محمد بونيل
السيدات و الأوانس، السادة، ، أنتم مدعوون، برفقتي لحضور حفل إفتتاح صالون فني للصورة الفوتوغرافية، أحدهم يسأل صديقه هل ستوزع علينا مشروبات؟ و آخر يسأل هل فيه “جاتوه سواريه؟ و بعض الشباب و الفتيات يسألن هل فيه فرصة للتعارف؟ ههههه، بصوت منخفض يضحك صديقهم صاحب الدعوة، على فكرة هو – فنان مصور فوتوغرافي – و يدرس بالجامعة، و لحسن حضه أنه سيشارك بلوحة فنية فوتوغرافية خلال هذا الصالون الذي ستفتح أبوابه بعد إنتهاء الأوقات الرسمية للعمل على مستوى جميع الإدارات العمومية منها و الخاصة، و بالتحديد سيكون موعد إفتتاحه على حوالي الساعة الخامسة مساءا، حتى يتسنى لأكبر عدد ممكن من عامة الناس و كذا محبي هذا اللون من الفنون لحضورهم لمثل هذه الصالونات التي تعطي بالغ الإهتمام و التقدير الكبير و تخصص فضاءا واسعا للفن الثامن، الفن المعاصر، فن لغة الإشارة، فن الفوتوغرافيا على شكليها، الصورة الفوتوغرافية الفضية و الصورة الفوتوغرافية الرقمية…
الساعة تشير إلى الخامسة مساءا، حان وقت إفتتاح الصالون الفني للصورة الفوتوغرافية، زوار الصالون الفني ينقسمون إلى أفراد و مجموعات، هناك من يقف يشاهد لوحة فوتوغرافية، هذه فتاة تتحدث إلى صاحب اللوحة الفنية الفوتوغرافية يبدو عليها أنها هاوية صور فوتوغرافية لكونها تضع على صدرها آلة التصوير الفوتوغرافي المشدودة بحزامها، الذي يمر من على فوق عنقها، تلك مجموعة من زوار المعرض تدردش و تتناقش فيما بينها حول حيثيات و وقائع تلك التحف الفوتوغرافية و الفكرة العامة و ما تصبو إليه كل لوحة فوتوغرافية لتمريرها للرسائل بإتجاه المتلقي الزائر للمعرض، مجموعة أخرى تحتسي الشاي و تتناول حبات من الكعكع، دفعة ثانية من الخدم تحضر “جاتوه سواريه”، لحسن الحظ المدعوون برفقة ذلك الفنان المصور الفوتوغرافي سيجدون ضالتهم فيه و يستمتعون بأكله، يذكروني ذلك بقصة أشعب “الطفيلي” الذي يحضر الولائم دون سابق دعوة من أصحابها، بالتالي تجده لوحده أمام القصعة التي تحمل ما لاذ و طاب من أشهى و أطيب أنواع الطعام…
و كأني على تلك الوجوه الجميلة من جموع الحاضرين من الزوار و أيضا المشاركين في المعرض “الفنانين المصوريين” يشكلون بذلك مشهدا فنيا، و إبداعا رائعا، أما جموع الزوار في تصوري و التصور التقريبي يبدون و كأنهم مجموعات فراشات، جميلات و متآلقات، تتنقلن من رحائق و حدائق، بساتين، الياسمين و النعمان، تختلفن في أصنافها، لونها و شكلها، خفتها و رشاقتها، حياتها طولها و قصرها…
أما تصوري بالنسبة للفنانين المبدعين الفوتوغرافيين و كأني بهم مجموعة من النحل التي تخدم الملكة بلا إنقطاع، و في مشهد تصوري تقريبي و بمعنى آخر أولئك المبدعين يخدمون المجتمع دون أدنى كلل أو ملل، الخدم في عالم النحل يشتغل بإخلاص و دون مقابل، و كذلك الفنان المبدع تجده في غالب الأحوال يشتغل فقط حبا في فنه و خدمة للخلية الكبيرة و المتمثلة في المجتمع و الفرد، النحل يعطي للملكة و لسائر الكائنات على وجه هذه الأرض و بما فيها البشر سائلا من أجود ما جادت به هذه الحشرة الصغيرة “العسل” إذ تعتبر هذه المادة تحفتها في الحياة تنفع بها باقي الكائنات، كذلك ينفع الفنان غيره في المجتمع بنتاج إبداعه و من خلال فنه المتمثل في لوحاته الفنية التي تصول و تجول من خلال الفضاءات و يعود إستحسانها و بالتالي منافعها، ليس فقط على صاحبها الفنان المبدع بل يتجاوز ذلك حدوده ليصل و يشمل بذلك المجتمع الذي يتواجد فيه، و يعكس شعاع الصورة الفنية الجميلة و الرائعة كلما إستغلت على الوجه الصحيح لذلك و تعبر على تلك المجتمعات من خلال فنانيها و مبدعيها و الصورة الفوتوغرافية الفنية قد تكون في أغلب الأحوال خير سفير و معبر عن السلام و الوئام، العشق و الحب، فبتالي الرومانسية لدى الآخر و على وجه السليم و الصحيح لذلك..
نعود إلى صاحب الدعوة لأصدقائه الفنان المصور الفوتوغرافي هو كذلك منشغل مع الزوار و المعجبين بتحفته الفنيه، لحظتها يبصر، فيرى وجها ناعما مشرقا مبتسما، و في خطوة منه، عرفه من أول نظرة، هي سيدة جميلة الوجه، المظهر و المنظر، كلما حركت رأسها يمينا أو شمالا يبدو وجهها منيرا كأن عليه مصباح يشع نورا من خلاله، هي شقراء الشعر، بيضاء البشرة، لا هي قصيرة و لا بالطويلة ، بل هي متوسطة القامة أو تزيد عن ذلك بعض المليمترات، تبدو في منتصف عقدها الخامس، حينها إقترب منها و إلتزم مكانه واقفا بجوارها، بالنسبة لها و من خلال طوله بدى عليه شامخا كبرج ناطحة سحاب، إبتسم لها و ألقى عليها التحية بلغة أجنبية، و بأسلوب راق ردت عليه هي، بطريقة حضرية، وواصل كلامه معها بتلك اللغة الغربية، و في كلمات مختصرات عرف لها بشخصه “أنا سيدتي فنان مصور فوتوغرافي”، فردت عليه مبتسمة و بأسلوب الفراشة تنتقل مثلها من زهرة إلى أخرى، فبالنسبة لها من موضوع إلى آخر” شو؟ أنا لبنانية و أتكلم اللغة العربية، و أحب و أعشق فن الصورة الفوتوغرافية…”، فقال لها حينها ” بالأمس لقد شاهدتك في حصة ثقافية على قناة فضائية، و كلماتك و تدخلاتك، اتسمت بالإحترافية و جلها كانت إيجابية…” و واصل حديثه مسترسلا في ذلك “.. أنت مديرة مكتب، في بلادنا تمثلين وكالة أخبار أجنبية عالمية..”، فما كان منها تلك السيدة الجميلة إلا تأكيد ما جاء به من تصريحات قائلة له ” كلامك صحيح مئة بالمئة..”.
وقتها و بعد تلك الكلمات المعبرة، الراقية و التي من خلالها إستدرجها في الكلام و راوضها في الحديث، و بعد هذا و ذاك، في الأخير إستأذنها بأن يلتقط لها صورة تذكارية بالقرب من تحفته الفنية الفوتوغرافية، فما كان منها إلا أن وافقت على ذلك و ملامح الفرحة بادية على وجهها، توجه بها نحو لوحته الفنية الفوتوغرافية، حيث إمتثلت بالقرب منها..
قال لها حينها…” إبتسامة حلوة للصورة..هذه رائعة…”
فنان مصور فوتوغرافي و كاتب مساهمات فنية و أدبية