ان أنتقال صاحب الدعوة المحمدية الى جوار ربه فجأة في 11 للهجرة قد رافقتها أنكفاءات كثيرة في جزيرة العرب والدعوة الاسلامية،بدءً بالسقيفة وأستمراراً بحروب الردة والفتوحات ، وليس انتهاءً بواقعة الطف في كربلاء عام 61 للهجرة ،التي أسست لأعمق أقطاب الأنقسام والعبودية العربية.
ان دولة الرسول (ص) التي نشأ ت في يثرب(المدينة المنورة حالياً) فقدت بريقها بعد نقل العاصمة الى الكوفة مركز القبائل العربية المتخاصمة على عهد الامام علي(ع)، وبفعل الفقهاء الذين اهملوا دستور المدينة وحولوها الى دولة دينية صرفة ، وفسروا النص القرآني تفسيرا ترادفيا بعيدا عن التطبيق الرسولي،وعدوا كل فكر انساني سبق الاسلام عدو للاسلام بالضرورة، وكفروا كل الاسماء ان لم تكن مقرونة بالاسلام رغم مكانتها الحضارية،وحولوا فكر العرب قبل الاسلام الى جاهلية وعبودية وفقدانا للحقوق دون وجه حق، من هنا كانت بداية النكبة والافتراق بين العرب انفسهم والمسلمين والشعوب الاخرى والذي لازال مستمرا الى اليوم..
لقد اخترعت دولة المدينة بعد محمد(ص) قاعدة جديدة في تعاملها اليومي او السياسي مع الاخرين،هي :(النصر او الشهادة) التي بها اغتصبت الحقوق، واحتلت اراضي الاخرين بلا تهديد أو اعتداء على اراضي المسلمين او أموالهم من الاخرين،واخذت نسائهم أماء وجواري. في حين ان مبادىء الدعوة جاءت لنشرالحق والعدل بين كل الناس،فأن الله آله الناس وليس آله العرب والمسلمين ( يا ايها الناس،الحجرات 13). فالفتوح لا تملك تبريرات جحفلت جيوشها لفتح بلاد الاخرين الا الثروة والسلطة وأمتصاص النقمة الداخلية بعد الردة واستعمار المناوئين.اما الادعاء بنشر رسالة الاسلام للناس والمساواة بين الحقوق والواجبات وتخليصهم من الذل والعبودية، فهو أدعاءلا تدعمه الشواهد المادية ولا الوقائع التاريخية على الارض ،لان هشاشة الايمان بالعقيدة كان من المظاهر القوية الحاضرة في تاريخ غالبية قادة المسلمين الذين خرجوا على اصول التشريع بتطبيق نظرية الاسلمة او الجزية في حركة الفتوح.وهذا أول نقص في المنهج الدراسي الحالي.
ان الشهادة والشهيد والايمان والتصديق ما هي الا جملة نصوص اسبغوا عليها فعل غياب العقل وانجراره نحو العاطفة الخرافة. وان الجنة ومراتبها التي وعد بها المؤمنون ماهي الا مراتب ومنازل صوروها للناس خارج العدل الالهي. فاذا كانت المرأة بكيدها العظيم تزُيل الجبال اهمل شأنها وعدوها سلعة للبيع والشراء –الأماء مثالاً- وانتقصوا من حقوقها خلافا لما ورد في النص الكريم ، وأعتبروا ان عالم النساء من اهل النار،ومن يبطل الصلاة اذا مرت من امام المصلين وهي تتشابه مع الكلب والحمار من وجهة نظرهم ،فكيف يوعد كل مؤمن بحوريات العين بلا عد ولا حصر، والولدان المخلدون كاللؤلؤ المنثور في الجنة،ألم يكن هذا تناقضاً في التفسير القرآني لما يقولون؟ وهذا نقص منهجي أخر.
2
لقد ابتلى اهل العراق بالمحن والمصائب منذ بداية الاسلام ولا زالوا ،وكأن الاسلام ماجاء لهم مثل ديانات الأخرين، فكانت حرب الجمل ،عائشة وعلي في البصرة ، وحرب صفين ،علي ومعاوية على اطراف العراق، وحرب النهروان ،علي والخوارج في شرق العراق،فقتل وشرد منهم الكثيرون. واليوم حرب الأبادة التي يتزعمها الحاضر الغائب قتلا للمواطنين ونهبا للمال العام وتدميرا لشخصية الانسان العراقي والثوابت الوطنية،وفقدانا للقانون ،واستهتارا من المسئولين بحقوق الشعب بأستخدام نظرية (التغليس) في جميعها قتل للعراقيين كثير وتشريد أكثر،ويستمر فيهم القتل والتشريد الى يومنا هذا،اهذا هو الاسلام الذي جاء به محمد للعالمين؟ ام انه عدوان على النفس والمال ؟،فلمَ لم تستطع الخلافة او الرئاسة او المرجعيات الدينية احتوائها كما يقول المنطق وفلسفة التاريخ.
ان الأمام علي واولاده (ع) ليسوا بعراقيين بل من المسلمين المؤمنين،كانوا حجازيين، ان أقامة اضرحة التقديس لهم عندنا وهم الغرباء عنا لم تكن الا لانهم كانوا مشاعل الحق والعدل الآلهي ولا غير.،واذاكان الحسين (ع) قد رفض مبايعة يزيد كحاكم وسلطان جائر وناقص الأهلية فلمَ اتباعهُ الخُلص يبايعون اليوم الغريب وهو من غير دين أهل البيت دون تفسير؟ ان وجود مراقدهم الشريفة عندنا اليوم نقدسها ونرصعها بالابهة والجلال لهو مشهد يجب ان يجعل النفوس في المقام الاعلى من الاحترام، لا الدرك الاسفل من العبودية والاستغلال حتى اصبح رجل الدين فوق اهل العلم والمتعلمين. من هذا المنطلق نرفض فكرة قبول احتضان الحسين لأنه الحسين بن علي وذكراه وما جرتَ علينا من مأسي وما زالت، وانما لانه ثورة الحق الاسلامي العام لكل البشرية والمظلومين دون تمييز، وهو غريب عن العراق بهذه الصورة التراجيدية التي يجسدوها علينا اليوم في كل سنة ويموت من اجلها الكثير،والتي من ورائها كسبنا ونكسب كل هذا التخلف وضياع الحقوق.وهذا نقص منهجي أخر .
لقد قرأت كتابا لكاتب مصري اسمه توفيق ابو علم اسمه الحسين بن علي ، يقول الكاتب المصري : لقد كان مقتل الحسين في العراق بسبب مطالبته بالخلاقة الشرعية للمسلمين، وانتزاعها من يزيد بن معاوية لانه كان افضل منه، لان الرسول(ص) قبل وفاته همس بأذن الحسين معايير الاستقامة يوم ولدته فاطمة الزهراء (ع) حتى شب رجلا في ضميره الشعور الفياض ياحاسيس الفضيلة والعدالة. ثم يسرد الكاتب روايات خيالية لا تصدق حول الحسن والحسين لان المبالغة فيها واضحة كما في المتزمتين من رجال الدين، والحسين وتاريخه الصحي ليس بحاجة اليها ولا تستند على نص ثبت.والدراسة بلا نص لا نصيب لها من القبول في عقول الباحثين حتى لو كانت للرسول واهل البيت الصادقين.
ويقول الاستاذ الدكتور حسين مؤنس رحمه الله الاستاذ القدير في جامعة القاهرة سابقاً :
بادىء ذي بدء هل من حق الحسين بن علي ان يطلب الخلافة لنفسه دون الاخرين؟رغم كونه شابا نقيا عاقلا هادئا ،ويقول: ليس هناك من مسوغ الا لكونه ابن علي بن ابي طالب.ويسترسل ،هل هذا كان يكفي لترشيحه للخلافة؟ ويقول: لا، لانه ما كان بمقدوره ان يكون خليفة لدولة ناشئة قوية مثل دولة الاسلام دون مبدأ الشورى المخترق من يزيد، وليس قادرا على تحمل مسئولياتها بلا خبرة وتجربة حكم سابقة. ويضيف ان يزيد كان اقل منه علما واخلاصا وكفاءة،وهو الاخر لا يستحقها.
ونحن نقول ان الحسين(ع) ما جاء ليقاتل يزيد على الخلافة لكنه جاء ليقاتل حكم الباطل الذي يمثله يزيد .فدولة الشورى يستحقها من يقع عليه رأي الأمة لا شرط النسب . ويقول : ان ثورة الحسين
3
كانت لردع الظلم فهي ثورة اخلاقية عالية الهمة وليس مطالبةً بالخلافة. وهو رأي له ما يبرره منطقياً، وهذا نقص منهجي أخر.
هنا يتوقف الدكتور مؤنس ليقول ايضاً : ان العاطفة ركبتنا منذ البداية فأضعنا العقل والدراية، لان ما قاله البعض في الحسين كلام خالٍ من المنطق والفائدة. ويعلل ذلك بأن الدول لاتقاد بالعاطفة ولا بالعشائرية او الانتمائية للرسول، بل بالخبرة والكفاءة والوفاء للمبادىء وحسن التدبر للامور،وان الرسول(ص) لم يوصِِ لاحدٍ ولوفعلها لجاز عليه الخروج على آية الشورى وهو غير مخول بالخروج عليها.،فهل كان الحسين من هذا الطراز من الناس؟ وياليت العلماء والفقهاء والباحثين يجيبوننا اجابات بعيدة عن الانحيازية الفكرية والعاطفة الدينية لنتخلص من عقدة الخطأ المستغلة من رجال الدين والتي حولوا قضية الحسين الى قضية شخصية لا عامة لكل المسلمين. وهذا نقص منهجي أخر.
وتعليقا على كل الذي كتب اقول : لو ان مسار الدولة فد سار وفق دستور المدينة المدني المغيب عنا اليوم ومبدأ الشورى الحقيقي، لما لحق بنا كل هذا الذي لحق من اذى،فالدولة نشأت منذ البداية كدولة مدنية دستورية قانونية ومن يدعي خلاف ذلك فهو واهم، فلا سقيفة عقدت ،ولا ردة حدثت، ولا فتوح جرت، ولاخليفة قتل،ولا فِرق ظهرت وتفرقت، ولا معركة بين المسلمين وقعت ،ولا من مسلمٍ استبيح دمه وشرد ،ولا من آمة دمرت، وحل بها فقدان التوازن، وضياع المُلك والحقوق بالتقادم، حتى اصبحنا اليوم من اكثر امم الارض ضعفا ومهانة وقدرا. ومدينتنا بغداد أصبحت من أكثر العواصم تخلفا في العالم كله وفق الأحصاء العالمي للمدن.فالقاتل يقتل بكلمة الله اكبر،والمصلي يصلي بكلمة ألله وأكبر،والسارق والخائن يرفع شعار الله أكبر.وهذا هو الذي ادخل الاسلام في النفق المظلم الرهيب دون تغيير .
نعم الدول تبنى وتتقدم بمقاييس حضارية ثابتة، لا بالاشخاص المفضلين انفسهم على العامة من أنانيي الرأي والعقيدة، حتى ولو كانوا من احفاد الرسول، فالرسول (ص) لم يأتِ بدولة ليرثها الابناء والاحفاد ،ولو سار عليها لخرج من مفهوم رسالة التبليغ الكبرى لعامة الناس وأصبح قائد جماعة او حزب ،وهذا ما يتوهم به قادتنا اليوم حينما اعتقدوا ان حزب الدعوة هو الحزب الوحيد الذي يستحق الدولة ولا غير ،خلافا لفلسفة مؤسسه سماحة السيد محمد باقر الصدر . والذي لم يترك لنا نصاً ثابتاً بهذا ،لان ليس من حقه ترك مثل هذا النص ابداً، وانما من واجبه تبليغ الرسلة الآلهية للناس جميعاً ولا غير . يقول القرآن الكريم: (يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ،المائدة 67) . فالعصمة هنا بالرسالة وليس بشخصه الكريم. وهذا نقص منهجي أخر.
وحين اخترقت الدعوة تبعها اختراق في كل التفاصيل الاخرى فانبرى وعاظ السلاطين بين مبرر ورافض، فكان الكل يدور في فلك السلطة لا العقيدة والتطبيق كما نراهم اليوم حين حولوا ثروات الشعب الى قصور ومؤسسات تعمل لهم دون رادع من ضمير،فاين الاسلام منهم؟ واليوم تتخاصم القيادات في عراق التغيير بعد عشر سنوات من التدميروالتفريق ولم يثبت منهم الا الصحيح؟،فما من أمة تعرضت للتزوير والتبريراللاشرعي مثلنا في العالم ابداً. ايها العراقي النجيب لا تلن ان كنت على الحق،فلا تكن في وهم التقدير وما يريدون .
4
لقد علمنا التاريخ ان الحرية هي لب الحياة،وقد جاء بها النص القرآني , واضحاً يقول الحق:( وقل الحق من بكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر انا اعتدنا للظالمين نارا، الكهف 29). ولم يقل للكافرين ،لان الظلم يمكن ان يرتكب من المسلم والكافر على السواء.،ففرطنا بها،بعد ان اهملها السلف وحولها الى نصوصٍ مقدسة يحرم الاقتراب منها ،فجعلونا في سجنها الحديدي الذي لا ينفصم..
وعلمنا ان العدالة هي الاساس( … وأذا قلتم فأعدلوا ولو كان ذا قربى،الانعام152 ) فأبتعدنا عنها ونسيناها وأصبحنا من الظالمين . فعديناها صداقة وقرابة دون الاخرين.
وعلمنا ان الشورى الحقيقة للناس هي الحكم الصالح (وشاورهم في الامر،آل عمران 159)، فلم نعترف بها، فأجزنا الخروج على الحاكم الظالم والفاسد، لكننا بررنا استمرار الحاكم الظالم والفاسد بنظرية (الضرورات تبيح المحضورات ،والحاكم الظالم الفاسد خير من الفتنة ،فاضعنا الاسلام والدين.وهذا نقص منهجي اخر.
وعلمنا ان محبة الاوطان والتفاني فيها هي الواجب المقدس والنجاح يقول الحق:(ما كان لاهل المدينة ومن حولهم من الاعراب ان يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبون بانفسهم عن نفسه،التوبة 120)،نزلت حين حاصر الروم المدينة من الشمال بعد مؤتة.،فتركناها. ولم تعد لها عندنا من وجود.حين جعلنا الوطن غنيمة ،وقتله وسرقته رجولة،،وتشريد اهله وبيع ارضه وعِرضه بطولة، وقتل ابنائه واطفاله ونسائه عزا وتفاخرا،وسلب أمواله قبولا، لنبني قصرأ أو فندقاً عند الماجنين اصحاب اللارجولة.
وعلمنا ان حقوق الناس لا يعتدى عليها ، (ان الله لا يحب المعتدين)،فأعتدينا عليها دون مخافة الله والناس وكل الاخرين، حتى اكلنا اموال اليتامى والمساكين، وتقاعد المتقاعدين،وبطاقات تموين الفقراء والمساكين ،ومنحنا الأعانات الأجتماعية لغير المستحقين ،واعطينا الوظيفة والمسئولية لغير مستحقيها لمجرد أنهم من المقربين، وامتلكنا قصور الظلمة السالفين وأصبحنا محاطين بالحراس المدججين،ونحن لازلنا نلوم معاوية ويزيد على التنظيم .
وعلمنا ان الاخلاص والوفاء للوطن والشعب والعقيدة هو الهدف ،( وأوفوا بعهدالله اذا عاهدتم ولا تنقضوا الآيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا ،النحل 91)،فرميناه خلف ظهورنا. واصبح نوابنا يتقاضون الملايين وهم يتسكعون في فنادق عمان ودبي واربيل وبيروت ولندن غير مبالين.والا هل سمعتم او شاهدتم ام مجلس النواب اجتمع وأكتمل فيه نصاب المنتخبين الا بالعافية والعد اليدوي المفبرك ترضية للناكثين،فأين رئيس المجلس المتمشدق بالوطنية والدين؟.
وعلمنا ان الثروة هي ثروة الجميع تقسم بينهم بالتساوي ( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم،التوبة، 34 )،فسلبانها لانفسنا بعيدا عن اصحابها الشرعيين. وسرقنا حتى اصوات الناخبين، وأعطيناها لغيرهم من غير المنتخبين،فجئنا بمجلس نيابي هزيل،والا هل يعقل ان يمنح المجلس لنفسه كل هذه الامتيازات دون رقيب او حسيب، وحتى فريضة الحج سخروها لانفسهم دون المستحقين فأين صاحب الاصبع البنفسجي (صخام الجدر) الذي استولى على ثروات العراقيين وأنزوى في عمان بقصوره وخدمه وحشمه مع الهاربين،واليوم يطالب بنجدة من الحاقدين والمتأمرين .
5
وعلمنا ان على الخليفة او الحاكم عليه ان لايستند على فتاوى رجال الدين الذين لم يخولهم القرآن حق الفتوى على الناس ولا يميزهم بلباس معين كما فعل رجال العهد القديم، بل بالقرآن الكريم يحكم وينفذ، فلم يطبقوا ما امرالله به الا ما كان يتطابق مع رأيهم وهواهم .الذين يذكرونا بطاعة الحاكم وعدم الخروج عليه،على قاعدة(من خرج عن السلطان شبراً مات ميتة جاهلية). فجعلونا خانعين.وهاهم القادة المنهزمين اليوم يجتمعون في عمان واربيل والسليمانية،خائفين مذعورين يخافون من مواجهة الحقيقة والقانون،فالبرىء لا يخشى القانون ،وما يخشاه الا المتهم بصحيح .
، وعلمنا ان الجيش والسلاح هو للدفاع عن الامة فليس من حقنا التفريط فيه،وليس من حق أحد حلهِ وبعثرته وبيع سلاحه للغرباء والاعداء المجاورين كما حصل في وطننا العراق اليوم بعد التغيير،فالجيش ليس جيشا لصدام بل كان جيش العراقيين،فأين اسلحته لثمانين سنة مضت ؟ كلها عند الاكراد والاخرين.فاضاعوا القوة والهيبة وأمن المواطنين .لكنهم اليوم يعقدون الصفقات مع الروس ليسرقوا منها الملايين والقيادة صامته عنهم صمت القبور،ولا يسئلون عن مئات الطائران عند الأيرانيين،اهذه هي دولة القانون؟ فليقل لنا الرئيس حقيقة ما جرى ومن حقنا ان نسئله فنحن الذين انتخبناه واوصلناة لسدة الحكم ،فأين القانون والتشريع الذي به يباهون …؟
.،وعلمنا القرآن ان القتل بدون ذنب محرم في آية التحريم ،يقول الحق : (من قتل نفساً بغير نفسٍ او فسادٍ في الارض فكأنما قتل الناس جميعاٍ،المائدة 32).، وها هو الأرهاب اليوم يقتل حتى الاطفال الرضع والشبوخ المسنين،ليخلف لنا جيوشاً من الأيتام والأرامل الضائعين ،ونحن في بلداننا نصفي كل واحد منا الأخردون مخافة الله والقوانين،وعند الصلاة نرفع الآذان الله اكبربأذانين للمؤمنين ،وكأن الأسلام اليوم أسلامين لا اسلام واحد،وكأن الفرقة والمحاصصة والطائفية لا تكفيهم في تمزيق عرى المواطنين. ولم نسمع منهم الا كلمات الطب العدلي ومقابر الملايين.
وعلمنا كم هو تقد ير العلماء ومكانتهم عند رب العالمين(انما يخشى الله من عباده العلماء،فاطر28) . ونحن نقتلهم ولا من معين ولا سائلين. بعد ان اهملهم التراث واغدق العطاء على الشعراء المادحين والفقهاء الموالين والكتاب من اصحاب المواقع وعاظ السلاطين، وحولنا العلم الحقيقي الى علمِ دين . واصبحت اليوم الراقصات والمغنيات والمغنين في الوطن العربي احسن من العالم الرصين ونصرف على مادلين مطر الملايين لنروض نفسية رئيس نقابة الصحفيين .انها مهزلة القرن الحادي والعشرين في بلاد العراقيين .
،ولم يبقوا لنا اليوم من شيء ، سوى أننا اصبحنا صفر اليد ين ،نسرق اموال اليتامى والمساكين وحتى تقاعد المتقاعدين ،ونستبيح حقوق المستضعفين،ونقتل كبارهم وصغارهم دون تعيين ،واذا اجتمعنا على أمرٍ لا نجتمع الا في مدن الأخرين،ونصلي خمس مرات في اليوم ولا نعلم ان الصلاة لا تقام الا مع المتزكين. ولكننا في عاشور نلطم مع التقليديين.
بعضنا يقتحم حدود الاخر ويحتل اراضيه كما في احتلال صدام البغيض للكويت ويسبي ذراريها،والكويت تمررجيوش المحتلين ليدوسونا بأقدامهم ،عداوة وثأرا مثل السابقين كما فعلت دولة المصريين باليمنيين، وقطر تجهز القاعدة والسلفيين لتدمير سوريا وقتل السوريين ،وايران تدخل العراق اليوم غازي لتخرب كل مستقبل العراق والعراقيين .فهل قرأتم اليوم تقرير سكرتير
6
المحكمة الدولية ماذا يقول في نكبة العراقيين ،فهل هذا هو الاسلام الذي تركه محمد (ص) لنا لنكون آمنيين؟. ومادروا ان الزمن سيدور على كل المعتدين .والمعتدين يأكلون في بطونهم نارا،لانها اموال الفقراء والمساكين المغلوب على امرهم والمقعدين،ولانهم من الخارجين على الشرع والقانون والقرآن المبين.فلن يهنئوا في عيش ويناموا آمنين.،وكأن داحس والغبراء عادت الينا بعد حين. وبعضنا يغلق حدوده مع جيرانه المسلمين، حتى يسقطهم من اجل المعتدين،حفاظاً على ما قد يلحق به من أذى المتغطرسين. انهم جبناء في نفوسهم قبل اجسادهم خاسئين.
وها هو وزير خارجيتنا المستقل بوزارته دون رقيب او حسيب يتنقل بين البلدان ولا يعرف للوطن عنده من مصير ،ويوقع الاتفاقات مقهقها على الدولة والعراقيين.نسئلكم بالله هل هذه دولة ام عزبة للحاكمين،وكأن الحاكم بأمر الله الفاطمي هو الذي يحكم العراقيين؟
ولكن فات علينا ان نكون منصفين حين نكتب ،ومعتدلين صادقين حين نحكم ،لانه مادرينا ولا قرأنا ان الحسين الذي يحتفل به اهل العراق اليوم بشعائر المتشددين، هو الذي قوض بفكره وبثورته اركان الدولتين الاموية والعباسية وكل الظالمين حتى حولوها الى عادات وتقاليد سحبوا منها جذوة الثائرين لينالوا غرضهم الدنيوي دون رضا الحسين والمؤمنين. صحيح ان يزيد بن معاوية استطاع ان يحكم وينتصر عليه ويقتله مع من كانوا معه ،لكنه لم يستطع ابدا ان يقتلع مبادئه من رؤوس الناس. فظلت تسري في دماء المخلصين كالهشيم حتى ابادت الامويين والعباسيين ً ، أذن فلماذا تخلى بعض أصحابه اليوم عن مبادئه في عراق العراقيين .
أستشهد الحسين في معركة الطف بكربلاء سنة 61 للهجرة وجاء يزيد مزهوا بالانتصار بعد ان اخذ زينب البتول (ع) للشام مقيدة اسيرة حتى ظن هو ومن معه ان المُلك قد استقر لدولة بني امية دون معارضين ،ومن يقرأ حوار زينب مع يزيد يدرك ان الباطل مهزوم وان ملكَ الأساطيل. لكن ما ان مضت ايام او شهور حتى مرض يزيد ليموت موت كل الخائبين، وليرفض ابنه معاوية الثاني خلافة المسلمين، لأعتقاده ببطلانها ،لتسلم الى آل مروان القساة ليحكموا اكثر من سبعين سنة والمعارضة الحسينية والفكر الحسيني يحيط بهم من كل جانب، بعد ما قاموا به من تصرفات مجافية للشرع مما دعاهم الى اللجوء للعصبية القبلية ضد المعارضين الذين اقلقوا مضاجعهم وجعلوهم في اعين الناس لا يمثلون راي المسلمين .وما اقره الشرع في اقامة الجماعة الاسلامية على اساس من الاخوة وما امرت به الشريعة في المحافظة على وحدتها وامنها لدرء خطر المعتدين .
لقد سقطت الدولتين الاموية والعباسية التي بنيتا على اساس البقاء الدائم لهما،وقتل اخر خلفائهما مروان بن محمد الجعدي والمستعصم العباسي وتشتت العائلة والملك الاموي والعباسي بفضل راية الحق التي استعرت في النفوس التي حملها الحسين بن علي من أجل كل المظلومين.. واليوم تعود دولة العراقيين بالقتل والجريمة والسرقة وتدمير المجتمع ولا يحاسب الجاني الا حينما يؤذن له بالهروب خارج دولة العراقيين،لكن حينما يتكلمون وكأنهم القانون؟
لصاحب هذا الفكر النير والعقيدة الصادقة والوطنية التي قل نظيرها في العالمين يستخسرالبعض من الحاقدين السلفيين على العراقيين دفن الحسين بارضهم التي تشرفت به وتزكت بدمه الطاهر واصبحت مصدر رزق لهم من محبيه الى ابد الابدين.بوركت ياكربلاء يا أم المظاليم،يا ارض الطهر والنور مدفناً للامناء الصادقين .وخسئت أقلام المناهضين للحق والعدل والصالحين. فأين اليوم الذين
7
رفعوا راية الحسين بأسم المظلومية من ظلم القادة الناكثين المتسكعين من نوابنا ومسئولينا في شوارع عمان ومدن الأخرين؟
لقد كان الحسين (ع) واتباعه الميامين مشروعا وطنينا للناس اجمعين،تلخصت في الحرية والاخاء والمساواة وحقوق الناس دون تفريق اوتميز،وليعلم اتباع الحسين انه ماجاء ليقاتل يزيد من اجل حكم او مغنم دنيوي كما هم اليوم يضحكون على الجماهير ولكن جاء ليقاتل ظلم يزيد وكل المنحرفين. وستبقى رايات الحسين ومبادئه العظيمة طريق هداية لكل المؤمنين. فأين هم منها الآن ؟
ولا شيء.
د.عبد الجبار العبيدي