مبادلة
هرعت الى ركني الهاديء في المطبخ ، بعد الإنتهاء من الأعمال المنزلية ، بسطت الفراش ، وهيأته الى غفوة لذيذة ، من البعد عن الأحلام المستحيلة ، التي لم أعد الى الترحيب بها ، في دنياي ، التي لا أجد فيها الا الأزهار الذابلة.
كانت سيدتي ربة المنزل ، لطيفة معي هذا الصباح ، لم تصرخ كثيرا كعادتها كل يوم ، ولم أبق متذمرة من صرخاتها ،التي تريد منها نصحي ، ألا تنصح الامهات بناتهن؟ ، مبينات لهن معالم الطريق ، وهي أم لي أجدها رحيمة ، وإن كانت ترهقني بالكثير من الأعمال ،التي لا أجد بقربي من يعينني عليها.
أخرجت الرواية التي كنت أقرأ فيها ، منذ ثلاث ليال خلت ، فكثرة أعمالي في النهار ، لاتدع لي وقتا للقيام بهواية المطالعة ، التي كثيرا ما تجده سيدتي وقتا ، أقتله في الطالح من الأمور ، والذي لايجديني نفعا ، ولكن ما باليد حيلة ، إنها طبيعة ، اكتسبتها حين كان أبواي يتمتعان ، بنصيبهما من الحياة ، ولكنّ قناصا أرداهما قتيلين ، فلم أجد بقربي ، الا تلك السيدة التي تحنو على طفولتي ، وتنقذها من تشرد مؤكد.
أغرق في أجواء الرواية ، أنسى واجبي في النوم مبكرا ، للإستيقاظ قبل نهوض الأولاد ، وتحضير ما يلزم لطعام الإفطار ، والمرور بواجبات الجولة اليومية ، فأقوم بكل الأعمال ، وأنا أنتظر ، بعض اللحظات الهنية ، بجانب الكتاب الذي أتعمد الى اخفائه.
– ها ،،ماذا تفعلين في هذه الساعة ؟
يفاجئني السؤال ، حقا ، كان يجب أن أتسلح بالإنتباه ، ولا أجعل كتابي المحبوب لقمة سائغة ، في يد ربّة المنزل ، تسقط عليه انتقامها الشديد:
– إنك تسرقين ساعات طويلة ، كان يجب أن تنفقيها في واجباتك.
تحاول السيدة أن تبدو هادئة ، وليس كعهدي بها ، سريعة الانفعال
– لقد أكرمناك كثيرا ، جعلنا منك ابنة لنا ، وأنا أحبك ، والأولاد يحبونك
ولم أبخل عليك بشيء ، جميع ملابسي حين تضيق علي ، أمنحها لك عن طيب خاطر.
كنت دائما حريصة على ارضائها ، أجدها طيبة.
– أنت ابنتي ، وعزيزة عليّ ، وسوف أحدثك كصديقة
إنها أم رؤوم ، وامراة شديدة الحنان ، ولا أفهم لماذا ينعتونها بالتسلط
– أريد أن أنقذك من المتاعب ، لقد لاحظت إن أبا الأولاد يريد الفتك بك ، فلا تجعلي الطريق أمامه مفتوحا.
– ولكن كيف يمكنني أن أفتح الطريق أو أغلقه ؟
– حسن ، سوف أبين لك المعالم ، هل تضعين الكحل ؟
– لا والله
– لاحظت إن عينيك جميلتان ، كحلهما ربّاني ، سوف أجد لك طريقة تنقذين بها نفسك ، من أبي الأولاد ، ومن كل رجل تسوّل له نفسه افتراسك
– ولكنه أبي.
تصمت السيدة مفكرة ، ثم تواصل :
– وهل تصدقين بالرجال ؟ إنهم ماكرون ، هل تضعين أحمر الشفاه ؟
– أبدا سيدتي.
تواصل السيدة شرح طريقتها للدفاع عني :
– صدرك يبدو ناهدا ، مما يؤدي الى الإعتداء عليك.
– سوف أسعى الى عدم إظهاره ، سيدتي
– عيونهم وقحة ، يجردون بنظراتهم البنات المسكينات ، من ملابسهن
تنظر السيدة اليّ مليا ، وأنا حائرة ، ماذا بمقدوري أن أفعل ، لأنقذ نفسي من عدوان وشيك.؟
تلتمع عينا السيدة كمن ظفر أخيرا بالجواب الصائب :
– عندي الحل يا ابنتي العزيزة
أفتح عيني جيدا وأهيء أذني لما تقوله :
– عليك الا تأتمني الرجال ، فهم غدارون ، كنت مثلك ساهية ، صدقت بدعوى الحب ، جميلة ، فافترس شبابي ووأد انوثتي.
– لااحب الرجال سيدتي ،
– جميل يا ابنتي ، لاتفكري بالزواج ، إنّه لعنة يا ابنتي
– – لن أفكر
– هناك أمور لديك،لست بحاجة اليها.
– لم أفهم يا أمي.
– سوف نجري بيننا اتفاقا ، لدي النقود وأحب أن أحافظ عليك ، وأمنحك ساعات طويلة للقيام بالهواية التي تحبين.
– نعم ؟
– لنقم بمبادلة بيننا ، تعطينني ما لديك وأعطيك ما لدي.
– ………
– عيناك ، فمك ، نهداك ،،، وسوف أفتح لك حسابا مصرفيا
صبيحة شبر