علاء مشذوب عبود
لم تعد الصورة المرئية التلفازية تمثل نفسها، بل انها اصبحت شريكا يجمع او يكون الآراء ووجهات النظر التي تمس اعمق المشاعر والاتجاهات وذلك من خلال نقل ما يدور في كل أنحاء العالم من صور ،
إيجابية كانت ام سلبية وهي في الواقع تمثل آراءنا بصور مختلفة (هو، أنا، الآخر) وتكون شخصياتنا ؟ نتذكر بسهولة مثلا احداث التظاهرات التي جرت وتجري في اكثر من بلد . لكن ما يوجب التوقف عنده هو المأساة الحقيقية والامتحان الحقيقي لوجودنا تحت بنط هائل عنوانه الإنسانية، ونحن نرى آلة القتل التي تدفع بها الأنظمة الديكتاتورية والرجعية، والترويع والتجويع والاستهتار بكل القيم الإنسانية من خلال الصور الشرسة والمرعبة التي تبثها آلية القتل عن طريق القنوات الفضائية الإخبارية العربية وغير العربية. خاصةً بعد أن أصبحت الصورة الفضائية التلفازية هي الرسالة والوسيلة والمرسل ليس هذا فحسب، بل أخذت تلك الصورة على عاتقها عدة سمات هي أنها حية أولاً كونها تنقل مباشرة ومن ثم تتكلم وتتحرك وهذا ما يجعل منها أداة مؤثرة وفعالة في وجدان الإنسان وتكوين بنية عقلهِ وآراءه في الوقت نفسه عدم استطاعتهِ كبت تلك المشاعر الجياشة أمام هذه الصور التلفازية الإرهابية التي باتت تزكم مشاعرنا بالخوف والقتل مما يحدث أمامنا وأنا هنا أناصر الحركة الشبابية في كل البلدان الثائرة دون استثناء ولا أستطيع أن أكون حيادي في موقفي، من أجل نيل حريتها وكرامتها، فلم يعد بعد اليوم من الرضوخ والاستكانة لتلك الأنظمة العفنة والمتهرئة، وهي قابعة في جحورها.
لقد أصبحت الصورة التلفازية في متناول الجميع ولم تعد حكرا على أحد وكما يقول عبد الله الغذامي (الصورة المرئية التلفازية ديمقراطية والأدب دكتاتور، حيث تساوت العيون في رؤية المادة المصورة المبثوثة على البشر كل البشر دون رقيب أو وسيط) وهي في الوقت نفسه تعمل هنا على بث الإرهاب الصوري الذي يجرح مشاعرنا ويقتل عواطفنا وإنسانيتنا من خلال الصور التي تبثها لأطفال يجرحون مشاعرنا من خلال قتلهم بهذا الدم البارد .إن تلك الصور التلفازية البشعة ما هي إلا تحدي لكرامتنا كبشر نقف مكتوفي الأيدي والدموع تنسكب من أعيننا لبشاعة المواقف وحقارتها وهي ليست دعوة للحرب ضد من يقول بتلك الأعمال الوحشية بقدر ما هو جرح نازف لتلك الشعوب وهي تستصرخ إنسانيتنا وطلب النصرة المعنوية والتعاطف الوجداني معها. أريد أن أسجل موقفاً أنسانياً تأبى عليٌ إنسانيتي من السكوت على هذا الوضع الهجين الذي بات يجرح مشاعري ويضج مضجعي، وأنا أرى هذا الموت المجاني للشعب العربي من قبل بعض الأنظمة العربية التي أستخدم كل الأساليب القمعية (القتل،الترويع، الإرهاب…) وغير القمعية (الأعلام، شراء الذمم…)، حتى لو لم تناصر تلك الشعوب قضيتي في فترة الحكم البعثي القذر، أو قضيتي الثانية بعد التغيير والهجرة والتهجير والتمييز الطائفي…؟