لا تثقوا بالولايات المتحدة
:
(31) قائمة بمجرمي الحرب الإرهابيين من رؤساء ومسؤولي الولايات المتحدة
——————————————————————-
ترجمة وإعداد :
د. حسين سرمك حسن
بغداد المحروسة – 2015
(مجرمو الحرب من رؤساء ومسؤولي الولايات المتحدة الذين يجب تقديمهم للمحاكمة – دولة الإغتيالات الأولى في العالم – التكفير على الطريقة الأمريكية – كتيبات الإدارة الأمريكية التي تدرّب على الإغتيال رسميّاً – دولة الخطف الأولى في العالم – المسؤولون الأمريكيون كذّابون علنيون – الخطف عادة إرهابيّة قديمة لدى الأمريكان – دولة النهّابين – دولة الإرهاب الأولى تحتقر الرأي العام العالمي – واحتقار الرأي العام العراقي – الإرهاب الأمريكي وريث العنف النازي – مشتركات إرهابيّة أصولية (أمثلة): الأحادية والتصرّف المنفرد بشؤون العالم، الإيمان بالقوّة كعامل حاسم في التفاهمات الدولية، الإستخفاف بحياة البشر، استخدام العنف المُفرط – الحرب الإستباقية كأداة من أدوات إرهاب الدولة – الحرب الإستباقية تسحق ميثاق الأمم المتحدة – إعترافات :أولبرايت : كل رؤساء أمريكا يؤمنون بهذا المبدأ الإرهابي، كيسنجر : هذا المبدأ حق للولايات المتحدة فقط بين دول العالم – الحرب الأمريكية الإستباقية العدوانية : تدمير العراق أنموذجا – المجموعة الإرهابيّة النفطية في الولايات المتحدة : ليست حرباً استباقية فقط ، بل حرباً شاملة – الأقلية النفطية.. وكارلايل : هل كان 11 أيلول حادثاً إرهابياً “خارجيّاً” ؟ – مزيد من الشكوك في مصدر هجمات 11 أيلول: من يعرف ماذا سيحدث ومتى ؟ – هل تتعض أمريكا من الدروس ؟ – لو كنتُ رئيساً للولايات المتحدة – ملاحظة عن هذه الحلقات)
# مجرمو الحرب من رؤساء ومسؤولي الولايات المتحدة الذين يجب تقديمهم للمحاكمة :
————————————————————–
في 3 ديسمبر 1996 اصدرت وزارة العدل الامريكية قائمة من 16 مواطناً يابانيا يُحظر دخولهم الى الولايت المتحدة بسبب”جرائم حرب” ارتكبوها خلال الحرب العالمية الثانية. وكان البعض من بين الذين حُرموا من الدخول قد أدُعى بأنهم كانوا أعضاء في “الوحدة 731″ سيئة السمعة التي قالت وزارة العدل : إنها ” أجرت تجارب طبّية غير انسانية ومميتة في أحيان كثيرة على آلاف من الاسرى والمدنيين, بما في ذلك تشريح بشر أحياء. والغريب بقدر مذهل أنه بعد الحرب تم منح الجنرال “شيرو ايشي” وهو الرجل الذي كان مسؤولا عن برنامج “الوحدة 731″ – والتي شمل ضحايا اختباراتها جنوداً أمريكيين أسرى – الى جانب عدد من زملائه، الحصانة والحرية مقابل تزويد الولايات المتحدة بتفاصيل تجاربهم، ووُعدوا بعدم كشف جرائمهم للعالم مطلقا. وكان التبرير الذي قدمه العلماء والمسؤولون العسكريون الأمريكيون لهذه السياسة هو بالطبع”الأمن القومي” الذي ذهب مثلا وأصبح سلطانه مطلقا.
وإضافة الى نفاق وزارة العدل بأدراجها اعضاء الوحدة 731 في هذه القائمة، فأننا نواجه حقيقة أنه يمكن لأي عدد من البلدان أن يبرر إصدار قائمة من الأمريكيين المحرومين من الدخول إليها بسبب ارتكابهم “جرائم حرب” و “جرائم ضد الانسانية” أي “جرائم إرهابية”. وقد تشمل مثل هذه القوائم ما يلي:
# الرئيس ويليام كلينتون لقصفه بلا رحمة شعب يوغسلافيا طوال 78 يوما وليلة، مما أزهق أرواح عدة مئات من المدنيين، وأحدث واحدة من أكبر الكوارث الإيكولوجية في التاريخ، ولاستمراره في فرض العقوبات على شعب العراق وقصفه بالصواريخ، ولقصفه غير القانوني والمهلك للصومال والبوسنة والسودان وافغانستان.
# الجنرال ويسلي كلارك القائد الأعلى لقوات الحلفاء في أوروبا، لتوليه إدارة قصف يوغوسلافيا الذي قام به حلف الناتو بتعصب سادي تقريبا، “كان ينهض من مقعده ويخبط المائدة بيده ويقول: عليّ ان أحصل على أقصى حد من العنف من هذه الحملة الآن!”
# الرئيس جورج بوش لقتله مئات الآلاف من المدنيين العراقيين الأبرياء، بما فيهم عدة آلاف من الأطفال، نتيجة للقصف الذي أمر به وأستمر 40 يوماً، وفرض عقوبات شديدة القسوة عليهم، وقصفه “بنما” بدون وازع من ضمير، مما أدى لأنتشار الموت والتدمير والتشرد على نطاق واسع، دون سبب محدد يصمد في محاكمة عادلة.
# الجنرال كولين باول رئيس هيئة الأركان المشتركة، لدوره البارز في الهجوم على بنما والعراق، وشمل الهجوم على البلد الأخير تدمير مفاعلات نووية وكذلك مصانع لإنتاج العناصر الكيميائية والبيولوجية. وكانت تلك هي المرة الأولى على الأطلاق التي يتم فيها قصف مفاعلات حية، والمخاطرة بأرساء سابقة خطيرة. وكان قد مرّ بالكاد شهر منذ أن أصدرت الأمم المتحدة – التي كان من المفترض أن الولايات المتحدة تعمل تحت ولايتها – في العراق قراراً يؤكد مجددا: “حظر أي هجوم عسكري على مرافق نووية” في الشرق الأوسط. وفي أعقاب التدمير، أعلن باول في حبور بعد طول تفكير في الأمر: لقد انتهى المفاعلان العاملان كلاهما.. لقد سقطا.. لقد انتهيا. لقد تملكه الغرور والخيلاء فحسب تجاه أرواح الناس في العراق، ففي ردٍّ على سؤال يتعلق بعدد العراقيين الذين قُتلوا في الحرب، أجاب الجنرال الطيب القلب: “إنه حقا لا يمثل عدداً اهتم به بصورة كبيرة”.
وينبغي أيضاً مساءلته عن دوره في التغطية على جرائم الحرب في فيتنام التي ارتكبتها قوات نفس الفرقة التي ارتكبت مذبحة ماي لاي.
# الجنرال نورمان شوارتزكوف القائد الأعلى للفوات المسلحة (القيادة المركزية الأمريكية) على قيادته العسكرية للمجزرة العراقية، وعلى استمرار المجزرة لمدة يومين بعد وقف إطلاق النيران، والاستمرار فيها ضد العراقيين الذين كانوا يسعون للاستسلام.
# الرئيس روناد ريجان على ثماني سنوات من الموت والتدمير والتعذيب وسحق الأمل الذي أوقعه بشعوب السلفادور وجواتيمالا ونيكاراجوا وجرينادا من جراء سياساته، ولقصفه للبنان وليبيا وإيران، لقد نسى هو كل هذا، لكن العالم يجب ألّا ينساه!
# اليوت ابرامز مساعد وزير الخارجية في ظل ريجان، على إعادة كتابته للتاريخ، وتغيير ما حدث، وذلك بتقنين الكذب كسياسة عامة، ولم يكن في الإمكان الإستغناء عن دوره لخلع أفضل وجه ممكن على الفظائع التي كانت الكونترا ترتكبها يوميا، وكذلك على فظائع حلفاء واشنطن الآخرين في أمريكا الوسطى، وبذا شجّع على استمرار تقديم الدعم لهم. إنه من كبار المتسبّين في دوار العقول وتشوّشها على مر العصور الذين أخضعوا الحقائق للأيديولوجيا، فقد أعلن” عندما يُكتب التاريخ، سيصبح رجال الكونترا (منظمة إرهابية) أبطالا شعبيين”
# كاسبار واينبرجر وزير الدفاع لسبع سنوات في ظل ريجان، لمسؤوليته الرسمية والفعلية عن عديد من الجرائم التي ارتكبت بحق الانسانية من قبل الولايات المتحدة في أمريكا الوسطى والكاريبي, ولقصف ليبيا في 1986. وقد عفا جورج بوش عنه في قضية إيران – الكونترا، لكن ينبغي ألا يتم العفو عنه بالنسبة لجرائم الحرب.
# المقدم أوليفر نورث، الذي جمع بنجاح بين ثلاثة مناصب : عالم وحاصل على جائزة للسلام ومجرم حرب، مستشار الأمن القومي في ظل نيكسون وفورد، على أدواره الميكيافيلية اللاأخلاقية الفاسقة في تدخل الولايات المتحدة في أنجولا وشيلي وتيمور الشرقية والعراق وفيتنام وكمبوديا، مما تسبب في حالة رعب وبؤس لا توصف بالنسبة لشعوب هذه البلدان.
# الرئيس جيرالد فورد، لمنحه اندونيسيا الموافقة على استخدام الأسلحة الأمريكية لقمع شعب تيمور الشرقية بصورة وحشية، مما أطلق العنان لعملية إبادة أجناس استمرت ربع قرن وقضت على 200000 إنسان من تيمور (أي ربع السكان !) ..
# روبرت ماكنمارا، وزير الدفاع في ظل الرئيسين كنيدي وجونسون، وهو المهندس الأول وحامل المسئولية الرئيسي للمذبحة التي وقعت في الهند الصينية، من أيامها الأولى حتى عمليات التصعيد غير العادية، وللقمع العنيف للحركات الشعبية في بيرو.
# الجنرال وليام ويستمورلند رئيس أركان الجيش، لجرائم الحرب العديدة التي تمت تحت قيادته في فيتنام وفي عام 1971، استشهد تلفورد تايلور المدعى العام الأمريكي الرئيسي في محكمة نورمبرج التي عقدت عقب الحرب العالمية الثانية بقضية “ياماشيتا” كأساس لاتهام وستمورلند. ففي أعقاب الحرب قضت لجنة تابعة للجيش الامريكي بالإعدام على الجنرال الياباني “تومايوكو ياماشيتا” على الفظائع التي ارتكبتها قواته في الفلبين. فقد قررت اللجنة أن ياماشيتا – بأعتباره القائد الأعلى – كان مسؤولا عن وقف هذه الفظائع. وبالطبع يمكن إصدار الحكم نفسه على الجنرال باول والجنرال شوارتزكوف. وكان ياماشيتا قد قدّم في دفاعه أدلة كثيرة على أنه كان يفتقر الى وسائل الأتصال التي تمكنه من السيطرة على قواته على النحو الواجب، ومع ذلك فقد تم شنقه. وقد أوضح تايلور, أن ويستمورلند لم يواجه هذه المشكلة، في وجود طائرات الهليكوبتر والاتصالات الحديثة. (ويليام بلوم : الدولة المارقة).
# دولة الإغتيالات الأولى في العالم :
———————————-
(رأينا من تعريف الولايات المتحدة للإرهاب أنّ الشقين الأوليين منه ينطبقان علي سلوكها هي بصورة تامة : الإرهاب نشاط : (أ) ينطوي على فعل عنيف أو فعل يشكل خطرا على الحياة الإنسانية . (ب) يبدو المقصود منه : 1-تخويف أو إجبار السكان المدنيين 2-التأثير على سياسة حكومة بالترهيب أو الإجبار) . والآن سنرى كيف أن الشق الثالث ينطبق على سلوكها 100% أيضاً وهو : (3-التأثير في مسلك حكومة عن طريق الإغتيال أو الأختطاف)
في 26 يونيو ، ظهر الرئيس كلنتون أمام الشعب الأمريكي ليعلن أن الولايات المتحدة قد أطلقت عدة قذائف على العراق في ذلك اليوم ، وقد اتضح أن القذائف قتلت ثمانية أشخاص وجرحت عددا أكبر كثيرا ، وقال الرئيس أن الهجوم كان للإنتقام من مؤامرة عراقية لاغتيال الرئيس السابق جورج بوش الذي كانت زيارته متوقعة للكويت . (وبقيت المؤامرة المزعومة لا تزيد على صفتها هذه .. مؤامرة مزعومة ولم تُطرح أدلّة عليها) . وأعلن كلينتون أن الهجوم الأمريكي “كان ضرورياً لإرسال رسالة لأولئك المتورّطين في إرهاب الدولة ولتأكيد توقع السلوك المتحضّر بين الأمم) .
ولكن الولايات المتحدة هي أكثر دولة تقوم بالإغتيالات في العالم في التاريخ المعاصر كجزء من إرهاب الدولة الذي تمارسه ، فمن عام 1949 حتى عام 1999 قامت بما يقارب الأربعين عملية اغتيال بدأت باغتيال الزعيم المعارض الكوري “كيم كو ” عام 1949 ، ومروراً بشو اين لاي ، وسوكارنو ، ومصدّق ، وعبد الناصر ، ولومومبا ، وكاسترو ، وجيفارا ، وديغول ، وعمر توريخوس .. وليس انتهاء بمحاولات اغتيال المناضل الشجاع الراحل “هوغو شافيز”.
وفي عام 1975 كشف القائد اللواء توماس ناروت عالم النفس بالبحرية الأمريكية أن عمله في البحرية تضمن كيفية إقناع الجنود الذين لا ينزعون بصورة طبيعية للقتل ، بأن يفعلوا ذلك في ظل ظروف معينة ، واشار إلى هؤلاء الرجال باستخدام كلمات : “الرجال الذين يلحقون الإصابات المهلكة” و “القتلة” ، وأضاف ناروت أن القتلة المحكوم عليهم بالسجن يُطلق سراحهم من السجون العسكرية ليصبحوا قتلة ، ويتراوح تدريب المجندين المختارين بعناية من تجريد العدو من صفاته الإنسانية ، وأقلمتهم عاطفيا من خلال أفلام خاصة تُبيّن أشخاصا يجري قتلهم وإصابتهم بطرق عنيفة) .
التكفير على الطريقة الأمريكية :
(لقد صُدم العالم الغربي عندما حكمت إيران على المؤلف سلمان رشدي بالموت بسبب كتاب وضعه “بالكفر” ، ولكن الولايات المتحدة أيضا تحكم بالموت على من تعتبرهم “كفاراً” مثل كاسترو وألندي وسوكارنو وغيرهم ممن سبق ذكرهم الذين لا يؤمنون بالأهداف المقدسة للسياسة الخارجية الأمريكية .
في 10 أبريل 1985 ألغى “كارتر” “الترخيص بالقتل” (الإغتيال) لأنه في الشهر السابق لذلك كانت وكالة المخابرات المركزية قد دفعت أموالا لبعض الأشخاص في بيروت لقتل الشيخ فضل الله ، الذي لم تكن واشنطن تحبه ، وقد استخدمت سيّارة مفخخة بالقنابل وتم قتل 80 شخصا ، ولم يكن الشيخ ضمن هذا العدد.
وفي 11 أغسطس 1985 أعيد الترخيص بالقتل (االإغتيال) بسبب اختطاف طائرة تي دبليو إيه في يونيو .
في 13 أكتوبر 1989 أضاف بوش التواء رئاسيا جديدا فقد أصدر مذكرة قانونية يسمح فيها بالقتل “العارض” إذا كان نتاجا ثانويا لعمل قانوني . إن قرارا يصدره الرئيس باستخدام القوة العسكرية الصريحة لن يشكل اغتيالا إذا استُخدمت قوات الولايات المتحدة ضد قوات بلد آخر .. بعبارة أخرى إن الإغتيال سيكون مباحاً إذا قلنا : يا للّا !) (المصدر السابق نفسه).
# كتيبات الإدارة الأمريكية التي تدرّب على الإغتيال رسميّاً :
من كتيب لوكالة المخابرات المركزية في مطلع الخمسينات :
“بالنسبة إلى الاغتيالات السرّية يُعتبر الحادث المُدبّر التقنية الأكثر فعالية .. مثل السقوط من 75 قدما أو أكثر على سطح صلب كما في مهاوي المصاعد وآبار السلالم والجسور .. ويمكن أن تكون المخدرات فعّالة للغاية ، فلو تم تدريب القاتل كطبيب أو ممرض فإن جرعة زائدة من المورفين كمُسكّن ستسبب الموت دون إزعاج ويصعب اكتشافها … واستخدام الأسلحة الحادّة يتطلب معرفة بالتشريح فالجروح الناجمة عن إحداث ثقب في الجسم لا يمكن التعويل عليها إلا بالوصول للقلب ..
ومن كتيب للوكالة عام 1963 :
تقينات القسر الأساسية : الاعتقال ، الاحتجاز ، الحرمان من المنبهات الحسية ، التهديد والتخويف ، إنهاك القوى ، الألم … إلخ.
ومن كتيب عام 1983 :
يتم إحضار الشخص المُستهدف وهو معصوب العينين ومقيد اليدين ، طوال العملية ، ويُجرد من ملابسه وتفحص جميع تجاويف الجسد .. يستأذن لقضاء حاجته ، يظل الحارس إلى جواره طوال وقت بقائه في المرحاض ..
كتيب 1984 :
خطف كل المسؤولين التابعين للحكومة … وقائمة اغتيالات تبدأ بقضاة المحاكم وتنتهي بأعداد مختلفة تُعد ترخيصا ضخما بالإغتيال.. استئجار مجرمين محترفين للقيام بمهمات محددة ومختارة .. يُعهد إلى آخرين بمهام محددة بهدف إيجاد “شهيد للقضية ” ..
أما مدرسة الأمريكيتين الرسمية سيّئة الصيت فقد درّبت عشرات الألوف من عسكريي أمريكا اللاتينية خصوصا على تقنيات الإغتيال والخطف والتعذيب وفق كرّاسات رسمية نُشرت على الجمهور بعد احتجاجات ومطالب واسعة بالتحقيق في نشاطاتها .
# دولة الخطف الأولى في العالم :
——————————-
ترى آيمي جودمان “إن الولايات المتحدة أمّة خارقة للقانون” ، وهذا هو عنوان الفصل الثالث من كتابها “الإعتراض على الحكّام” ، فكل المفاهيم الإنسانية القانونية التي تؤمن بها الأمم الغربية منذ زمن بعيد ، يتم بشكل سرّي خرقها بشكل روتيني من قبل الولايات المتحدة . لقد كانت الولايات المتحدة متورّطة في أعمال التعذيب منذ عقود. وقد أصبح القتل أداة ضرورية في السياسة الخارجية ، يضغط نائب الرئيس شخصيا على مجلس الشيوخ من أجل جعل التعذيب أمراً قانونياً ، بينما يقرّر وزير الدفاع أن بعض وسائل التعذيب الخاص بالقرون الوسطى مقبول (الإغراق والتجميد مقبولان ، نزع الأحشاء مرفوض) . تعذيب الأعداء المُفترضين بشكل سري ليس بالأمر الجديد على الولايات المتحدة ، لكن الاعتراف بوجوده بشكل صريح – بل بزهو – أمر ليس له سابق . الأشخاص صاروا – مثلاً – ضحايا ما تطلق عليه الحكومة الأمريكية “التسليم الاستثنائي” بإرسال المشتبه فيهم إلى بلدان أجنبية ليتم استجوابهم بقسوة . بدأ البرنامج مع إدارة بيل كلنتون عندما أخذت وكالة المخابرات الأمريكية على عاتقها سلسلة من عمليات خطف من تصفهم بـ “الإرهابيين” المشتبه فيهم في أوروبا . يُرحّل المشتبه فيهم إلى مصر حيث يتم تعذيب البعض وقتل البعض الآخر على يد الأمريكيين. وقعت إحدى أكثر العمليات إثارة للدهشة في ربيع العام 1998 في ألبانيا . وتبعا للـ “وول ستريت جورنال” خطفت السي آي إيه “جهاديا” يدعى شوقي سلامة. بعدها تم خطف أربعة جهاديين مشتبه فيهم ، وقُتل مشتبه آخر ، نقل الرجال إلى القاهرة معصوبي العيون وسُلّموا للاستخبارات المصرية للتعذيب ..
لقد كان برنامج التسليم برنامجا استثنائيا ، ليس فقط من أجل جرأته التي تهزأ بالقانون الدولي ، لكن لعدد الأرواح – الأمريكية بصورة أساسية – التي ضاعت نتيجة له . في الخامس من آب 1988 تعهدت الجبهة الإسلامية بالثأر من عملية ألبانيا .. وبعد يومين تم نسف السفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا ، وقتل 224 شخصا .
ومنذ 11 أيلول 2001 أخذ برنامج التسليم الاستثنائي شكل التجمع العالمي حيث تم خطف المشتبه فيهم من جميع أنحاء العالم وُوضعوا في أماكن مثل خليج غوانتنامو (أرض كوبية تحتلها أمريكا) وباغرام في أفغانستان، ويحتوي هذان السجنان على 1000 شخص لم توجّه للعديد منهم أي تُهم وحُرموا من حماية القانون. والكارثة أن هؤلاء الأشخاص الذين يُختطفون يُسلمون إلى دول ذات سجل أسود في مجال حقوق الإنسان.
في شباط 2003 تم خطف رجل مصري اسمه “حسان مصطفى” وعندما حققت الشرطة الإيطالية ظهر أن الخاطفين هم وحدة من 19 فردا من عملاء في وكالة المخابرات الأمريكية ، كانوا يعيشون في فنادق إيطالية كالملوك (400 دولار لليلة و500 دولار للطعام). سُلّم المُختطف إلى مصر ، والمصيبة المقرفة أن المدمن السافل بوش قال للصحفيين إن الولايات المتحدة لا تسلم المُختطَفين إلى دول تستخدم التعذيب ، وبعد أيام تحدّث في مؤتمر صحفي آخر عن تقرير حقوق الإنسان المروّع عن التعذيب في مصر . أخبر رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف صحيفة “شيكاغو تريبيون” أن وكالة المخابرات المركزية سلّمت المصريين 60 – 70 مشتبها فيهم بالإرهاب اعتقلتهم من جميع أنحاء العالم .
في 2004 اعتُقل خالد المصري – مواطن ألماني – ونُقل إلى مصر للتعذيب .. وبعد معاناة عدّة أشهر ألقوا به على حافة طريق صحراوي في ألبانيا .. وأكدت وكالة المخابرات أن الاعتقال كان خطأ .
اعتقلت السي آي إيه 3000 مواطن لا أحد يعلم كم عدد الأبرياء منهم . 180 معتقلا أطلق سراحهم من غوانتنامو دون أي تهم بعد اعتقال غير مشروع وتعذيب وسوء معاملة . (إيمي غودمان: تعتيم).
المسؤولون الأمريكيون كذّابون علنيون :
—————————————
صرّحت كوندوليزا رايس في كانون الأول 2005 “الولايات المتحدة لا تنقل ولم تنقل المعتقلين من بلد إلى آخر للاستجواب باستخدام التعذيب” .
وهناك السجون السرية ومنها مجمع من الحقبة السوفياتية في أوروبا الشرقية (بولندا ورومانيا) استخدمته وكالة المخابرات ، وآخر في تايلاند وأخرى في باكستان والأردن والمغرب ومصر .. وحتى في السفن الأمريكية التي يُعتقل فيها 7000 سجين (سنرى ذلك في حلقة مستقلة) لم يُحاكم أحد منهم بعد ، والعديد منهم يتلقى التعذيب ويتحملون أعواما من الاعتقال والاستجواب .
لكن هل عمليات الاختطاف هذه جديدة ولا سند سلوكيّاً لها في تاريخ الولايات المتحدة القريب ؟ (المصدر السابق نفسه)
# الخطف عادة إرهابيّة قديمة لدى الأمريكان :
——————————————-
في 1962 اختطفت الولايات المتحدة 125 شخصا من الدومنيكان ونقلتهم إلى أراضيها وأماكن أخرى . في 1988 خُطف تاجر مخدرات من هندوراس ليحاكم في الولايات المتحدة بخلاف القانون الهندوراسي ، في 1989 خطفت الولايات المتحدة نورييغا من بنما وشحنته إلى فلوريدا .. 1990 خطفت الدكتور هومبرتو ألفاريز من المكسيك .. 1992 تم تخدير رجل أعمال قبرصي “حسين الخاني” وخطفه إلى ميامي لخرقه الحصار على ليبيا .. في 1992 أعلنت المحكمة العليا الأمريكية التي تنظر في قضية ألفاريز أنه “وإن كان اختطاف المواطنين الأجانب في بلادهم “يسبّب صدمة ” لانتهاكه المبادىء الأساسية للقانون الدولي ، فإنه أسلوب مقبول لإحضارهم لمواجهة الاتهامات في محكمة أمريكية لانتهاكهم القانون الأمريكي” .. ولا يمكن أن يصدر مثل هذا القرار إلا من قاضٍ سافل . (الدولة المارقة).
# دولة النهّابين :
—————-
يرتبط بالخطف مبدأ النهب .. في أوروبا بعد الحرب الثانية نهبت الولايات المتحدة الكثير من الثروات .. في 1949 نقلت الولايات المتحدة 1181 لوحة من هنغاريا إلى النمسا ورفضت إعادتها إلى البلد الأصلي كما تقر المواثيق الدولية .. في غواتيمالا بعد انقلاب 1954 صادرت الولايات المتحدة كمية ضخمة من الوثائق لم تعدها حتى الآن . في جرينادا 1983 استولت على ملفات الحكومة وبدأت بنشرها في الصحافة .. ثم اعترف مدير وكالة المخابرات أن الوثائق لم تكن “لقية حقيقية” .. في بنما 1989 صادرت الولايات المتحدة آلاف الصناديق من وثائق الحكومة ورفضت اعادتها ونقلت 52 الأف قطعة سلاح وحاملات أفراد مدرعة ومنصات إطلاق صواريخ بلا تعويض ولم تعدها .. في ألمانيا 1990 بعد انهيار الحكومة استولت على أرشيف وكالة المخابرات السرية في البلاد (الستازي) ورفضت إعادتها ، ورفض كلنتون حتى مناقشة الموضوع مع المستشار الألماني شرويدر .. تخشى الولايات المتحدة كشف أسماء عملائها الذين كانوا يتجسسون على ألمانيا لصالحها ولابتزاز المواطنين الألمان الذين لديها معلومات سرية عنهم في هذه الملفات .. في العراق 1991 نقلت 19 طناً من وثائق الحكومة وهي محفوظة الآن في جامعة كولورادو .. في هاييتي 1994 عندما عاد إلى السلطة الرئيس المُنتخب “أرستيد” الذي خلعته بانقلاب عسكري سابق ، استولت على 160 ألف وثيقة وأشرطة فيديو (بعضها عن جلسات التعذيب) و “صور تذكارية ” للضحايا الذين بُترت أطرافهم ، والتي كانت مملوكة لمنظمات عسكرية وشبه عسكرية ورفضت إعادتها بسبب تورّط المخابرات المركزية مع فرق الموت هناك . ومنذ عام 1995 وهاييتي تطالب بإعادة الوثائق دون نتيجة . وطوال سنوات كثيرة حاولت هاييتي ومناصروها في لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة وفي الجمعية العامة الاقتراع على قرار يدعو الولايات المتحدة إلى إعادة الوثائق ، لكن الوفد الأمريكي استطاع أن يناور بالإجراءات لمنع هذا الاقتراع .(الدولة المارقة).
# دولة الإرهاب الأولى تحتقر الرأي العام العالمي :
————————————————
بخلاف ما تدّعيه الولايات المتحدة الأمريكية من أنّ أحد أهم أسس سياستها الخارجية هو احترام الراي العام كمؤشر ديمقراطي ، فإنها لا تحترم أي رأي عام يعارض أهدافها ويعرقل مصالحها حتى لو كلّف ذلك الملايين من الضحايا . لقد استُقبل “برلسكوني” رئيس وزراء إيطاليا – ربيب المافيا وراعي الحفلات الجنسية ومضاجع القاصرات – في البيت الأبيض لأنه ساند الحرب على العراق على الرغم من أن 80% من الشعب الإيطالي ضد الحرب على العراق حسب استطلاعات الرأي المُعلنة هناك ، و “إزنار” رئيس وزراء إسبانيا ربيب المخابرات ، دعاه بوش لاجتماع مع بلير في قمة جزر الآزور حيث أعلن عن غزو العراق واستطلاعات الرأي بيّنت أن 2% فقط من الشعب الإسباني يؤيدون توجهه ضد العراق . 95% من المواطنين الأتراك كانوا ضد الحرب ، ورفضت الحكومة التركية أوامر واشنطن بالسماح للجيش الأمريكي بفتح جبهة من تركيا إلى داخل العراق ، فكان أن تعرضت تركيا للشجب المرير في الصحافة الأمريكية القومية لافتقارها إلى “الشرعية الديمقراطية” ، وأعلن كولن باول عن اتخاذ عقوبات صارمة بحق تركيا على هذا الزيغ عن الصراط المستقيم . واتخذ بول وولفويتز الموقف الأكثر تشدّداً ؛ فوبّخ بقسوة – وعلناً – المؤسسة العسكرية التركية لعدم إجبارها الحكومة على الإنصياع لأوامر واشنطن ، وطالب القادة العسكريين بالإعتذار والقول علنا : “إننا أخطأنا ” ، في نقض فعلي لإجماع الرأي العام .
لقد أظهرت دراسات “البرنامج حول المواقف من السياسة الدولية” أنه بحلول نيسان 2004 – أي بعد مدة قليلة من غزالعراق – كان 70% من الأمريكيين يرون أن الأمم المتحدة هي التي يجب أن تتصدر الصفوف لوضع دستور للعراق وبناء حكم ديمقراطي ، لكن الولايات المتحدة داست هذا الرأي الإجماعي . وفي آذار 2003 صوّت الناخبون الإسبان ضد الحكومة التي أخذت بلادهم إلى الحرب على العراق، ولم تأبه الإدارة الأمريكية لهذا التحوّل . (تشومسكي : الدولة الفاشلة ، النظام العالمي الجديد).
واحتقار الرأي العام العراقي :
————————–
أظهرت استطلاعات الرأي التي أجرتها مؤسسات أمريكية مختصّة أن 81% من العراقيين بعد سنة من الغزو الأمريكي يرفضون الإحتلال .أظهرت مؤسسة زغبي الدولية أن 82% من السُنّة ، و80% من الشيعة يطلبون انسحاب القوات الأمريكية . ومؤسسة أوكسفورد ريسرتش إنترناشونال في خريف 2003 أظهرت أن 79% من العراقيين لا يثقون بالقوات الأميركية البريطانية ، و73% لا يثقون بسلطة التحالف ، بينما قال 8% أن لديهم ثقة بها . في عام 2004 ، أظهرت الإستطلاعات أن 80% يريدون رحيل القوات الأميركية. في ربيع 2004 ، صار 90% لا يريدون الولايات المتحدة ولا قوّاتها ، وبحسب ستيفن كول المرجعية البارزة في استطلاعات الرأي ، فإن المعهد الجمهوري الدولي (ومسؤوله الإرهابي جون ماكين فياله من “جمهوري” !) أخذ يحتبس لديه بيانات استطلاع الرأي الآتية من العراق التي تُظهر أن النتائج تزداد سلبية إزاء الوجود الأمريكي . لكن استطلاعا للرأي في غاية الأهمية أجري لصالح وزارة الدفاع البريطانية في شهر آب 2005 تسرّب إلى الصحافة البريطانية بيّن أن 82% يعارضون بقوة وجود قوات التحالف ، وأقل من 1% يعتقدون أنها مسؤولة عن أي تحسّن في الوضع الأمني ، وأن أكثر من 70% لا يثقون فيها ، و 67% يشعرون بأمان أقل بسبب الإحتلال . معهد بروكنز في تشرين الثاني 2005 ، أعلن أن 80% من العراقيين يريدون انسحابا قريبا للجنود الأميركيين . وفي استفتاء أجرته جامعة ميريلاند في كانون الأول / يناير 2006 ، قال نصف العراقيين – بمن فيهم تسعة من كل عشرة من السنّة – إنهم يؤيّدون هجمات المقاومة العراقية ضد القوات التي تقودها الولايات المتحدة . ويعتقد ثمانون في المئة من العراقيين أن الولايات المتحدة تخطط لإقامة قواعد دائمة في العراق ، بينما تدعم نسبة سبعين في المئة جدول الانسحاب الزمني للقوات الأمريكية . كما يؤمن ثلث العراقيين بأن الأمن والخدمات الاجتماعية المتوافرة ستتحسن إن غادرت القوات الأمريكية في غضون ستة أشهر . وما هي النتيجة ؟
لم تحترم الولايات المتحدة أيّاً من نتائج استطلاعات الرأي العام العراقي ! وداستها بأقدامها الديمقراطية المُسلّحة . (حكام العالم الجدد) .
# الإرهاب الأمريكي وريث العنف النازي :
—————————————–
في الفلوجة تمّ حبس الرجال في داخل المدينة ، وكانت خطوة الهجوم الأولى هي الإستيلاء على المستشفى العام في الفلوجة . وهناك صورة لأشخاص مُمدّدين على الأرض يحرسهم جنود ، ثم يطالعك الخبر الذي يروي أخذ المرضى من أَسرّتهم ، والأطباء ، وأُجبروا على الإستلقاء على الأرض ، وقُيّدوا تحت الحراسة . هذا نشرته نيويورك تايمز الديمقراطية بفخر على الصفحة الأولى . وهذا التصرف وحده وحسب اتفاقيات جنيف يُخضِع رئيس الولايات المتحدة لعقوبة الإعدام حيث تقول بوضوح ودون لبس أن المستشفيات يجب أن تظل محمية من قبل كل الأطراف المتحاربة . لا يمكنك أن تجد انتهاكا أفظع من ذلك لاتفاقيات جنيف . وهناك قانون حول جرائم الحرب مرّره الكونغرس عام 1996 يقول إن الإنتهاكات الخطيرة لاتفاقيات جنيف تخضع لعقوبة الإعدام ، ولا يعني ذلك الجندي الذي نفّذ الجريمة بل القادة . في طوكيو حاكموا القادة على أخطاء الجنود في الحرب الثانية . فسّرت النيويورك تايمز الجريمة بأن القائد الأمريكي وصف المستشفى العام في الفلوجة كمنفذ دعائي لمقاتلي العصابات لأنهم كانوا يذيعون خسائر الوفيات . يعلّق تشومسكي على ذلك : “لا أعرف إن كان النازيون قاموا بهذا الفعل . أُعدم الجنرال ياماشيتا وألف آخرين عقابا على جرائمهم في المحيط الهادي.. وفي محاكم نورمبرغ شنقوا رئيس وزراء اليابان ووزير خارجية ألمانيا .. وهنا يضربون الجنود على أيديهم” . (تشومسكي: الدولة الفاشلة ، الهيمنة أم البقاء) .
# مشتركات إرهابيّة أصولية (أمثلة) :
————————————-
الولايات المتحدة تحمل الكثير من السمات الإرهابية الأصولية التي تتهم بها الإرهابيين الأصوليين كما تصنّفهم ومنها :
1-الأحادية والتصرّف المنفرد بشؤون العالم :
نشرت “الواشنطن بوست” مقالاً عنوانه : “الأحادية هي مفتاح نجاحنا” تصف فيها العالم خلال الخمسين عاما المقبلة جاء فيه : (سيكون عالما لا تتوافر فيه الحماية من الهجوم النووي أو التدمير البيئي لمواطني أي قطر فيه باستثناء الولايات المتحدة ، عالم لا تُغني فيه الديمقراطية شيئا إذا ما كانت فوائدها على تناقض مع المصالح الأميركية ، عالم يكون التعبير فيه عن توجّه مناهض لهذه المصالح وصمة تسم الشخص بأنه إرهابي وتبرّر فرض الرقابة وممارسة القهر وارتكاب القتل) .
وهذه المعتقدات لا تختلف عن التي يعتنقها أسامة بن لادن أو أي إرهابي آخر كما يصفه الأمريكان ، والتي يجري تنفيذها من جانب قلة من الرجال من دون تفويض من أحد .
2-الإيمان بالقوّة كعامل حاسم في التفاهمات الدولية :
برر جورج شولتز تعنّته في المفاوضات من أجل حلّ مشكلة نيكاراغوا وإيمانه بضرورة استمرار القصف وتدمير تلك الدولة بالقول إن: (المفاوضات هي نوع من التعبير اللطيف عن الاستسلام إذا لم يُلقَ ظل القوة على طاولة المساومة) ، وشجب أولئك الذين يؤيدون “الوسائل القانونية الطوبائية مثل التوسط الخارجي والأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية بينما يتجاهلون عنصر القوة في المعادلة” .
3-الإستخفاف بحياة البشر :
يستخف الإرهابي بحياة البشر ، ولا يهمه أن يقتل الآلاف من المدنيين المساكين لتدمير هدف سياسي أو تحقيقه . سُئلت “مادلين أولبرايت” على التلفزيون القومي (برنامج 60 دقيقة) في 12/مايس/ 1996 عن الثمن الذي يستحقه مقتل نصف مليون طفل عراقي خلال خمس سنوات من الحصار ، فأجابت : “نعتقد أن الثمن يستحق ذلك ، وتبقى التقديرات الحالية متمحورة حول أن خمسة آلاف طفل عراقي يموتون شهريا ، والثمن لا يزال يستحق ذلك” .
4-استخدام العنف المُفرط :
تستخدم الولايات المتحدة – حالها حال الإرهابيين الأصوليين – العنف المُفرط والقوّة القصوى وتبرّر ذلك بأهداف متعالية مثل الأوامر الإلهية (حتى بوش المدمن أبو العرق يقول خاطبني الله وكلّفني بالهجوم على العراق !) أوالرسالة أو الشعب المُختار … إلخ .
وكمثال على ذلك : “القصف الناري لمدينة طوكيو الذي قتل من ثمانين ألفا إلى مائتي ألف مدني . ترك هذا القصف أكثر من نصف مليون إنسان في حال التشرد . كان الهدف إشعال عاصفة نارية هائلة في المدينة كون منازلها مصنوعة من الخشب .. أزال هذا القصف الناري طوكيو من أهداف القصف النووي .. واستنتج مركز مسح القصف الإستراتيجي الأمريكي أن “كثيرا من الناس فقدوا حياتهم في طوكيو بسبب النار في فترة ست ساعات أكثر مما حدث في أي وقت في تاريخ البشرية” . وفي الذكرى الخمسين لهذا القصف لم تُذكر كلمة في صحافة الولايات المتحدة عدا تعليق في الواشنطن بوست يقول : “إذا كان هذا ما حدث من أجل النصر ، فهذا ما ينبغي فعله” .
ومثل ذلك يُقال عن قصف “درسدن” المُرعب والمثيل الأقرب إلى قصف طوكيو حيث قُتل عشرات الآلاف من سكانها ودُمّرت منجزات الحضارة الغربية ، ومرت ذكراها الخمسون أيضاً مثل ما مرت ذكرى قصف طوكيو المريرة. (وسنعالج هذا الموضوع في حلقة مستقلة نتناول فيها الإبادة). (تشومسكي : الغزو مستمر).
# الحرب الإستباقية كأداة من أدوات إرهاب الدولة :
————————————————
” إن أمريكا منذ 1947 كانت هي المرتكب الأكبر لإرهاب الدولة “الإستباقي” وعدد لا يُحصى من “الأعمال المارقة” الأخرى موقعة ضررا جسيما ودائما باسم الديمقراطية والحرية والعدالة” .
المؤرخ آرنو ماير
في أعقاب 11 ايلول مباشرة
# يقول تشومسكي : “من المبتكرات الهامة التي أدخلتها الولايات المتحدة في مجال إرهاب الدولة هو ما أسمته بـ ” الحرب الاستباقية على الإرهاب ” مثل الحرب ضد نيكاراغوا التي أُدينت الولايات المتحدة بالإرهاب بسببها من قبل المحكمة الدولية كما بيّنا سابقا . ولكن المشكلة الكبرى تتعلق بكيف تحدد الولايات المتحدة مفهوم هذه الحرب الاستباقية ومن هم أهدافها ؟” .
لنأخذ الشرق الأوسط مثلا ولنراجع أشرس أعمال الإرهاب التي جرت هناك : أولا كان هناك الغزو “الإسرائيلي” للبنان في العام 1982 الذي أدّى إلى مقتل عشرين ألف شخص . تمت المذبحة بالضوء الأخضر الأمريكي ، وبالسلاح الأمريكي ، والدعم السياسي الأمريكي باستخدام الفيتو ضد العديد من قرارات مجلس الأمن التي دعت إلى وقف القتال وانسحاب القوات الغازية .
# الحرب الإستباقية تسحق ميثاق الأمم المتحدة :
———————————————
الحرب الإستباقية الأمريكية تعني انتهاك المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة التي تقول :
(ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء “الأمم المتحدة” وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي، والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالاً لحق الدفاع عن النفس تُبلّغ إلى المجلس فورا، ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال فيما للمجلس – بمقتضى سلطته ومسؤولياته المستمرة من أحكام هذا الميثاق – من الحق في أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه).
وقد بدأت هذا الإنتهاك – وكالعادة – الولايات المتحدة بصورة مبكرة ، ففي عام 1954 قضت مواثيق جنيف بحل سلمي لمعضلة الهند الصينية وافقت في ضوئه فرنسا على الإنسحاب من فيتنام والبدء بانتخابات ديمقراطية ، لكن واشنطن عدت الأمر كارثة ، وغادر وزير الخارجية الأمريكي “جون فوستر دالاس” الإجتماع غاضباً دون احترام لكل الأطراف الدولية المجتمعة ، وتحرّكت الولايات المتحدة على الفور لتقويضها . وشرع مجلس الأمن الدولي بشكل سري بصياغة قرار يقضي أنه حتى في حالة “تخريب شيوعي محلّي أو تمرّد لا يشكل هجوما مسلّحا” ستُفكّر الولايات المتحدة باستخدام القوة العسكرية ويتضمن ذلك هجوما على الصين إذا “تم تحديد أنها المصدر” لهذا “التخريب” !! . وحينما قصفت الولايات المتحدة المدن الليبية في 1986 كان التبرير الرسمي هو “الدفاع عن النفس ضد هجوم مستقبلي” . ومدحت النيويورك تايمز الإدارة “لاعتمادها على حجة قانونية تقول : إن العنف في هذه الحالة مُبرّر كفعل للدفاع عن النفس” !! وهذا التأويل “الخلّاق” للمادة 51 سيُربك حتى طلبة الثانوية . ودافع السفير الأمريكي عن غزو بنما من خلال المادة 51 “تقضي باستخدام القوة المسلحة للدفاع عن بلدنا وللدفاع عن مصالحنا وشعبنا” وتخوّل الولايات المتحدة أن تغزو بنما كي تمنع استخدام أراضيها كقاعدة لتهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة .
وفي حزيران أمر كلنتون بهجوم صاروخي على العراق وقتل المدنيين – استباقياً – واحتكمت أولبرايت إلى المادة 51 ، وقالت : “إن القصف كان دفاعا عن النفس ضد هجوم مسلح وشيك” . وقالت الواشنطن بوست بأن “الظروف تلائم بوضوح المادة 51 ومن واجب أي رئيس أن يستخدم القوة العسكرية كي يحمي مصالح الأمة . أمّأ الكريستيان ساينز مونيتر – المجلة الديمقراطية الرصينة – فقد قالت : “المادة 51 تسمح للدول أن ترد عسكريا إذا هددتها قوة معادية” . أمّا وزير الخارجية البريطاني دوغلاس هيرد فقد أعلن : “المادة 51 تخوّل دولة باستخدام القوة للدفاع عن مواطنيها” داعما دعوة كلنتون إلى ممارسة مُبرّرة ومتناسبة لحق الدفاع عن النفس ، وسيكون هناك حالة خطيرة من الشلل في العالم إذا تطلب الأمر من الولايات المتحدة الحصول على موافقة الأمم المتحدة قبل إطلاق الصواريخ على عدوٍّ من المحتمل أنه قام – أو لم يقُمْ – بمحاولة قتل فاشلة لرئيس سابق قبل شهرين” (المقصود طبعاً هو اتهام العراق باغتيال بوش في عمليّة ظهر أنها مُفبركة) . (تشومسكي : الدولة الفاشلة ، الهيمنة أم البقاء ، النظام العالمي الججديد).
# إعترافات :أولبرايت : كل رؤساء أمريكا يؤمنون بهذا المبدأ الإرهابي
كيسنجر : هذا المبدأ حق للولايات المتحدة فقط بين دول العالم
———————————————————-
حق الولايات المتحدة في اتخاذ اجراءات عسكرية هجومية استباقية ضد البلدان التي تعتبر أنها تشكل تهديدا أمنيا لـ “الأمن القومي” للولايات المتحدة، هو مبدأ يؤمن به كل رؤساء الولايات المتحدة . جاء هذا في اعتراف صريح أدلت به “مادلين أولبرايت” وزيرة خارجية كلنتون : “إن كل رئيس في الولايات المتحدة كان لديه هذا المذهب لكن لم يعلن عنه.. الدفاع الإستباقي عن النفس أداة يحتفظ بها كل رئيس بهدوء كاحتياط لديه . أنت تحتفظ بها في جيبك الخلفي وتستخدمها عندما تريد” .
ولعل التعليق الأكثر إثارة هو تعليق السفّاح “هنري كيسنجر” على الحرب الإستباقية حين قال : “هذا المذهب الثوري في الشؤون الدولية لن يمزق ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي إربا إربا فحسب ، وإنما أيضا منظومة وستفاليا للنظام الدولي التي وُضعت في القرن السابع عشر . وأضاف شرطا هو : “يجب علينا جميعا أن ندرك أن هذا المذهب لا يمكن أن يكون “مبدأ عاما مُتاحا لكل دولة” ؛ هذا المذهب لنا وليس لأحد آخر . سنستخدم القوة متى شئنا ضد كل من نعتبره تهديدا مُحتملاً ، وربما فوّضنا هذا الحق إلى دول تابعة ، لكن ليس للآخرين” .
# الحرب الأمريكية الإستباقية العدوانية : تدمير العراق أنموذجا :
————————————————————–
لقد كان السؤال الأساسي الذي طُرح على المحكّمين يتعلق بكيفية الحكم على أن هذه الحرب الإستباقية غير عادلة. وفي الاجابة على ذلك قال المحكمون إن القانون الذي يُعتمد عليه في هذه الحالة هو ميثاق الأمم المتحدة، وفيه حالتان محدّدتان يمكن لأي دولة الاستناد اليهما عند قيامها بأي حرب عادلة وهما:
1. حالة الدفاع عن النفس.
2. في حالة صدور قرار من مجلس الأمن يُشرّع التضامن ضد خطر يهدّد السلام والأمن العالميين باعتباره مسؤولية مشتركة.
ومن خلال ما تمّ ضد العراق، فقد تبين من خلال القرائن التي قدّمت للمحكمة وكذلك الشهود والوثائق ان حكومة الولايات المتحدة قد ارتكبت بوضوح جريمة العدوان للاسباب التالية:
أولاً: عدم وجود حالة دفاع شرعي عن النفس بدليل:
– كان هناك اعداد وتخطيط مع نيّة مسبقة للحرب منذ فترة طويلة.
– أن فبركة وتلفيق الاكاذيب قد استندت الى أجندة إيدلوجية للإدارة الاميركية (أي ليست حقائق ووقائع).
– اعتماد أساليب إرهاب الجمهور الاميركي وتخويفه من الأخطار بهدف الحصول على دعمه لهذه الحرب، وكان من ضمن ذلك تسويق اكذوبة ربط العراق بالقاعدة، واستغلال هجوم 11 سبتمبر.
ثانيا: لم يكن هناك أي تهديد مباشر فوري يستدعي قراراً دولياً بشن الحرب بدليل:
– كان هناك إلحاح مستمر على ضرورة استمرار المفتشين الدوليين بعملهم وعدم توقيفهم قبل الانتهاء منه.
– كانت هناك تصريحات متعددة من هؤلاء المفتشين والخبراء تؤكد عدم وجود أسلحة الدمار الشامل في العراق.
– ان فكرة الحرب الوقائية (الاستباقية) – التي تمّ اعتمادها لضرب العراق، هي التي أدت الى حالة عدم الاستقرار السائدة ليس في العراق وحده او المنطقة، بل العالم بأسره.
ثالثا: اعتماداً على ما سبق، لم يقرّر مجلس الأمن العمل العسكري، وكان هناك رفض أممي غير مسبوق لهذه الحرب.
# المجموعة الإرهابيّة النفطية في الولايات المتحدة :
ليست حرباً استباقية فقط ، بل حرباً شاملة :
——————————————-
المجموعة النفطية – oil group في واشنطن يقف على رأسها جورج بوش ونائبه ديك تشيني (وبوش الأول وتشيني وآخرون – لاحظ اللعبة المخيفة – هم مستشارون في كارلايل التي تُبدي المشورة لأسرة إبن لادن) . هذه المجموعة النفطية يتزايد وقوعها تحت تأثير مجلس السياسة الدفاعية – defence policy board – والتي تُبدي المشورة لرامسفيلد وولفويتز . وهذه المجموعة المعروفة في واشنطن باسم “عصبة وولفويتز” هي التي تشكل الاتجاه اليميني المتطرف في السياسة الأمريكية . والمسؤولة عن الحرب على الإرهاب والحرب الشاملة . وأحد مفكريها هو ريشارد بيرلي الذي كان أحد مخططي الحرب الباردة وقت ريغان ، وقد قال : (ليس هناك مراحل . إن هذه هي حرب شاملة . نحن نحارب أعداء متنوعين ويوجد هناك الكثيرون منهم . من الخطأ البالغ أن نمضي على نحو ما يُقال الآن من أن علينا أن نذهب إلى أفغانستان أولا ثم العراق ثم نرى كيف تجري الأمور . إن ما علينا ان نفعله هو أن نخوض حرباً شاملة) .(إيمي غولدمان : الإعتراض على الحكام).
# الأقلية النفطية.. وكارلايل : هل كان 11 أيلول حادثاً إرهابياً “خارجيّاً” ؟:
———————————————————–
تتناول “آمي جودمان” ، مؤلفة كتاب : “الاعتراض على الحكام؛ فضح الساسة المتملقين، ومستغلي الحروب، ووسائل الإعلام التي تحبهم) علاقة أفراد في الإدارة الأمريكية بعالم النفط وبالدول النفطية، لتقول لنا إن الإدارة الأمريكية تشبه “أقلية نفطية” حاكمة. وفي تمهيدها لذلك تُذكّرنا بأن الرئيس جورج بوش، هو رجل نفطي فاشل، وان ديك تشيني نائب الرئيس، هو الرئيس السابق لشركة هاليبرتون، كبرى شركات الخدمات النفطية في العالم.
وان كوندوليزا رايس، مستشارة الأمن القومي سابقا، ووزيرة الخارجية حاليا، عضوة سابقة في مجلس ادارة شركة تشيفرون على مدى عقد من الزمن، كما تملك ناقلة نفط تحمل اسمها.
وان سبنسر ابراهام، وزير الطاقة، هو أحد كبار من كانوا في السابق يتلقون أموال تبرعات شركات السيارات للحملات الانتخابية، حين كان سيناتورا.
وان دون ايفانز، وزير التجارة، هو مدير ورئيس شركة توم براون سابقا، وهي شركة للنفط والغاز أرباحها بالمليارات.
وان جيل نورتون، وزير الداخلية، محام سابق لدى شركة دلتا بتروليوم.
وان اندرو كارد، رئيس الاركان، رئيس سابق لجماعة الضغط في شركة جنرال موتورز.
وتعطي المؤلفة مزيدا من المعلومات والأرقام عن نائب الرئيس الامريكي ديك تشيني في هذا المجال، نقلاً عن مصادر من بينها وزارة الخارجية الأمريكية ذاتها. فتقول ان دخل تشيني من شركة هاليبرتون في سنة 2000 كان (36086635) دولاراً، وان عدد خيارات الأسهم التي مايزال تشيني يملكها في هاليبروتون هو 433333. وان حجم رزمته التقاعدية (ما عدا خيارات الاسهم) يساوي 20 مليون دولار. وان الزيادة في تعاقدات الحكومة عندما كان تشيني يقود شركة هاليبرتون هي 91%. وان الحد الأدنى لحجم “الشذوذ المحاسبي” الذي حدث عندما كان تشيني مديراً للشركة هو 234 مليون دولار. وان عدد الدول التي تعاقدت معها شركة هاليبرتون، من بين الدول السبع التي تعتبرها الولايات المتحدة رسميا “راعية للإرهاب”، هو 3 دول من سبع، وهي ايران والعراق وليبيا، وأن عدد صفحات خطة طوارئ الطاقة التي رفض تشيني اعطاءها لمحقّقي الكونجرس هو 13500 صفحة. وان كمية الأموال التي قدّمها قطاع الطاقة للمرشحين الجمهوريين في انتخابات سنة 2000 هي 50 مليون دولار. وإن عدد شركات الطاقة التي تم التعرف إليها من الشركات التي ساعدت (وحدة دراسة الطاقة) التي شكلها تشيني من أجل صياغة السياسة الوطنية للطاقة، هو 30 شركة.
وتمضي المؤلفة بعد ذلك، لإعطاء تفاصيل العلاقة بين الادارة الأمريكية وعالم الشركات، وما يتخللها من تبادل المنافع.
وفي غمار حديث المؤلفة عن علاقات الإدارة الأمريكية بشركات النفط والدول النفطية، تربط المؤلفة بين ما جرى في يوم 11/9 واجتماع سنوي كانت تعقده مجموعة استثمارية في مدينة واشنطن، هي مجموعة كارلايل. تقول ان هذه المجموعة التي تصفها بالتكتم والميل الى السرّية في نشاطاتها، كانت في ذلك اليوم تعقد المؤتمر السنوي للمستثمرين فيها. وكانت هذه الشركة قد تشكلت سنة 1987 ولها مجسات كما تقول المؤلفة، تنتشر بين أفراد النخبة الأمريكية الحاكمة في واشنطن، كما ان لها علاقات مع الحكومة السعودية. وكان يحضر ذلك الاجتماع الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، الذي كان يومئذ مستشاراً رفيع المستوى لدى مجموعة كارلايل. وكان يرافقه عدد من الشخصيات الثابتة في نظامي الرئيسين بوش عبر السنين.
وكان هنالك وزير الدفاع السابق في حكومة ريجان، وهو فرانك كارلوتشي، الذي أصبح رئيساً لمجموعة كارلايل فيما بعد. وجيمس بيكر الثالث، وزير الخارجية في حكومة جورج بوش الأب، الذي يحضر الاجتماع باعتباره كبير مستشاري المجموعة. ولكن الحضور لم يكن مقصوراً في ذلك اليوم على البطانة الخاصة لعائلة بوش، بل انضم الى الاجتماع رجل اسمه “شفيق بن لادن” ، وهو شقيق أسامة بن لادن. ولم تكن تلك هي المرة الأولى التي يعمل فيها شخص من عائلة ابن لادن مع نخبة السلطة في واشنطن، كما ان ابن لادن هذا، كان صديقاً قديماً لعشيرة بوش ومن المحسنين اليها. وقد غادر بوش الكبير الاجتماع مبكراً، ولكن بقية الرجال كانت تقترب من نهاية وجبة الفطور حين بلغت خطة شقيق شفيق أوْجَها بارتطام الطائرات بمركز التجارة العالمي ومبنى وزارة الدفاع الأمريكية.
وتتساءل المؤلفة، بطريقة ذات مغزى واضح: أهي مصادفة غريبة؟ (تقصد انعقاد ذلك المؤتمر يوم 11 سبتمبر/ ايلول ،2001 وحدوث الانفجارات). وتجيب: لا، لقد كان اجتماع أعمال كما هو المألوف في اجتماعات عائلة بوش، التي ظلت تتلقى أموالاً سعودية على مدى عقود من الزمن. وذلك يساعدنا على تفسير السبب الذي جعل الولايات المتحدة التي أمرت جميع الطائرات بالهبوط وعدم الطيران في ذلك اليوم المشؤوم، تجري استثناء واحداً: وهو ان كبار المسؤولين في البيت الأبيض سمحوا للطائرات بالتقاط 140 سعودياً، من عشر مدن أمريكية، وإعادتهم سراً الى العربية السعودية، ومن بينهم دزينتان من أفراد عائلة إبن لادن.
لقد كان توم كينتون، مدير الطيران في مطار لوجان في بوسطن مرتاباً بالأمر. فبينما كان المطار ما يزال مُغلقاً يحاول الإفاقة من صدمة هجمات 11/9 ، تلقّى كينتون أمر السماح لأفراد عائلة ابن لادن بالطيران. وتنسب المؤلفة اليه قوله : “كنا في وسط أسوأ عمل ارهابي في التاريخ بينما نشهد عملية إخلاء لأفراد من عائلة ابن لادن.. لقد كانت السلطات تعرف ما تفعله، وقد قيل لنا أن ندعه يحدث”.
تقول المؤلفة: “وقد ذُهِلتْ من هذا التصرف أيضاً “فيرجينيا باكينجهام” ، التي كانت وقتئذ رئيسة السلطات في مطار مساتشوستس، وتشرف على مطار لوجان.. حيث كتبت معلقة على أمر السماح لأربعة عشر فرداً من عائلة ابن لادن بالطيران على متن طائرة خاصة من لوجان : “هل يعرف مكتب التحقيقات الفيدرالي بالأمر؟ وهل تعلم وزارة الخارجية؟ لماذا يدعون هؤلاء الناس يذهبون؟ وهل استجوبوهم؟ كان ذلك منافياً للعقل”. وتضيف المؤلفة ان السلطات أجبرت على الهبوط كل الطائرات، وحتى طائرة تحمل قلباً لزرعه في صدر مريض مشارف على الموت في سياتل، مما كاد يكلف المريض حياته. ولكنها سمحت على نحو غير مفهوم بالعبور الحرّ لأفراد عائلة ابن لادن”. (المصدر السابق نفسه) .
# مزيد من الشكوك في مصدر هجمات 11 أيلول :
من يعرف ماذا سيحدث ومتى ؟
————————————————
“لا غرو أنه ظهرت منذ 11 أيلول تقارير كثيرة أثارت التساؤل حول الرواية الرسمية للأحداث ؛ فقد تواردت تقارير تتعلق باجتماع لوكالة المخابرات المركزية مع أسامة بن لادن عُقد في يوليو 2001 في مستشفى في دبي ، وأن الموساد كان وراء كل ما حدث أو أنه على الأقل كانت لديه معلومات عن الهجوم مسبقا ولم يبلغها ، ولذلك فإن الأمريكيين استطاعوا تبيّن تواطؤ “اسرائيل” مع الإرهابيين ، وفشل شبكات تأمين الفضاء والدفاع الجوي في تنفيذ الإجراءات طويلة الأمد والتي تم التدريب عليها جيدا والروتينية وإسقاط الطائرتين الثانية والثالثة . فربما اختارت عمدا ألّا تفعل ذلك ، والصفقات التي أجراها المطلعون على بواطن الأمور قبل الهجوم بفترة قصيرة توقعّاً لأن تهوي أسهم شركتي أميركان أيرلاينز ويونايتد أيرلاينز من حالق مع طائراتهما ، والاجتماعات والدعم الأمريكي السرّيين لطالبان طوال سنوات كثيرة ، والعلاقات بين أسرة بوش وأسرة إبن لادن وأمور كثيرة غير ذلك .
وكل ما أستطيعه – والقول لجون بيلجر – هو أن أضيف تحليلي التأملي الخاص لما هو متوفر وله وزنه، فمن السذاجة الاعتقاد بأن وكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة الأمن القومي وغيرها ، كانت غافلة على الأقل فيما يتعلق ببعض التفاصيل من أن عملية إرهابية كبيرة وشيكة الحدوث في الولايات المتحدة . ومثلما تبدّت فظاعة هذه العملية ، فإنه لا يمكن تصور أن هذه الوكالات لم تحسب بطبيعتها ، لأنه في فبراير 2000 تلقت وكالة المخابرات المركزية في المؤتمر الدولي الأول المعني بالدفاع ضد الهجمات الانتحارية الذي عقد في “اسرائيل” ، تحذيرات محددة بأن الإرهابيين يخططون لاختطاف طائرات تجارية لاستخدامها كسلاح لمهاجمة رموز مهمة في الولايات المتحدة . وبالإضافة إلى ذلك كشف إرهابي اعتُقل في الفلبين في 1995 عن تخطيط مجموعته لاختطاف طائرات صغيرة وملئها بالمتفجرات وجعلها تصطدم بوكالة المخابرات المركزية وغيرها من الأهداف الحكومية الأمريكية .
وكان اثنان أو ثلاثة من المختطفين على قائمة المراقبة في مكتب التحقيقات الفيدرالي ، وحسب مصادر المكتب ، فإنه عمليا في كل حالة منع فيها المكتب هجوما إرهابيا ، اعتمد النجاح على تحريات وتحقيقات طويلة الأجل تمثلت سماتها في الصبر وترك المؤامرة الإرهابية حتى تنضج . .
ربما كانوا قد انتظروا أكثر من اللازم في مرحلة ما .
ورغم أنه ليس هناك الكثير الذي يمكن للمرء أن يستبعده على أصحاب السلطان الأمريكيين من الناحية الأخلاقية ، فإنني لا أعتقد بأنهم ما كانوا ليسمحوا بحدوث ما حدث لو كانوا قد عرفوا على وجه الدقة ما الذي كان سيحدث ومتى . فالمؤكد أن البنتاجون لم يكن ليسمح بتدمير داره والعاملين فيه بمثل هذا العنف . بيد أنه تظل قائمة حقيقة أن كثيرا من قوائم رغبات الصفوة قد تحققت في أعقاب هجوم سبتمبر وهو ما يكفل إثارة المزيد من الحديث عن نظريات المؤامرة” . (حكّام العالم الجدد).
# هل تتعض أمريكا من الدروس ؟ :
———————————-
هل تعلمت صفوة السلطة أي شيء ؟ فيما يلي كلام جيمس وولي المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية في حديث له في ديسمبر في واشنطن يدعو فيه لغزو العراق وعدم المبالاة برد فعل العالم العربي ، وقد جاء يه : “إن صمت الرأي العام العربي ، في أعقاب الانتصارات الأمريكية في أفغانستان ، يثبت أن “الخوف وحده هو الذي سيعيد الاحترام للولايات المتحدة” .
إذن ما الذي تستطيع الولايات المتحدة أن تفعله للقضاء على الإرهاب الموجّه ضدها ؟ إن الإجابة تكمن في القضاء على دوافع العداء لأمريكا لدى الإرهابيين ، ولتحقيق هذا يتعين أن تخضع االسياسة الخارجية الأمريكية لتحوّل عميق . [وهذا لا يمكن أن يحصل إلّا بالقوّة لأنّه بنية ثبتت كلحائط كما سنرى في حلقات الأصولية الأمريكية والإبادة والإرهاب المقبلة].
# لو كنتُ رئيساً للولايات المتحدة :
———————————-
يقول “جون بيجلر” :
“لو كنت رئيساً فإنني سأوقف منذ الأيام الأولى العمليات الإرهابية ضد الولايات المتحدة الأمريكية. أولاً، سأقدم اعتذاري لكل الأرامل واليتامى والأشخاص الذين تعرّضوا للتعذيب، ولأولئك الذين كان الفقر نصيبهم، ولملايين الضحايا الآخرين للإمبريالية الأمريكية. بعد ذلك سأعلن في الجهات الأربع للعالم بأن التدخل الأمريكي في دول العالم قد انتهى بشكل نهائي، وسأخبر إسرائيل بأنها لم تعد أبداً الولاية الواحدة والخمسين من الولايات المتحدة الأمريكية، وإنما مجرد دولة أجنبية. بعد ذلك، سأقلص من الميزانية العسكرية بنسبة 90% على الأقل، محولاً الفائض إلى الضحايا كتعويضات، وسيكون ذلك فوق حد الكفاية. فالميزانية العسكرية السنوية التي تقدر بـ 330 مليار دولار، تعني أكثر من 18000 دولاراً للساعة الواحدة منذ ميلاد المسيح إلى اليوم. هذا ما سأقوم به في الأيام الثلاثة الأولى، وفي اليوم الرابع، سأتعرض للإغتيال” . (المصدر السابق نفسه).
# ملاحظة عن هذه الحلقات :
—————————-
هذه الحلقات تحمل بعض الآراء والتحليلات الشخصية ، لكن أغلب ما فيها من معلومات تاريخية واقتصادية وسياسية مُعدّ ومُقتبس ومُلخّص عن عشرات المصادر من مواقع إنترنت ومقالات ودراسات وموسوعات وصحف وكتب خصوصاً الكتب التالية : ثلاثة عشر كتاباً للمفكّر نعوم تشومسكي هي : (الربح فوق الشعب، الغزو مستمر 501، طموحات امبريالية، الهيمنة أو البقاء، ماذا يريد العم سام؟، النظام الدولي الجديد والقديم، السيطرة على الإعلام، الدول المارقة، الدول الفاشلة، ردع الديمقراطية، أشياء لن تسمع عنها ابداً،11/9 ، القوة والإرهاب – جذورهما في عمق الثقافة الأمريكية) ، كتاب أمريكا المُستبدة لمايكل موردانت ، كتابا جان بركنس : التاريخ السري للامبراطورية الأمريكية ويوميات سفّاح اقتصادي ، أمريكا والعالم د. رأفت الشيخ، تاريخ الولايات المتحدة د. محمود النيرب، كتب : الولايات المتحدة طليعة الإنحطاط ، وحفّارو القبور ، والأصوليات المعاصرة لروجيه غارودي، نهب الفقراء جون ميدلي، حكّام العالم الجُدُد لجون بيلجر، كتب : أمريكا والإبادات الجماعية ، أمريكا والإبادات الجنسية ، أمريكا والإبادات الثقافية ، وتلمود العم سام لمنير العكش ، كتابا : التعتيم ، و الاعتراض على الحكام لآمي جودمان وديفيد جودمان ، كتابا : الإنسان والفلسفة المادية ، والفردوس الأرضي د. عبد الوهاب المسيري، كتاب: من الذي دفع للزمّار ؟ الحرب الباردة الثقافية لفرانسيس ستونور سوندرز ، وكتاب (الدولة المارقة : دليل إلى الدولة العظمى الوحيدة في العالم) تأليف ويليام بلوم .. وغيرها الكثير.