شوخان عزيز
1
جاؤوا …
وسَط ظلمة حالكة
يتخَبطون كالثيران .
الكارثة رجّة الأسوار
قشروا الرؤوس
سقطتْ الأبواب
وهل مِن بيت هناك ..؟ !
فيالق أبواق جوفاء
لا أحد يَسمع
ومَنْ يَسمعْ ..؟ !
وأنحنينا برؤوسنا المَقشرة
كيف نَرفعها بعد الطوفان
وهل بَقيَ رأس ليُرفع؟ !
وداعاً
أيتُها المدن التي تَعشق فتات البَشر
وآهات اليَتامى .
جَلجلي أيتُها المَفاتيح
وأبصقي في الأقفال .
وداعاً
أيتُها الشمس ، يا كاتبة المَصائر
على الجباه
سَنرحل
بأقدام تائهة
ووجوه ممحوة
ريح فولاذية تتبعُنا
تنقر الرؤوس ، تخترق الجوزة
جمرة تقودنا لِبر الاماني .
2
في إستفتاء عام
أتضَح بأننا نقرأُ ( ستة دقائق ) في السَنة .
يَبدو إننا نرهق ذاكرتنا بالقراءة والتَفحص والبَحث والإستقصاء ،
نرهق عيوننا أيضا ً ، إستفتاء غير دقيق ،
فنحنُ نقرأ كثيراً .
نقرأ ونتفحَص ( بطاقاتنا التعريفية ) هوياتنا !!!.
لنتاكد من الصورة
شواربنا المَعقوفة ،
تجاعيد وجوهنا ،
والغبار المتراكم على الأهداب
غبار الزمن الذي يلوي أعناقنا .
نقرأ مفردات ( بطاقاتنا التموينية ) ..
نَتخيل باطن الأرض والنعمة المُتدفقة والكنز الهائِل .
بُحيرات من الذهب الاسود
أكسير العصر
الويلات والدمار والحروب الطاحنة المتتالية .
بلد الأكثر أنتاجاً للنفط والغاز
والأكثر عوزاً للنفط والغاز .
نتخَيل الطوابير التَوزيع ، محطات الضخ ،
هراوات الشرطة والأصابع المُلوحة التي تلعن الهواء
وضَرب الكف بالكَف تَحسراً .
مِن خلفنا الأبراج العالية اللاهبة تَضخ دون هوادة
الأنابيب تتمدد عبر الصّحاري
نَتخيل الحُفر ، والشقوق ، في الطُرقات
الارصفة المُتهرئة الحواف والأطراف
لزوجة الطُرقات والقمامة.
نقرأ شعارات الحزبية والطائفية والدينية .
أعلانات تجلد واجهات الجدران ،
تُهللّ مع دشاديشنا وسراويلِنا .
لانقرأ فقط ،
بَل نَعشق قِراءتنا بالصّور أيضاً
لِتتوضح المعرفة في ذاكرتنا .
مثلا ً ..
صور المُرشحين من الوزراء وأعضاء البرلمان
( الزط والبرط ) .
صور قادتنا الأشاوش .
كروش مُتهدلة كبراميل النَفط
رؤوس بغال دون رقبة .
قبل عام تراشق نوابنا الأشاوس في ( بهو البرلمان )
بالأطباق والمَعالق ،
لأن البَعض منهم لم يَحصل على ( عَظمة ) في المَرق السحت
والآخرين كانوا
( يتمزمزون ) بشراهة غارقين في التلذذ والانبهار
لأن صاحبنا الطباخ مِن طائفتهم وشيعتهم
للأرضاء والتملق ملأ صحون أسياده بالعِظام .
ما علاقة العظام بالديمقراطية .. ؟
من يدري …
لربما هناك علاقة وثيقة بين ( الثريد ) والديمقراطيه ..!
لَم نقرأ فقط بَل نَحفظ أيضا ً.
لَنا ذاكرة مختومة بِذاكرة الأنبياء وعُظماء التاريخ .
نَحفظ أغانٍ للمُهرجين والذين يَضجون ويَعجون زعقاً ،
خارقين طبلات آذاننا
تسمعُها كل الشرائح الاجتماعية دون تميز
بَين طفل ومراهق ، و شيخ طاعن في السن.
نَستخدمه لِرنات ( هواتِفنا الخلوية )
نشاز لصفاء الفكر وخرق ٌ لآداب التَواجد والحضور
في الأندية العامة والاجتماعية .
نَحفظ أغاني ( ست هيفاء ) مقابل قصائد ( الجواهري ) .
( والبرتقالة ) ( ترررم ) ونهمل الشاعر ( السياب ) .
والسيد ( بقبوق ) مثلا ً
أكثر شهرة من ( الرصافي ) و ( الزهاوي ) .
حقا ً نحن أمة مُبدعة ، بِذاكرة وهاجَه
نقرأ الكثّير .