إلى حيث أمـي
نـهـيـلـة حـنـان
تـمـيـل الـمـنـيـة إلـي الـرحـيل حـيـث أمي، حـيث الـفرح الـمـدسوس والأمـل المـغروس والروح الـكـامنة بـوجدانـهـا، أحمل بـعضي وكلي و أسلـك طـريـق اللاعـودة حيـث يشـدو الـصـمـت ألـحـانـه و يـنـمو الـفرح بأزهـاره، كـم عزمت ألا أبوح بـمـا يـحـتوينـي من ضـيق إلا أن وجـدتني ألـقـي بـكـلماتـي الفاسـبـة عـلـى قـلـبـي، أبحث دائـمـاً عـلى من يـتـحسس خدوشـي أو من يـزيح هذه الـكـثـل من عـلى صدري كما كانت تفعل أمـي، مـللت البقـاء وراء الـسـنـين أخـالف قـلبـي و ما خـلا يـخـالفـني، لـم يعد طيفي يـصاحبنـي و أنا ألمـلم خـطـواتـي الـضائعة أجده يرسـو في أفق شحـدتـه إلـى مرافئ الـذكـريات و مدارج الـحـنين والـشوق، عـندما توقف نبض فـؤدها يـومـها ذبـح عـلى باب عـتـابهـا فؤادي مـرتـين، لـن أقف فـي وجـه الـقـدر بل سأقف أتـرقب نـهـايـتي من بـعـدها و أرى كـيف سـتتلاشـى إبـتـسامتي خـلـف صـيحات مـن الإغـتراب الأشـبه بـالموت الـمؤجـل، رحـيـلها أورى بـكـل ذكـرى جـمـيلة لتحل مـحـلها ذكـرى مـريرة، سـويعات من يـومي أقضـيها أمـام صـورتـهـا الـمـكسوة بالـغبار فلا أحـد يـمـر عليـها غـيـري، أكـل منها الـنسيان لديهم الشيء الكثير، لـست أدري أي سبيل أسلكـه و لا يقـودني إلـى رائحتها الـعـالقة بـروحـي و إلى صوتها الذي يـحـاوطني و يـهـز وجدانـي و يضرب بـكـياني، ما زالت دمـعتي خجولة تخشى الخروج علناً وما زلت أخزنـهـا لأروي بهـا تراب قـبرها، سـتـبـقى موشومة بالفؤاد رفيقة دعـائي و مـحراباً تتعبد فيه نـبـضاتي إلى أن يجمعنا القدر ويلملم شملنا في قبر لـصـيق، سأضع يدي على صدري حيث القلب وأضغط ثم أضغط فالقدر وهـب لـي حـيـاة بـدونـها و وهـب لهـا رحـيـلاً بـدونـي، ما كان قبل رحيلها لن يعود بعده، غيابها يجعلني أعيش هذه الحياة بالأبيض و الأسود لا أستلذ طعم ألوانها، بات الـيـوم مثل الأمس فقط ذكراها هي ما تـنـير ظـلام عـتـمـتي وتملأ هذه الأوصار الخـاوية، هي المبعث الذي يـجعلني أجاري كل هذه الجروح التي جعلت قلبي ذابـلاً خـاضعـاً لكل الـهـموم الحارقة التي تسري في دمـي مثل النار و ترهـق كواهلي الهشة، أهوى طريحة كلما حاولت الهرب بذاكرتي إلى مواطن النسيان لأرمي رماد إنكساراتي وخيباتي، تجدني دائماً أحاول إفلات معصمي من هذا الجحيم الذي أكابده وحدي، فقد ذهبت التي كـانت تـتقاسـم معـي ثقل هذه الحـياة.