إرهاصة فكرية .
ريان سلو خدر
عندما يحتدم الصراع بين الخير والشر في داخلك , فاعلم انك لم تبدأ بعد , فإذا جعلت الشر ينتصر فانت قد بدأت واخترت لنفسك ان تكون حيواناً كاسراً كلُّ ما يمكن ان يتباهى به هو الفرائس والغنائم , اما اذا جعلت الخير ينتصر فها انت قد شكلتَ الهيئة الانسانية للروح التي في اعماقك وبهذا سيكون كل ما تقوم به وكل ما يمكن ان تتباهى به انما هو ما يمكن ان تقدمه للأخرين وتصنعه لهم وتضيفه لحياتهم فتسمو روحك وتتحرر نفسك , حتى لو بذلتها في نهاية الطريق كقربان فانت قد بدأت وانتهيت انساناً ! اين هو الخط الفاصل بين الخير والشر ؟ يا له من سؤال ؟ ويا لها من عقبة اعترضت طريقكم ايها الناس ؟! او ترضى للغير ما لا ترضاه لنفسك ؟ وهل تقبل ان تتحكم بك نوازع الغريزة فيما تسير في طريق الحياة الذي يبدا بكلمة ترددها سراً وينتهي بكلمة تقولها جهراً , الى متى سيضلل الانسان نفسه ؟ ويقف مستسلماً لنوازع تدفعه دفعا ولا تسحبه سحباً , فقد مرت السنون وكل شيء يوحي لك بانك لم تبدأ بعد وعندما تريد البدء ما لي اراك تسعى لتلملم حولك ما استطعت اصطياده في ظلمة الليل لتتفاخر به في وضح النهار .
لم تكتب هذه القصيدة لتحفظها عن ظهر قلب , وترددها على مسامع الاخرين في اتراحهم وافراحهم ,كالببغاء ! فالذي سطرها يوما ما اراد منك ان تضيف لها ابياتاً جديدة ليتسع معنى الخير فيها, وتضيف العزيمة للضعفاء كلما رددتها على مسامعهم وتنتشلهم من الفشل الذي يمكن ان يقعوا فيه وكذا في ايام المسرة والاحتفال , فما سجل بالأمس انما هو للإلهام الذي يزيد من طول الايام بأفراحها ومسراتها , لقد بعثرتم حروف القصيدة وضاعت المعاني المكنونة ما بين سطورها وما عاد احد قادرا على قراتها بعد اليوم فكيف لي ان اسمع ما تصرخون به ؟
مهما أطلتْ ومهما قصّرت , فلن تستطيع ان تجتاز هذا الجدار الذي يعزلك عن الاخرين , فالجدار الشاخص بينك وبين ذاتك اسيرة الافكار الهجينة قد عجزت عن اختراقه الى الضفة الاخرى , فكيف تستطيع ان تمد يديك للأخرين لتنتشلهم من بؤسهم ؟ انظر لنفسك , فستجد نفسك في الحضيض وليس مثلما تظن , واقفاً في الآعالي . لن تكون قادراً على معانقة الشمس , شمس الامل والنجاح والحبور طالما اعتلت جبينك الاحقاد وملأت وجهك َ بثور التفرقة والاستهجان . في لحظات الضعف اجدك مستسلماَ حد الخضوع وفي لحظات القوة اجدك متمرداَ حد الجنون , فكيف للاجيال من بعدك ان تتعلم درساً في الاخلاق وتسير بخطى ثابتة وفي طريق مستقيم ؟! مؤلم هو هذا النهج الذي يتجرد من الانسانية الذي به لا يمكن ان يكتمل معنى الحياة , فضيع ُ هو ابن ادم وقد اتخذ لنفسه هذا المبدأ الذي يقوم على إفناء الاخرين ليبقى هو , جميع تلك الدسائس والمؤامرات لن تفضي الا الى مغاور الارض العفنة ولن تستطيع ان تحقق ما تصبو اليه ولن تهنأ نفسك بالنتائج والمكاسب التي تظن بانك ستستحوذ عليها بإراقة الدماء , ألا انك تضيف لتاريخك الاسود الحالك لوناً احمراُ قانياُ يلهب الانظار ويؤجج النفوس وينفر الارواح فقل كي كيف عساك التباهي بعد كل هذا وبما ؟! .