لطفية الدليمي
1
كيف لي ان أناجي ” ذئب البراري” ، هذا الكائن البري الغريب وشديد الحياء والذي يفتقد الى الود والألفة ؟؟ كيف أحادثه وهو منغمر في عزلة محكمة يبحث في أسرار الروح والسحر والموسيقى وانحلال العالم ويرنو الى مملكة الروح السرمدية؟؟
لابد أن أستعير منه بعض القدرات السحرية التي طالما اختزن اسرارها من مخطوطات جده وتعاطى معها في أوقات مختلفة عندما كان الواقع يحاصر روحه المرهفة .
-السيد الساحر هيرمان هيسه ، كنت دوما تود الاختفاء لتكون في كل مكان، وتعترف في صورتك الوصفية عن طفولتك ( طفولة ساحر) بأن أعظم امنياتك كانت امتلاك قدرات خارقة تمكنك من الاختفاء عن العيون، فكيف تعاملت مع هذه الأمنية التي لازمتك طويلا ؟؟
– كنت أمارس السحر حقيقة ، وأدرب نفسي على ذلك ، لكني عجزت عن الاختفاء وتغييب جسدي عن انظار الناس، لذا قررت التخفي في شخصيات رواياتي .
– ولهذا نجدك في ” ذئب البراري” و “دميان” وكذلك تظهر في “تجوال” ورواية ” تحت العجلة” وفي ” لعبة الكريات الزجاجية” اي انك تمزج بين سيرتك الذاتية وسير ابطال رواياتك ..من أنت في كل هذا ؟؟
– لزمن طويل لم أعرف من أكون ، لكني نجحت في أن أغدو هاري هالر في ذئب البوادي وصرت الى حد ما هـ . هـ في كتاب رحلة الشرق ، وهيرمان هالنر في رواية ” تحت العجلة” . لقد توزعت حياتي في رواياتي ولا انكر هذا .
– وأنت أيضا إميل سنكلير عاشق الأم الأبدية الخالدة في رواية دميان؟
– كل تلك الحكايات هي عن نفسي ، فهي تعكس طريقي الذي اخترته وأحلامي ورغباتي السرية وحزني المرير الذي عانيته.
– غالبا تنتمي الى عوالم الروح ومزاجك مسحور بالشرق وثقافته والهند وأسرارها ، هل حصل ذلك للخلاص من واقع تهرب منه؟
– الواقع آخر ما يمكننا الإنشغال به، الواقع مضجر ولطالما كان موجودا على نحو مريع ، بينما هناك أشياء أكثر جمالا واعظم أهمية تستدعي انتباهنا واهتمامنا ، ينبغي للانسان تحت أي ظرف أن لايرتضي بالواقع ولايستسلم له ولا يخشاه ، لان الواقع أمر عرضي يتكون من فضلات الحياة، لابد من رفضه لنبرهن له اننا أقوى منه.
– هاجمت ذهنية الحرب التي تفشت في اوروبا وهلل لها كتاب وشعراء المان وكتبت مقالات معارضة.
-اجل خاصمني الأصدقاء والقراء ورمتني الصحف بتهمة الخيانة، وانفض عني الناشرون ودفعت أثمانا باهظة لمعارضتي الحرب..
– وصفك آخرون بأنك كنت تمثل الشباب الغريب الرافض بيع نفسه للقوانين العامة والقيم البالية.
– لطالما كنت اؤمن بأنه كلما تنامى وعي الإنسان ، انغمر في الأزمات واليأس،
بسبب ادراكه للتناقضات التقليدية في الواقع .
– هل كنت تنظر إلى الشرق على أنه الجنة التي أضاعها الانسان الأوروبي الحديث ؟
– حصل ذلك فعلا، لكنني أدركت بعدها أن فقدان البراءة ليس ظاهرة اجتماعية أو جغرافية بل هو أمر يخص دواخل الانسان نفسه .
– تقول في سيرتك انك ولدت قرب نهاية العصرالحديث ( 1877) وقبل عودة العصور الوسطى بفترة قصيرة ؟
– اجل حدث ذلك قبل بدء الحرب العالمية الاولى التي تناسلت منها حروب القرون الوسطى الجديدة وصولا لحروبكم الدموية فكنت أهرب الى عالم اكثر حرية وطواعية هو عالم الخيال وعندما اعود منه أجد العالم مختلفا.
يتبع