” سوق اللّحم “وقصص أخرى قصيرة جدّا. بقلم:
حسن سالمي
قبل اللّعنة بقليل
كعادته يدخل تلك المملكة فيفتح خزائن الجسد السريّة، ويتصفّح صحفها بدم مطبوخ وروح هائمة…
ذات صحو:
- إنّي لفي عذاب. فقدت نظرتي البريئة إلى أمّي وأختي!
وغلبه البكاء..
- أرني قلبك.
- (…)
- رغم الظّلام، لم يغادره ذلك البصيص.
- والمعنى؟
- على قدر النّور الذي بداخلك تستقم نظرتك للأشياء.
الباقي من العمر
- بأيّ ذنب ستأخذني؟
- (…)
- أرجوك.
- (…)
- إنّ لي عيالا.
- (…)
- لا تقتلني أرجوك.
فجأة تدوّي رصاصة تعقبها شهقة…
- انهض.
- الحمد لله، الحمد لله…
- ضع يدك في يدي.
شهيق وزفير وانتحاب…
- لا نامت أعين الجبناء!
سوق اللّحم
ما كنت أعلم أنّ الهواء يحمل سوقا كسوق القصّابين تلك… يُسمع فيها اللّغط من آخر مجرّة في الكون، وتشهد طرقها ازدحاما مثل دكاكينها التي تعرض لحوما آدمية معلّقة في مخاطيف. منها ما هو مغلّف بأغلفة شفّافة برّاقة، ومنها ما هو معرّض للغبار والذّباب…
“رطلا من نهد بضٍّ من فضلك.”
“اقطع لي من هذا الرّدف. أرجوك.”
عندما عدت إلى منزلي، تفقّدت ذاك الذي بين مفرقيّ فلم أجده!
نَبّاح الضّوء
اسمي أبو مسعور.. أنبح على كلّ شيء: هبّة الهواء، وخفقة الجناح، ودفقة الضّوء، وسكون الأشياء، وحركة العالم…
ولكن…
ما إن أُحصب بحجارة، حتّى يغلبني الخرس فأسكت تماما…
أشعـــــــــــــــــــــــب
ارتفعت زغرودة وانطلق بارود…
حضَرَنا ولا يعرفه منّا أحد… كثير الصّمت، يُرى في وجهه نضَرة النّعيم. سألته من الرّجل فلم يجب… عندما وُضِع الطّعام، تقدّم ملهوفا إلى جفنة من الجفان، وأخذ يكوّر لُقمه ويبعثها تباعا من غير مضع…
فلمّا أحسّ الدّهشة من حوله قال بفم ممتلئ:
“هَذَا الخِذْرِي بِنْ عَبْدَ الله يَا اللِّي مَا تِسْمَعْشِ بِيهْ.
كِي قَرِّب لِلْقَصْعَة اِيـمرِّدْ يَا وِيلِكْ يَا اللّي تحَاذِيهْ.”