بقلم / سارة السهيل
في منحة كونية عظيمة نرجو من الله فيها أن يمدنا بكل طاقة انسانية علي الفرح والوفاء والتغني بالطبيعة والامل بيوم جديد نتخلص فيه من الشرور وننعم بالسلام والحب ، يأتينا عيد نوروز يوم 21 مارس لدي الاكراد وعرقيات اخري لينقلنا الي الاعتدال الفلكي والمزاجي والانساني ايضا ، فيتساوى الليل مع النهار معلنا بدء فصل الربيع . وكل شعوب العالم تنتظر هذه الفترة من السنة لتحظي بعبق الربيع وتفتح ازهاره وشدو بلابله ، ولذلك كان الفصل من العام ملهما للشعراء ومطلقا حناجر كبار المطربين في العالم ، بل ان الاحتفال بالربيع قد ارتبط في الذاكرة الشعبية المصرية بأغنية الفنان القدير الراحل فريد الاطرش في أنشدوته ” الربيع ” والتي يقول فيها : أدي الربيع عاد من تاني والبدر هلت أنواره ،وفين حبيبي اللي رماني من جنة الحب لناره . وبقدر ما يظل نوروز عيدا قوميا للاكراد ورمز لانتصار الحق على الباطل وبداية لعهد الخير والحرية وبالازدهار في ربوع المنطقة فقد تحول العقل الجمعي الشعبي الكردي إلى كرنفال سنوي يعبر عن عشق الكردي للطبيعة وشوقه إلى الحرية وحاجته للقاء الأحبة والخلان فتجمعهم دفئ المشاعر الانسانية و دفئ شمس آذار في الحادي والعشرين من كل عام. هذا الدفئ الانساني يستشعره وتعيشه الشعوب العربية خلال الاحتفال بعيد الام خاصة في مصر ، حيث يتزامن عيد النيروز مع عيد الام ، ولا غرابة في ان يهتدي العقل البشري لاختيار هذا التاريخ بالذات وهو 21 مارس للاحتفاء بالربيع وبالأم التي هي رمز الخصوبة والنماء كما هو الربيع رمزا لتفتح الازاهير ، وكما يجتمع الابناء لدي الام ويجلبون لها أثمن الهدايا احتفاءا بدورها العظيم وتقديرا لتفانيها في تربيتهم وتعبيرا عن معاني الوفاء، فان الطبيعة هي الاخري تفئ بالخير كله في بدء فصل الربيع حيث عيد النيروز وتملأ نفوسنا بالامل والاحلام اللانهائية . ويهتدي العقل البشري مجددا لاهمية هذا التاريخ 21 مارس حيث عيد نوروز ، لتختاره المنظمة العالمية للتربية والثقافة، منذ أكثر من عشرة سنوات ، ليكون يوماً عالمياً للشعر فيحدث التلاقح الفكري والابداعي والانساني عبر العديد من الامسيات الشعرية التي تقام في العالم لاحياء فن الشعر وتطويره . يحتفل الأكراد بالعراق بعيد نوروز 21 آذار من كل عام بالخروج إلى الطبيعة والتجمّع واحياء الفلكلور والرقصات الكردية واشعال الشموع . حيث ينتقل القرويون لاماكن التجمع والاحتفال بجانب الأنهار والسواقي وعلى سفوح التلال حاملين زاد النهار وما طاب من أكل وشراب… أما في المدن الكبيرة فقد اتخذت الناس أمكنة محددة يجتمعون فيها بمئات الألوف حيث العروض الممتعة من الرقص والأغاني والأناشيد الكردية الشجية والدبكة ذات الحركات المتناسقة التي تلتف حول الطبل والزرنة حلقات وحلقات و التي تحكي قصة نوروز والكرد ، وما ان يأتي المغيب يتصافح الكرد ويتبادلون التهاني بالعيد . ينطلق عيد النيروز من قصة نوروز ، وهي قصة شعب يئن تحت الظلم والقهر على يد مستبد سفاح يدعى (ضحاك) ظهرت دمَلتان في منكبيه على شكل ثعبانين، يصف له أطباؤه مخ الشباب دواء، فيأمر بقتل شابين كرديين كل يوم، فينتشر بذلك الفزع والرعب بين صفوف الشعب، ولكن طباخيه الذين سئموا تلك الجريمة النكراء يكتفون بقتل شاب واحد كل يوم ويتركون الآخر ليهرب إلى الجبال، حيث تألفت من الناجين عصابات مناوئة لهذا الملك السفاح، حتي ظهر حداد يدعى (كاوا) يرفض أن يقضي الملك على أولاده وبني قومه، فيحمل مطرقته ويذهب إلى القصر ليهوي بها على رأس الطاغية ويحرَر العباد والبلاد من ظلمه وعدوانه، فيشعل الشباب النيران على رؤوس الجبال إيذانا بانتهاء شتاء حكم (ضحاك) وقدوم ربيع عهد الحرية. وينصب على العرش حاكم جديد، وهو “فريدون، ” من نسل شيدين، وقد عم في عهده الخير والحرية والبركة. وحينما يحتفل الشعب الكوردي في هذا اليوم، إنما يعبر عن مباهج هذا اليوم المجيد في تاريخه، والذي سموه بـ نوروز والتي تتكون من كلمتين كورديتين (نوي) والتي تعني الجديد ، و(روز)والراء بثلاث نقط تعني يوم أو كدلالة على العهد ، فتعني اليوم أو العهد الجديد.
سارة طالب السهيل
كاتبه و باحثة
نوروز عيدا لقهر الظلم وعيدا للأم والشعر وتغريد البلابل
شارك هذه المقالة
اترك تعليقا
اترك تعليقا