احْتِكَام ..
………….
يتسرّبُ النَدى خلسةً من قواربَ مخروقةٍ تشققاتُها مغروسةٌ في اليباسِ لا التحشيدُ يعصمهُمْ من عُقَدِ الملحِ الساريةِ في الأجسادِ ولا الجعيرُ يسدّ ثقبَ المراكب الناتئةِ علىٰ مسرحِ الهرجِ يدسّونَ أنوفَهم في خابيةِ القيحِ يبدونَ عراة مأخوذينَ بنشوةِ السكرِ وسوراتِ الهَلَعِ المتجذرةِ في الشتاتِ فلَمْ يكنْ رقصُ النعامِ في مستنقعِ النكوصِ آخرَ رقصاتِ الانبطاح تحتَ سياطِ الجلادينَ كما لمْ تكنْ تلكَ الحفلةُ الماجنةُ آخرَ المواخير في قائمةِ العهر هؤلاءِ لا ينظرونَ بعينِ البصيرةِ لعقبى العرّابينَ ما عساهُمْ أنْ يقولوا إزاءَ هذا الخرقِ حتىٰ وإنْ لَمْ يكنْ أول الوهنِ قولوا إنّ الريحَ عاتيةٌ وأشجارنا خاويةٌ ، اعصبوها برأسِ الصواعق لأنّها تضربُ قممَ الجبالِ ، اتهموا أشجارَ التوتِ لأنّ أوراقَها قاصرةٌ عن سترِ سوآتكم المفضوحةِ أو ادّعوا أنّ الطبعَ يغلبُ التطبّعَ فجرّنا إلى مستنقعِ التطبيعِ ، لا يُلامُ البئرُ إنْ شَحّ ماؤهُ وقاربَ النضوب ولا يُلامُ البحرُ إنْ زادَ ملحُهُ وغطّى علىٰ الموجِ إنّما اللوم كلّ اللوم علىٰ ماءِ وجوهٍ موشومةٍ بدَرَناتِ الخزي رشحَ من جبينِ العارِ وبِيعَ بأبخس الأثمانِ فهلْ إلى خلاصِكُمْ من سبيلٍ !؟ هيّا تشبّثوا بأذيال شمسِ الأحرارِ قبلَ أنْ تحجبها عنكُمْ سنّةُ المطالع والمغيبِ ، توسّلوا بثمالةِ كأسِ حياءٍ أوشكَ علىٰ النضوحِ فلربّما تقتربُ سواقيكم القصيّةُ من دلوِ نجاةٍ يدنيكم قبلَ أنْ تهوي بكم الريحُ لقاعٍ سحيقٍ وتدقّ آخرَ مسمارٍ في نعوشكم المضمخةِ برمادِ الخَيبة .
كَامِل عبد الحُسين الكَعْبِي
العِراقُ _ بَغْدادُ