إيناس أحمد
“ع السبع بحرات قدي ح تاخد مني؟..”..والله ما بعرف يا أختي منشوف العداد..
جملة لها وقع لطيف على أذان معظم السوريين .ركبت” التاكسي “بحماسة ونسيت أن الحياة لا تعطي شيئ جميل ولو قليلا بالمجان ..ف مقابل هذه العبارة الطنانة “العداد شغال”،كان سائق التاكسي كتلة من الإزعاج ، بداية كان يقشر الفول ويأكله بطريقه مستفزة..حاولت أن أتجاهل الصوت وأنظر إلى جمال دمشق..لكن دمشق في تلك اللحظات كانت بشعة جدا ..تمنيت لو أملك في يدي مقلاة “تيفال” وأفتح في راسه حفرة أضع فيها كيس الفول .
رحت أتأمل فكه المفترس وهو يلتهم حبات الفول .يبدو متدينا . س أسأله لماذا هو غير صائم وأحرجه ك نوع من تنفيس غضبي. يالي من بلهاء ماهو الذي سيحرج من يملك فكين بهذه الوحشية ..لم يكتف ب إزعاجي بصوت “اللقمسة: بل أخرج من سقف السيارة”نكاشة سنان” وبدأ ينظف أسنانه…ويصدر أصواتا غريبة من فمه ،ترى هل هو متزوج؟.ألا تشعر زوجته ب عذاب القبر وهو مستلقي قربها على الفراش ؟.لابد أن الجنة يجب أن تكون من نصيبها لأن زواجها به أكبر المصائب والامتحانات ..لابأس
حاولت التجاهل مرة أخرى .”.إيناس لا شئ يستحق. الحياة تافهة يلا عادي روقي نفس عميق”..وأنا أرددها في سري بدأ بتشغيل سيكارة أصابني أنهيار ف أنا اختنق من الدخان وأكره رائحته….كان الهواء يحمل كل سحابة الدخان إلى وجهي وأصبحت رائحة عطري “حمراء طويلة “..كان الطقس حارا جدا الازدحام شديد ….كنت اختنق ..شعور بالكره لكل البشر في الشارع والتكاسي والسرافيس..عيوني حمراء ،وقفت السيارة عند الإشارة
اريد أن أبكي ..وقف على نافذتي “شحاد”عنيد ذو وجه خبيث يخنقني بصوته وتوسلاته ..أريد أن أنفجر من البكاء ،لم أعطه شيئا ،مشت السيارة …وذهب “الشحاد” بعد أن قال لي “يقطع عمرك “..
نقف ثانية في الازدحام وبموازاتنا سرفيس صاحبه يمسك في يده مسبحة ينظر بحنق إلى ” سائق التكسي”التي أنا فيها ..وكأنه يستنكر منظر السيكارة في يده “والدنيا رمضان”….تتحرك التاكسي قليلا ف أصبح أنا في موازاته تتحول نظراته إلى نظرات افتراس وبصبصبه”..ويسمر عينيه بي ….تحول اختناقي إلى ضحكة غريبة كدت انفجر ضحكا …..لكن ضبطت نفسي ..تحرك السرفيس ف أصبح وجه صبي ربما في الخامسة عشر من عمره..مقابل لي ..أرسل لي “غمزة مع بوسة” ..ف انفجرت ضاحكة …….نظر إلي صاحب التاكسي في المرأة “خير أختي ضحكينا معك”….”شوب اليوم مو”؟..ضحكت أكثر ولم أعطي كلامه اهتماما …ثواني ووصلنا ..
كان العداد أغلى من “التسعيرة” العادية بسبب الزحمة..لكن لا بأس المهم انتهت هذه الرحلة البشعة المضحكة .
نزلت واخذت نفسا عميقا وعزمت على أني في العودة س أسأل صاحب التاكسي إن كان صائما قبل أن أسأله عن التسعيرة…..