من لبنان بلد الحرية والكلمة الحرة ، من مدينة طرابلس الشمالية ، ذهبت الى تونس البلد الذي اسقط نظام الدكتاتورية ،وفتح ابواب الثورات العربية بواسطة سلاح اعلام التواصل الاجتماعي ،لتكون اليسار الجديدة في تونس الخضراء .تونس الزير سالم وقرطاجة اليسار،اليسار بنت مدينة صور اللبنانية التي اسست مملكتها في افريقيا لتكون بديلا عنوطنها لبنان الذي اخرجت منه ،تونس الثورة ضد الاحتلال الفرنسي ،بلد ابو القاسم الشابي التي شرعت ابوابها امام القادة الفلسطينين الخارجين من بيروت عام 1982 حين ضاق العالم بوجههم ،تونس بلد مفجر الثورة محمد البوعزيزي ،وملهم الثورات العربية الحديثة، تونس الشعب الحر الرافض لكل انواع الديكتاتوريات الجديدة في حوارنا هذا تحدثنا الاعلامية اللبنانية –التونسية روى قاسم .
حاورها من تونس د.خالد ممدوح العزي
–هل تعتبرين ان الحركات الإسلامية التي صعدت بعد ثورات ” الربيع العربي” اظهرت تبعية للغرب ، أكثر من الأحزاب الليبرالية؟
لا شك ان الحركات الإسلامية التي صعدت الى الحكم في خضم ثورات الربيع العربي، أظهرت تماهيا كبيرا مع سياسات الغرب وبالأخص الولايات المتحدة. فهي سعت الى اظهار نفسها كحركات اسلامية معتدلة، لاخذ رضى الادارة البيضاوية والغرب. ففي تونس مثلا يعتبر كثيرون ان حركة النهضة الحاكمة تتماهى في سياستها الخارجية مع سياسات قطر التي تنفذ من جهتها سياسات واشنطن. وفي مصر ايضا لم يؤد صعود الإخوان الى الحكم الى تغيير كبير على مستوى العلاقة مع العدو الإسرائيلي . بالعكس فالرسالة الحميمية التي ارسلها الرئيس المصري محمد مرسي الى نظيره الإسرائيلي بمناسبة تبادل السفراء بين البلدين تبدو أكثر دفئا من خطابات الرئيس المطاح به حسني مبارك والذي كان متهما بالعمالة للغرب واسرائيل.
ونلاحظ ان توسع النقمة الشعبية على حكم الإخوان لم يات بالصدفة بعد ان اكتشفت الشعوب العربية ان الخطاب الاسلاموي الشعبوي التي وصلت به هذه التيارات الى السلطة انما كان من اجل الفوز بالأصوات الانتخابية ولم ينفذ منه أي شيء على ارض الواقع.
– كيف ترين الفوضى التي يعيشها العالم العربي بعد الثورات العربية ؟
اعتقد ان ما تمر به المنطقة العربية بعد الثورات التي شهدتها هو ظرف طبيعي. لكن ما صعّب الأمور أكثر وجعلها تدخل مرحلة الانفلات الأمني في دول الربيع العربي أي تونس ومصر وليبيا، هو ربما وصول الحركات الإسلامية التي اثبتت قلة خبرة في الحكم بسبب تعرض قياداتها للسجن فترات طويلة . كما ان التيارات الاسلامية لم تتعود بعد على ثقافة التداول السلمي للسلطة.
بل بالعكس تسير على خطى الأنظمة الديكتاتورية السابقة لجهة تغولها في الحكم وتعيين ابنائها في مؤسسات الدولة على حساب مبدأ الكفاءة وهو ما أدى الى تراجع على مختلف المستويات الاقتصادية والتنموية والمعيشية والاجتماعية. بل وأكثر من ذلك باتت الأوضاع اصعب مما كانت عليه مع الأنظمة السابقة. لذلك يتحتم على الشعوب العربية اليوم الحالمة بالديمقراطية والاستقرار ان تنتظر الموسم الانتخابي المقبل عساه يأتي بنخب سياسية جديدة واعية بأهداف الثورة ومبادئها الحقة وكيفية تطبيقها على ارض الواقع.
–كيف تفسرين ما يقال في تونس اليوم بان قطر تحاول إعادة ترتيب المنطقة ضمن مصالحها ، بقيادة امريكية ؟
في البداية اندلعت الثورة في تونس بشكل عفوي بعد ان قام البوعزيزي بحرق نفسه احتجاجا على وضعه المعيشي. لكن أمريكا ارادت ان تركب على الثورات لكي تتلاءم مع مصالحها خاصة بعد خسارتها نظاما حليفا لها في تونس وهو نظام بن علي. فكان عليها ان تعوض الخسارة من خلال تثبيت حلفاء جدد لها لكن بوجه اسلامي يتلاءم مع طموحات شعوب المنطقة. وقطر هي الراعية لهذا التحالف بين الطرفين. وتجدر الاشارة ايضا الى ان بعض المسؤولين الحاكمين اليوم في تونس كانوا يعيشون فترة طويلة في المنفى القطري وبعضهم كان ضيفا يوميا على شاشة قناة “الجزيرة” القطرية . راشد الغنوشي نفسه زعيم حركة النهضة قد أعلن في اكثر من مناسبة عن امتنانه للجهود القطرية ولفتحها المجال للمعارضة التونسية إبان حكم بن علي. هذا يجعل ربما زعيم حركة النهضة يشعر بالامتنان الأبدي لحكام قطر لكن لا يعني ان تونس ايضا يجب ان تكون ممتنة لها. فالشعب التونسي يريد علاقات ودية وندية مع باقي الدول العربية ومن بينها قطر .
–كيف ترين مبادرة الرئيس المرزوقي للحوار الوطني؟
نحن اليوم نشهد الجولة الثانية للحوار بعد ان فشلت الجولة الأولى بسبب مقاطعة حركة النهضة وحزب المؤتمر لأشغاله. اليوم أحزاب الترويكا الحاكمة حاضرة في الجولة الثانية تحت رعاية اتحاد الشغل لكن نخشى من ان تصبح جولات الحوار شكلية وان تفضي الى توصيات تكون في الأقصى كتلك التي حصلت في الجولة الأولى .
–كيف تفسرين الانتهاكات الحالية، و”التضييق على الإعلام وعلى حرية التعبير ؟
للأسف ان حكام اليوم يمارسون نفس سلوك النظام البائد في تعاطيهم مع الإعلام . فمثلا على مستوى الاشهار العمومي نجد ان حركة النهضة الحاكمة تسمح بان تحتفظ به لمؤسساتها الإعلامية على غرار صحيفة “الفجر” التابعة لها في حين ان صحف معارضة أخرى على غرار صحيفة ” المغرب” تتعرض لسياسة شح المصادر من خلال منع الإشهار العمومي على صفحاتها . او من خلال تهديد المعلنين في القطاع الخاص بممارسة ضغوطات عليهم قد تكون بشكل رقابة ضريبية في حال قاموا بالإشهار في هذه الجريدة. اضافة الى ذلك فان قادة النهضة انفسهم غالبا ما يصفون إعلام اليوم بـ ” اعلام العار” ويعتبرون من لا يمدحهم بأنه عدو يهدد أهداف الثورة.
–سيدة روى هلا تخبرينا عن نفسك ؟
انا صحفية لبنانية الأصل وناشطة حقوقية وأقمت في تونس بعد زواجي منذ خمس سنوات ورئيسة قسم الشؤون العالمية والعربية في صحيفة “المغرب” التونسية المعارضة والتي كان يديرها الإعلامي والسياسي المعروف المعارض لبن علي عمرو صحابو. ونائبة رئيس المعهد العربي للديمقراطية. ولدي عديد الاسهامات في عديد الصحف العربية والتونسية. وأتابع حاليا دراسة الدكتوراة في العلوم السياسية ،اختصاص في شؤون الأقليات في العالم العربي.
حاورها من تونس دكتور خالد ممدوح العزي