اسماعبل فارس
أيها الإنسان هل جرّبتَ النبضة المثقلة ؟هل شربتَ النصف الثاني من كاس مكتملة؟ هل أشعلت ذات يوم الشمعة الذابلة في جنح العراء والمهزلة؟ تكلَّم لا تخف كل الأجوبة ممكنة إن استمعت للخواطر المحنطة .
أيها الإنسان في كل وقت وحين، كم يلزمُنَا من الحنين لعبور المآسي التي آسْتُنْبِتَت في العالمين وحُفِرت على الجبين؟ كم نطفة تبقى لنا بعد هذا المشي العقيم؟ كم بسمة ستَتَحرر من قيد الجالسين في ردهة المكر المبين؟
أنْصِتْ ولا تَسمعْ،أبصر ولا ترى،اخطُ ولا تمشِ،قف ولا تترجل،سَأبوحُ بإسراري في ذروة الهشاشة وجبن الحالمين وخيانة العارفين.
ما أنا إلا أنت صورة لا تجد لنفسها انعكاسا على المرايا،ما أنا إلا أنت صمت الحقيقة وفشل الميزان في بيعه وحطام ساعة في دقاتها.
لا تخف لن أرشقك بالشعاعات المأسورة عنوة في عناوينك المصطفة بين الرفوف،ولن ارسم لك لوحة ماجنة تتلذذ وتستمني على خيالات أقواسها، لن اغني إيقاعات تفضحك في الليالي المقمرة وهي ليست بيض.
في النبضة السادسة، اِسترقتُ النّفسَ الذي وضعتَهُ في نواقيس المدارس، حفظتُ عن ظهر قلب حُروفكَ المستعارة، تَعلَّمتُ نِظامكَ المترهل، كنت وفيا للمشي في دهاليز مكتباتك التي لا تملك منها سوى الطاعة والانصياع،هَلَّلتُ فتوالت النبضات، راكدة، مسرعة، تحترق الواحدة تلو الأخرى، لا تُعَقِّبُ ولا تلتفت،لأنك رسمت لها ممشا ورصيفا دامي الجنابات شائك السبيل. وفي غمرت ازدحامها طلبتَ منها أن تكون كالعمى، كالدخان الفار من عقب السجائر، كجماع مصاب بالخواء.
احتفظتُ بكل شيء، خزَّنتُ كل شيء في بركان الأمنيات وزلزال الأحلام وعاصفة الأحاسيس. توقفت قليلا في محطة الأسماء تناولتُ الكأس بيسراي شربتُ النصف الأول ورسمت بيمناي النبضة التي عنها طال البحث في غياهيب الدواخل وجنون الكلمات،وأنت كنت دوما كالسرطان تلاحق وتسابق، لأنك تخشى نهاية محتملة، لم تستلم فوصلها ونقطها وعلامتها ممن أغرقوك بالمسخ من الحروف والجمل العقيمة في تاريخ الإنسان الذي هو أنت وأنا. غير، أنني لا أجد طيفي على الخرير المزيف والمرايا المبتذلة ،ثم استعطفتَ الوافدين من هوامش القواميس علَّكَ ترمم النبضة وتظل كلمة ** إنسان** واقفة لا حراك لها ولا عنوانا يحميها من النصف الثاني للكأس المكتملة. توسلتَ الذين كنت تألههم والذين كنت مسخا لهم علهم ينقذوك من هول الدواخل المشتعلة فرسموا لك مسودات فقالوا لك :هي صالحة لاجتثاث الطحالب والطفيليات التي سميتها **أنا** وقلت عنها إنها عائمة في الذبول والهواجس المجنونة والعبارات، وأنا كنت أحصي عدد النبضات التي أُحرقَتْ ,كانت حقا معضلة.
النبضة كانت معضلة، تجَمَّعتْ وتشكلت من بركان الأمنيات وزلزال الأحلام، وعاصفة الأحاسيس، فرسمت دنيا الإنسان الذي هو أنت وأنا ومن ينام ويصحو على تراتيل المرحلة. ترسم طفولة أشلاؤها تتطاير لأنها مغتصبة، فتنقش شبابا آني الذوبان كأنه خواء يفضي لكهولة كأقراص النرد وحلمات مومس أتت من البؤس والمهزلة.
ويحها من خارطة رسمتها أيها الإنسان لتبقي على الصراخ مسلوخ النبرة والكلمات كمرقص للتعري في قلب قواميسنا التي انقرضت بفعلك، وهمسك ومشيك وكلك وكل ما هو فيك ومنك .ويحها من نبضة أيقظت طوفاني، وكفرتُ بالكون القادم منك ،ويحك استسلمتَ لسواد الدواخل ويحموم الأنا ويحك ويحك.
أيها الإنسان اسقط دمعة تنطوي على وجودك وتحملك كما أنت إلى حيث شئت، تراني مثلك امتطي صهوة القادم ببسمة الخلود،وستراني احفر وأنحث الأشياء بعكس ما أنت أردت لنا عندما كنا نحن **الإنسان** كالفراشات نسابق الريح ونحلم بقطف النجمات، وعندما مشينا شبابا فوق رصيف أرقُّ من الأمنيات وأحدُّ من الاغتصاب، وفي هذا اليوم الذي آستيقظت فيه النبضة المثقلة، ستراني غير آبه بالمرحلة ،غير مصفق للمهزلة، غير عاشق لخارطة أنت فيها المومس والمتلذذ والنديم بكل التسميات الممكنة.
أيها الإنسان ليس بيني وبينك سوى اسم أنت فيه غريب وهو وطني الذي يحميني منك ومن كل الاحتضارات القادمة.
أيها الإنسان كبسولة الحياة في حجم دمعة إن صدقتها تبني لك حيوات تنمو في كل مرحلة.
أيها الإنسان ……………………..النبضة المثقلة ؟