعنني في الصمت
وفي عهدة الكلام المباح.
ضاجعني نهاراً، وفي حلكة الظلام
راقصني أضحكني من خوفي
أبكاني على إصراري
صيّرني فجوة في الطين،
بأربعين غاراً للنمل يدبون صراطاً
يجترّون دفئي
وأحلامي…
كيف لي أن ألقاني ؟
نسرين المسعودي